مسرحية حوار الشمعة والالعاب النارية
الشمعة : انا مضرب الأمثال في بعث النور حولي باحتراقي.
الألعاب : وأنا مصدر بهجة وسعادة للأولاد أيام الأعياد والافراح .نورك لا يكفي لينير الليل الكئيب، ولا يبهج ليل الحزانى والفقراء.
الشمعة : نوري ينير الدروب ومجالس الأحباب والأبصار عند القراءة.
الألعاب : نوري ساطع مبهر و يومض عالياً في السماء.
الشمعة : نوري هادئ رزين وللرزينين من الأشخاص ولست للأولاد.
الألعاب : نوري للأيام الخاصة والاحتفالية للمقبلين على الحياة.
الشمعة : ما فائدة ومضة في ظلام دائم في ليل دامس طويل.
الألعاب : الومضة تبقى تنير وتزداد في العقول بعد انطفائها واختفائها عن أعين الناظرين.
الشمعة : نورك لا يكفي العين لقراءتها سطراً في كتاب.
الألعاب : نوري يفتح الذهن ليفهم كتاباً من دون حاجة لعينيه.
الشمعة : نورك قنبلة تنفجر ولا تترك غير الظلام والدمار.
الألعاب : ليست الحياة بطولها وانما بعمقها وما تتركه من أثر . ان فلاش آلة التصوير القديمة اندثرت ولكن ضوءها خلّف آلاف الصور وهي باقية لابد الدهر ،بينما حريق روما راح واندثر فيحينه.
الشمعة : ما ينجز في ثمانين سنة ليس كالذي ينجز في عشرين سنة. في المحصلة النهائية، الموت بانتظار كلينا.
الالعاب : ما فائدة شجرة معمرة بلا ثمر قياساً بشتلة او شجيرة مثمرة تشبع الجائع؟ العبرة بالنوعية لا بالكمية.
الشمعة : الاشجار المعمرة تعطي الظلال للاجئين إليها من لهيب الشمس الحارقة.
الألعاب : بل للباحثين عن الكسل والخدر وغفوة القيلولة.
الشمعة : لا ضير في ذلك، انها الراحة التي يسعى اليها الجميع.
الألعاب : نهايتي مثل نهاية الأنبياء والثوار، وأكون أيقونة تهدي من اضل السبيل.
الشمعة : وهذا ما افعله انا أيضاً.
الألعاب : ان جبال من الاحجار لا تساوي قطعة الماس صغيرة. انت تنيرين السبيل لأبصارهم، وانا انير بصيرتهم. وانا ابقى خالدة حتى بعد أنطفائي، اما انت فمصيرك النسيان حتى قبل انطفائك.
الشمعة : ما اقدمه انا في الثمانين عاماً التي انير فيها يتساوى مع ما تقدمينه انت في ثلاثين عاماً تعيشينها؟
الألعاب : هذه الأمور لا تقاس بالمنطق الرياضي.
الشمعة : وليس من الحكمة والمنطق ان أتنازل عن خمسين عاماً من عمري.
الألعاب : وبهذا ستكونين قد اخترت نهايتك بنفسك، وهي ان تموتي كالشحاذين في الشوارع، يتم العثور عليهم ميتين قبل عدة ايام فوق إحدى المزابل.
الشمعة : أرجو أن تحفظي لسانك ، أيتها الطائشة الرعناء.
الألعاب : عفواً، انا ما قصدت الإساءة ولا الإهانة. انه مجرد تشبيه ومثال ليس اكثر. أكرر اعتذاري.
الشمعة :....
الألعاب : الحياة نفسها هي ومضة في عمر الزمن ،فلنجعل من وجودنا القصير فيها ومضة قصيرة خالدة يتردد صداها عبر الأزمان.
الشمعة : ما يهمني وما أسعى أن أكونه هو ومضة طويلة، واجتهد لمد فترة إنارتي أطول ما يمكن.
الألعاب : وما يهمني وما أسعى إليه هو أن يكون وميضي مشعاً بقدر ما يمكنني ذلك. كما نرمي حصاة صغيرة في ماء راكد، فتتناسل أمواج دائرية دائرة تتبع اختها، رغم نزول الحصاة إلى القاع.
الشمعة : نفسي وذاتي هي الشيء الرئيسي لدي ، وكل ما عدا ذلك ثانوي.
الألعاب : ما أحلى أن تذوب ذاتي في الوجود كله.
الشمعة : وما نفعي من الوجود، إن لم يكن لذاتي وجود فيه ؟ الحياة تمنح لنا مرة واحدة وإلى الأبد.
الألعاب : فلأصنع لذاتي الخلود في جزيئات الوجود الأبدية. ولكن زهرة صغيرة وقصيرة العمر فواح عطرها للأبد.
الشمعة : لكن صخرة هامدة حتى ولو في صحراء قاحلة، المهم عندي هو أن أبقى ، وهذا هو الخلود في نظري.
الألعاب : تريدين الخلود حتى لو كنت على شكل صخرة؟
الشمعة : حتى لو كنت صخرة أو رمالاً أو سراباً في صحراء.
الألعاب : سعادة الخلود في العطاء وليس في الأخذ.
الشمعة : لم أكن ساذجاً مثل زهرتك تفوح لغيري. فأنا ما أن أنتهي وانطفئ أمنح لغيري الظلام من بعدي. ومن بعدي لا ينزل المطر ، ما دمت لم أشرب أنا منه.
الألعاب : همّ كل البشرية هو أن تمنح الآخرين الحياة، وبذلك يتجسد خلودها. شتان بين الإنسان والتمثال، فالتماثيل لا تمنح الحياة للغير.
الشمعة : حوارنا لن يغير من طبيعتنا شيئاً.
الألعاب : بل من اصطدام حجرين تقدح الشرارة.
الشمعة : كلا يا عزيزتي،" فليمت" كل منا على الجنب الذي يريحه.