حكاياتُ الغيم
تبدو الحكايةُ بعضَ الشيءِ واضحةً
فليسَ للماءِ لونٌ لا يفسرُهُ
وليسَ للطينِ إلا أنْ يكونَ لهُ
ظلاً قصيراً ضياءُ اللهِ ينثرُهُ
لكنّما السرُ في ترحالِ غيمتِهِ
تسري لتكسرَ تاريخاَ يؤطرُهُ
نحنُ الغيومَ مراسيلٌ تبوحُ بما
يعني اليبابُ وكيفَ الماءُ يسترُهُ
بدأُ الحكايةِ : كانَ الماءُ منفرداٍ
وكانَ كالسرِ لا أمواجَ تشهرُهُ
وفوقَهُ العرشُ ظلٌ للذينَ...
ولم يكنْ لهُ بشرٌ
- من كانَ يكبرُهُ
لا سرَ في الأمرِ كانَ الماءُ ممتثلاً
لأمرِهِ ويؤدي ما يقررُهُ
فكانَ ما كانَ , كانَ الطينُ معجمَهُ
فكوّنَ الطينَ حتى صارَ أشعرُهُ
وكانتِ الناسُ، كانَ الكونُ، كنتُ أنا
فرحتُ أدخلُ تاريخاً وأعبرُهُ
وكذبةُ العمرِ تجري في دمي فإذا
فاضَ الربيعُ على وجهي أمطّرُهُ
لكي أظلَّ صغيرَ الدهرِ يكبرُ ما
حولي وسوطُ فحيحِ الموتِ يزجرُهُ
وهكذا الناسُ كانوا كلُّهم ورقاً
يخضرُّ عمراً ليومٕ بانَ أصفرُهُ
كانوا جميعاً رفاقي بيدَ أنهمُ
شعرٌ يخافُ ذراعُ الغيبِ يسطرُهُ
لكنْ سأذكرُ شخصاً كنتُ أصحبُهُ
ألفاً وضُيّعَ في الأخشابِ أكثرُهُ
وكانَ كالنملِ يسعى ظلَّ مقتنعاً
بموعدِ الماءِ والأجيالُ تنكرُهُ
فصرتُ أرقبُ ما في الكونِ أيُ يدٕ
تحنو على الطينِ هذا سوفَ تعصرُهُ
حتى تجبّرَ في تنورهِ لهبٌ
وجلجلَ الرعدُ حتى فارَ مجمرُهُ
وقيلَ للغيمِ كنْ ماءً فصرتُ أنا
موجاً أضمُّ رفيقي ثم أنحرُهُ
وبعدَ كسرةِ وقتٕ مرّ بي وطنٌ
يعلو به الطورُ والأهرامُ تكسرُهُ
أرى أماميَ طفلاً لم يجد أحدا
بسنهِ أو نبؤاتٕ تبشرُهُ
رأيتُهُ مرةً تهديهِ سيدةً
الى المياه لعل الموجَ ينصرُهُ
ويصبح الطفل في عين الزمان فتىً
يهابهُ البحر والأمواج تحذرُهُ
فيصبح البحر رتقاً في يديه ولا
يقوى على البحر الا من يفسرُهُ
هنا ستُطبَقُ أفواه الكلام فلا
يقوى على الماء الا من يقدرُهُ