*يقول صديقي الاثير وايتمان، ان الحقول الخضر والسعات النظر هي التي تحفز الروح على كتابة الشعر!!
تلك اشارة ظلت عالقة لاماد طويلة في ذاكرتي، مع سؤال لايريد مبارحة النفس ارضاءً لتلك الاجابات التي دونتها هنا وهناك، الاخضرار هو معنى الطراوة والحياة، لهذا جاءت شعريات السياب اقرب الى الروح، فلقد وضع متلقيه بين شباك وفيقة ونهر بويب الذي صاغه من وهم عشقه، طراواة المخضرين بهواجس الشعر والاغاني والملحنات والنواحي ، تقابلها صيغ مدنية جافة، عزلة حجرية مع انغماس بلذات واهمة، المدينة، كل المدن هي خرافات تدفع الى العزلة والخوف والقلق الذي لايمنح الشعر سوى اسئلة غريبة وميتافيزقية، لاتمنح متلقيها غير لحظات انكسار مأخوذة بالدهشة، داخل تلك الارتباكات وجد عمار المسعودي نفسه الطرية، الباحثة عن حلول اشكالوية، تفسر له كل ما يمكن ان يوقف مساعيه بأتجاه نفحات الجمال، الاخضرار، منحه حنجرة عقل، مصحوبة بنبرات سردية خاصة به، ربما اكتشفها ذات لحظة وجد وهيام، ولربما ساحت روحه مع مساحات الحكايات التي جعلت منه منصتاً ومحللا، يقترب من الواقع لكنه مايلبث عن يبتعد عنه، لينغمس بدوائر حادة من الاسئلة الفلسفية التي يطالبها بأن تعيد التوازن الى قواه الشعرية، رغم انزياحه المعرفي الاكاديمي، الانه وقف عند المنتصف، محاولاً ايجاد تلك المعادلات الروحية، بين الجفاف الاكاديمي، وليونه الشعرية التي تروح فتق عبوات مكامنه، لايحبذ عمار المسعودي الخلط بين جهتي اللعبة، وتلك مهمة صعبة يقع فيها الكثير ممن اراد المزاوجة بين الدرس الاكاديمي وعفوية الشعر ومكتشفاته الروحية، كيف يمكن ايجاد لحظة للفكاك؟
ذاك ماراك عمار المسعودي يبحث عنه ويتقصاه، عله يجد برهة انحياز للشعر لانه اكثر اهمية وابقى ، يتلاشى الاكاديمي ذات يوم مع كل مدروساته التي تتغير مع لحظات الايام، لكن الشعر لايمكن تغييره او شطبه، سؤال قلته يوماً للدكتور علي جواد الطاهر، معلمنا ماذا لو اتم الجواهري درسة الاكاديمي اكان يبقى من شاعريته ما يثير الدهشة؟
قال ، انت تحاول دخول المناطق الوعرة ثمة ارواح لاتقترب من امكنة غير امكنة الشعر، وان دخلت خطأً وجدنها تسقط في تراجعات اللونية وتحجر الصور البنائية للقصيدة؟
ينطبق الحال على المسعودي، الذي يروم تاثيث ذاته الشعرية بجرأرة الاختيار، والمكنة من قيادة الصورة والثيمة الشعرية الى ما يرغب فيه، وهو بهذا قد يتفرد داخل اروقة الضجيج الشعري، الذي ساد وجودنا منذ التغيير حتى لحظة الحزن هذه، كيف يحافظ المسعودي على هذا الاتزان المعرفي، وكيف يعيش لحظات الانفصام مابين اكاديميته وشاعريته؟
تتوافر سرديات المسعودي على قصديات تبدو لاول وهلة داخل المألوف اليومي الاجتماعي والسياسي، لكن متلقيه وعند سبر الاغوار سيجد ثيم الاختلاف وفعاليات البناء المشهدي المتسلسل مع دراية بالحيثيات ومحفوفاتها ولواحقها التكاملية، هذا ماميز المسعودي عن مجايليه، روح ناعمة، مع لغة انعم وادق معرفية في تفاصيل التوصيل، ولانه يفكر باخضرار الارض تاخذه شعريته الى متون عارفة متزنة ازاء القلق الانساني العام ، وهذه وحدة من خصائق الاشتغال لدى المسعودي ايضاً، داخل النص الذي قد يمتد الى ازمنة تتلاحق نجد ان الخيارات الامثل هي الانحياز للجمال ، وهذا ما اشر المسعودي، كفاعل شعري يمكنه ان يقيم لنصوصه صرحاً لايستهان به داخل الارثية الشعرية العراقية والعربية، ولن يحصل هذا الا بمساعدة النقدية العراقية، بتقديم المسعودي كواحد من بهاء الشعر العراقي والجاد في قراءات قيمه واخلاقياته ومعطياته الجمالية، المتلقي وضمن حدود تلق خاصة جدا يعرف من هو عمار المسعودي، لكنه يبحث عن السعة والانتشار والاعلان عن جديديات الشعر وجودته، !!