شيماء ثائر | شاعرة عراقية
"يقتلُ الأطفال الضفادع بهزل، لكن الضفادع تموت بجدية."
جاك بريفر
لم أتمكن من تجاوز الجملة مذ أُلقيت علي
رأيتُ في العبارة مرآة ناعسة تعكس عمق التناقض بين النوايا البريئة والنتائج المأساوية.
تبدو الجملة بسيطة لكنها تحمل في جوفها تساؤلات موجعة عن اللاوعي، واللامبالاة، ووزن الكلمات والأفعال التي نظنها خفيفة، بينما تثقل كاهل الآخر بثقل لا يُحتمل.
الطفل لا يعلم أنه قاتل.
هو يلهو، يضحك، يركض بعصاه خلف كائن صغير لا يعني له سوى لعبة متقافزة.
لكنه دون أن يدرك، ينهي حياة...
والضفدع لا يفهم المزاح، ولا يرى البراءة في يد تدهسه، بل يعرف الحقيقة المطلقة: الموت لا يفرق بين نية طيبة وضربة صادقة.
وهكذا، تكشف المقولة عن مأساة إنسانية أوسع.
كم مرة قلنا شيئًا على سبيل "الدعابة"،
فضربنا قلبًا هشًا؟
كم مرة عبثنا بجملة ساخرة، فخلّفنا جرحًا لا يظهر للعين، لكنه يبقى كندبة لا تزول في صدر من سمع؟
الضفدع هنا ليس كائنًا بعينه، بل رمز لكل ضعيف، لكل من لا يملك القدرة على الردّ، أو تبرير ألمه، أو حتى إقناع الآخرين أن موته لم يكن نكتة.
وفي المقابل، الطفل ليس دائمًا صغيرًا… بل قد يكون بالغًا، مُعلِّمًا، حبيبًا، صديقًا…
يضحك، يلهو، يستهين،
ويترك خلفه ضفادع تموت كل يوم في صمت.
ما تقوله هذه العبارة ليس فقط عن براءة الطفولة، بل عن خطورة (اللامسؤولية العاطفية) حين نمنح أنفسنا حق اللهو على حساب الآخر، متناسين أن كل ما يخرج منّا، حتى لو لم يُقصد به الإيذاء، قد يُصيب أحدهم في نقطة لا شفاء لها.
ما يُقال بخفة، قد يُستقبل بثقل.
وأنّ في عالم الأرواح،
هناك ضفادع كثيرة تموت…
ولا أحد يكتب نعيها.