الحب كمفردة في اللغة وكمشاعر انسانية هي احد مصادر الهام الشاعر والشعلة المفجرة لإبداعاته ، يكتب الشاعر عن الحب بشكل مقدس وبطقوس غير اعتيادية وكأنه في "حوار شعري" وتستوقفنا قصيدة (على سبيل الحب) ولم يستخدم الشاعر عبارة(في سبيل الحب) الجملة الاعتيادية والمتداولة بل وضع (على) بدلا من (في) وقراءة القصيدة توحي بسبب هذه الاستعارة وتحويرها :
"أرتلك ألقا عابرا فوق الغيم، يساير مزاج الريح\ كلما استفاض الشوق\ ليطرح على صدر البساتين ثمرة ناضجة\ تستفز مداد الأقلام، روايات فنتازية وأشعار رمزية\ مطرزة بالنمش فوق جسدك\ ولك حينها أن تقولي أي شيء" هنا لوجود الشوق اصبح الحبيب لا يسير على الارض ليمكن رؤيته والتخلص من الحرمان بل هي في الاعالي ما بين الغيم والريح، لكنه ليس حبا محبطا للهمم بل هو ينتج سرديات واشعار تترك علامات على الجسد الحبيب، لا ينتمي الشاعر الى قافلة الشعراء المحرومين اصحاب القصائد الحب العذري، هو يحلق في فضاءات الحب لكنه يعود سريعا الى الواقع "اتركيني..\ ألملم ما سقط منك أقمارا صغيرة\ أدسها في حلمي عندما يملؤني الليل\ وتنام وسادتي تحت رؤوس الأمنيات \ تسترق الرؤى عند رياض الفجر\ حينها فقط\ سأنبئ الحالمين\ والعابثين\ والمعذبين\ والعاشقين\ ان ما رأيتموه لم يكن الا صورة واحدة\ وان ضحكات الأطفال التي تمايلت غنجا كانت رشفة صغيرة من ثنايا ثغرك" هكذا يتلاعب الشاعر بالقارئ فهو لا يستعين بخبراء الحب من (الحالمين والعابثين والمعذبين والعاشقين) ليأخذ منهم تجاربهم الفاشلة ويتجاوزها بل هو من يقدم لهم النصحية والموعظة، ويستفزهم لأنهم ما يرونه (ألا صورة واحدة)، لكن المفاجأة تأتي في المقطع الاخير من القصيدة " رغم هذا.. ربما لا تدركين أني أحبك\ كان علي التمرغ طويلا عند باب المدرسة\ كمراهق لا يجيد رسم شيء\ غير قلوب مثقوبة وأسماء مليئة بالأغلاط الإملائية\ ك اسمك مثلا"ص68-70 (قصيدة على سبيل الحب).
*التأويل في القصائد
يشعر القارئ بوجود مبالغات لغوية مقصودة في بعض القصائد وتأتي هذه المبالغة من ثقة الشاعر بإن القراء يشبهونه في التفكير والمشاعر (لا أعرف لماذا انسى صوتي كلما سمعت سقسقات العصافير وهي تغرد اسمك كاملا) و(حين يخذلني النعاس وأنا أكتب لك او عنك\ الحب يا صغيرتي\ أن أكون بركانا يحمل احتراقاتي وغضبي القابع في\ منذ أول لقاء بيننا) و(منذ كنا نمرح سوية عند القشلة\ حين رمينا أحلامنا البريئة في النهر\ الذي يبعد عن بيتنا مقدار احتضانه وقبلة) و(كان علي ارتداء الجينز كلما خرجنا سوية\ نقشر غلاف المساءات الحبلى بالحنين\ وأن اترك ربطة العنق التي ما زالت تخنق في كل مشهد من مشاهدك البريئة\ وان أخبرك دائما أنك امرأتي وحسب\ كي أسكت فيك الطفلة التي تصرخ بوجه الريح\ وأن أخبرك بأن الابيض الذي ارتداك آخر مرة\ كان أنيقا، أنيقا جدا).
الخاتمة
لغة المرواغة واستعارة الصور عند الشاعر (احمد حميد الخزعلي) تنبثق من الذاكرة المرتبطة بالتأمل، هو يفتح افاق في فضاء واسع للقراء للمشاركة والتأويل ، قراء القصيدة بقدر ما يشعرون بالسعادة لكنهم يشعرون ايضا بالحزن وتصل اليهم معاناة الشاعر واغترابه، قصائد نثرية تعانق الموروث لصناعة كلمات تحمل معاني عميقة.
"المصادفة يا صغيرتي..
أن أرى سنواتك تنضج قربي فاكهة صيفية
وأنا صيام رغم اجتياح الليل" ص82 قصيدة( وجوه ملونة)
انتهت