سبعة كتب جديدة تنضم لمنشورات اتحاد الأدباء في حقول إبداعية مختلفة
بنجاح وتميّز كبيرين.. مهرجان الحبوبي السابع يختتم أعماله في ذي قار
كلمة الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق بمناسبة افتتاح مهرجان الحبّوبي/ الدورة السابعة
بمشاركة متخصّصين أكفاء.. مؤتمر الأدب الشعبي في اتحاد الأدباء يزهر بجماله ومعرفته
"أوراق الطفل الوقح/ عزرا باوند قارئاً جيمس جويس" ترجمة جديدة بمنشورات الاتحاد
أكثر ما يستدلُ عليهِ القارئ بعد التمعن في النص : استبطاناً\ استنطاقاً \ استقراءً ، هو الحصيلة المبتغى منها ؛ معرفة كنهة الرؤى التي من ورائها كان ذلك المتن . فيتجلى ذلك لاحقاً قراءةً ، بأن الشاعر قدَ بني أساسه على المناورة ، الحوار بالتناوب والتكرار في اشتغاله ، هذا الاشتغال ؛ أو قُل التوظيف أصلاً ، يستمدهُ من مسرح الحياة - الطبيعة - الدورة الحتمية .
فالتكوين الفلسفي – الصوفي والمتناقضات والمقاربة ومقارنة الشيء بالشيء أيهما الأصلح ، لذا كانت مناورتهِ موفقة كلياً بتدرجات الحالة الذي أراد منها الشاعر شاؤول ... ثم أخذهِ بالحد المعقول من البناء الذي صنعهُ ، كما هو انتقال العين من تتابع النظرة من بقعةِ لأخرى تزاوج بها اللونية بتشكيل لوناً آخر متجانساً قدر الإمكان مع رؤاهُ التي أراد صياغتها ..
يلاحظ في قصيدتهِ " دورة الجسد " بأنهُ تناول المحور الأساسي لذلك البناء ألا وهو " القمر " الذي أدرك دورتهِ – منازلهِ – تحولاتهِ ، وقد شكل – نسج – صاغ ، حول هذهِ المثابة بما يخالج رؤاهُ . قارن بهِ أي " القمر " أوقات اليوم بتناوبها ، لذا رص أدواتهِ أو رصفها كي تكون دعامة ذاك الأساس ، وقد وفق في ذكر أسمي الإشارة للحدث البعيد – المسميات مذكر \ مؤنث – اللحظة بـ ذلك – تلك ؛ وما ترتب عليهما من معرفة الوقت بهما ، بدليل الحدث فترة " الظهيرة " لذلك ذكر تلك " الظهيرة " دون سواها في المشهد وبإمكانهِ أن يوظف " الظهر " بدلاً عنها وتنتفي الحاجة إلى التذكير ، غير أنهُ شخصها كي يكون التساؤل عليها أكثر .
هي التي أي " الظهيرة " أفضت على دورة الجسد بالتبادلات لاحقاً ، فكان الماضي هو المعني بأحداثهِ لمناورتهِ أي " الجسد – الكلام في تبادل الأدوار معاً ، كثنائي متتابع ولقاؤهما في الزمان – الصباح – الظهيرة – المساء " العصر " الليل – وصولاً إلى الفجر معززاً بتحولات القمر كمطابقة لتقويم نهاري – أرضي يقابلهُ مواقيت سماوية كما في التحولات \ هلال – تربيع أول – تربيع ثاني – بدر – محاق ، واستهلال غرة الشهر القمري - هلال - ثم يتابع دورتهِ وينتهي ثم يبدأ بـ هلال آخر . إن التدرج الحياتي متلازمة منذ نشوء الحياة ، هذه العوالم الأثيرية التي تناولها الشاعر تكتنفها شطحات صوفية تتوالد في جسد النص أبداً :
كان القمرُ أخضرَ
ذلك الصباح
الجسد من أعشاب غزيرة
الكلام من أوراق لا تنتهي
= حيوية
أستهل بـ كان في الماضي وأستمر توظيفهُ في الفقرات اللاحقة حسب دورة اليوم ، ربما من التماهي جُعل للقمر اللون الأخضر ، محاكاة الماضي . هذه في رؤى وأخيلة الشعراء تُعبر عن تفاؤلهم بهذا اللون لاسيما وأنهُ القمر المؤثر في حياتنا اليومية ، حيثُ إن الأبحاث العلمية – الفلكية أثبتت باكتساء القمر صبغة خضراء ناتجة عن اقترابه من إحدى الكواكب المشعة مثل أورانوس أو كما قيل ، ربما " وقد يحدث اكتساب – الطبيعة من تلك الصبغة إلا أنها غير مرئية للعيان ، كذلك الكلام من أوراق خضر قدْ لا تنتهي بنمائها :
كان القمرُ أخضر
تلك الظهيرة
الجسد من مدينة كسلى
الكلام من نخيل مستقيم
= خمول
هُنا ، وكما أسلفنا بأن المحورية هي القمر ، لكن يبدو ثابتاً بلونهِ الأخضر ، لكن التبدلات تطرأ بالدورة الحتمية للزمن ، فهنا " الظهيرة " قد تؤثر على الجسد حيثُ يكتنفهُ الخمول " القيلولة " والجسد – خامل – كسول في تلك الفترة ، الكلام – توهج – استرسال وهكذا لبقية القاطع الأخرى ، فالتبدل في عنصر الزمن اليومي هو الأكثر حضوراً ، فأقسام النهار – الصبح – الظهر – المساء – الليل – الفجر وما ذكرتها ومن تحولاتها في الجسد والكلام في حالة الشطحة لما فيهما من تشابك في التوظيف :
كان القمرُ أخضرَ
ذلك المساء
الجسد من بياض شاسع
الكلام من ظِلال مرتعشة
إن المفارقات والمتناقضات تبدو جليّةً في هذا المقطع ، إن كان المساءُ ليلُ ، أما إن المساء الذي يقصدهُ ساعة الزوال " العصر " فالحالة تتغير وقد يوافق التوظيف التالي .
المساء ، الجسد = بياض شاسع
الكلام = ظِلال مرتعشة
= الإشراق
رغم أن سكون الوقت يخيم على الأجواء فكيف قدْ حصل هذا ؟!.... ربما في ذهنية الشاعر بتلك التبدلات الطارئة والمشحونة بغرابة محبّبة ليس إلا :
كان القمرُ أخضرَ
ذلك الليل
الجسد عُتمة الأصابع
الكلام من غيبوبة النهر
فالقمر مثابة ساكنة وثيمة محورية على تفاعل النص بتبدلاتهِ
الجسد \ عتمة = الكلام غيبوبة \ تطابق
الجسد \ أصابع
الكلام \ النهر
= السبات الآني
من هذهِ المفردات قد نستدل بأن الوقت فعلاً " الليل " بسباتهِ .
كان القمرُ أخضرَ
ذلك الفجر
الجسد من أسِرةً مُتعبةً
الكلام من حواس تُقِبل
أسِرةً متعبة
حواس تُقِبل
=التوهج الطازج
يمكن هنا أن تصحُ المناورة بين مقطعي – المساء والفجر ، بالتبادل النص كي يصلح زمانياً ، وخاصةً في تحول الجسد ، فالإشراق فجراً أدق وأرصن من المساء .. لكن للشاعر خصوصية قد لا ندرك ما يراد في مخيالهِ الشعري .وقد وظفها وفق هذهِ الصيغة المكتوبة ، ثم يختم النص مثلما بدأ بدورة حياتية وحتمية إن صح التعبير بدلالتها :
كان القمرُ أخضرَ
ذلك الصباح
هكذا أكملت دورة الجسد حياتياً – الكلام سردياً – وثالثهما القمر زمانياً .
وحسب أقوال العلماء بأن القمر لهُ تأثير بائن على سلوكيات الإنسان وخاصة في دورة اكتماله " البدر " حيثُ يُلاحظ بأن معدلات الجرائم تنتشرُ والحالات النفسية تتأزم ، فإن هذهِ الظاهرة مرصودة عياناً وخاصة " المرضى القمريون " فتفسر هذهِ الحالات من إن ظاهرة المد والجزر لها التأثير المباشر بذلك ، فكلما ترتفع مياه البحار ترتفع مستويات سوائل الهرمونات في الجسم ، وهكذا تؤثر في ضغط الدم والحالة النفسية ، هذا ما أرادهُ الشاعر من تأكيد وتكرار القمر في كل مقاطعهِ .