اكثر من اربعين قصيدة نثرية تنوعت ما بين التفاعل مع قضايا الوطن وادانة الحروب وتمجيد الحب، يقدمها لنا الشاعر الشاب (أحمد حميد الخزعلي) في مجموعته التي تعمد ان يكون عنوانها غريبا (اششش لا توقظوا الحرب) وكان يمكن ان لا تكون هناك كلمة الاشارة الى السكوت والصمت (اششش) لكنه تعمد وضعها لأن الحرب في العراق نومها ضعيف جدا وغالبا ما تنهض ويصيبها الارق فتخلق القلق وتبقى تحصد بالبشر، ومن هنا جاء الاهداء " الى كل الجنود الذين التحفوا غطاء الأرض \وابتعدوا عنا دون عناق\ سأقرأ على ارواحكم ما تيسر من قصائدي \ حتى نلتقي في حرب قادمة\ كونوا بخير.."ص6
جمال الايقاع
قصائد النثر تحتاج الى مستمع اكثر مما تحتاج الى قارئ ، لأن الاذن المتلقية والمستقبلة تتفاعل مع ايقاع الصوت في تلك القصائد ولذلك كنت اقرأ قصائد احمد بصوت مسموع ، فهو لا تشعر بغضبه المكبوت تجاه شدة وطأة الحرب الذي ولد مع انطلاقها الاولى (من مواليد 1979) بل هو لا يريد ان يوقظ هذه الحروب فكان مشروعه الشعري هادئ يجعل القارئ يتجاوب مع صدقه الابداعي بصدق مماثل ، ونتذوق مذاقا جديدا في اختياره للكلمات والمعاني " الأطفال يلعبون في الشوارع\ كي لا يوقظوا الآباء\ وهم يخلدون للأحلام على ناصية المدن\ إلا ابن جارتي\ يرفع صوته في أرجاء البيت كل يوم\ كي يوقظ أباه الذي نام طويلا\ منذ آخر صافرة للحرب"1 ص99(قصيدة فقد)
الالم مصدر الابداع
في قصائد المجموعة تجد ان هناك حزنا عميقا، والشاعر يعترف بأن الكتابة تخفف احزانه والمه، فالقصائد تنطلق من تجربة الالم الذي لا يطاق والذي لا يمكن تهدئته الا بالوهم – الشعر "اننا لا يمكن أن ننعم بابتسامة خجولة من شفاه المدن\ المدن المثقلة بالحروب\ كان عليها متابعة الأمور جيدا\ فكلما حفظت ثلاجة الموتى، أسرار الجنود\ تنصل النهر من حفظ بقاياه الملونة\ أسفل القاع"ص58( قصديدة الأسرار طازجة دائما)
وعي الشعر
الفلسفة كان لها حضورا في شعر احمد ، وهو كما يرى ان الحب معادل ضد اليأس والعزلة والموت- والتي سنقف عندها في الجزء الثاني من القراءة- ، فهو يرى في الفلسفة قدرة على تحويل لغته الى لغة جديدة "أنا شاعر سيء\ لا أجيد الهروب من نافذه العالم\ كما لا اجيد مداعبة القصائد العارية\ يربكني النهد\ كلما اهتز راقصا\ على انغام الرصاص\ اقف وحيدا\ مثل سكير نسي كل شيء\ عند اعتاب مدينة\ لا تجيد سوى المضاجعة" ص100 (قصيدة هامش)
تمتاز قصائد الشاعر احمد حميد الخزعلي بأنها من القصائد المحكية، وهو من الشعراء الذين لا تقودهم اللغة بل يعمل على ترويض اللغة لمشروعه الشعري.
يتبع
*قراءة في مجموعة قصائد النثر للشاعر (أحمد حميد الخزعلي)