بكامل جماله وعمق محتوى كتبه.. جناح منشورات الأدباء ينتظر افتتاح معرض العراق
سبعة كتب جديدة تنضم لمنشورات اتحاد الأدباء في حقول إبداعية مختلفة
بنجاح وتميّز كبيرين.. مهرجان الحبوبي السابع يختتم أعماله في ذي قار
كلمة الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق بمناسبة افتتاح مهرجان الحبّوبي/ الدورة السابعة
بمشاركة متخصّصين أكفاء.. مؤتمر الأدب الشعبي في اتحاد الأدباء يزهر بجماله ومعرفته
"أوراق الطفل الوقح/ عزرا باوند قارئاً جيمس جويس" ترجمة جديدة بمنشورات الاتحاد
" الى الفنان سعد جاسم الزبيدي
واحلامنا المتراكمة في سوق الحطابات "
يقدم الفنان فؤاد شاكر في صورة رقم (1) فضاء مغلقاً لا يؤدي الى فضاء اخر، انه مكان انطوى على ذاته الجغرافية وارتضى الانغلاق محتضناً ذاكرة تاريخ خاص ، طويل جداً . مكان قاوم حدّية الانغلاق من خلال انفتاح فضاء ، هو مفتوح رمزياً وبصفته الدينية ، لذا كانت سماء الصورة / النص مفتوحة وتقود عبر سيمياء الفوتغراف الى قراءة ذات علاقة وطيدة مع المقدسة والمعتقد به اعتقاداً مع ابدية النصوص البكرية الاولى المتماهية بسريتها مع سرية المطلق . هذه اللقطة / النص ، حاضنة لمجتمع صغير يقود الى تأويل النص المؤطر وسط تلك التفاصيل وخارجها ليكون نصاً مفتوحاً الى الابد ، وينشط في القراءة كثيراً .
الفضاء معتم ، يخيم عليه ظلال فوقيه لم تستطع الشمس النازلة من الفضاء العلوي على تبرير تلك الظلال الداكنة واضاءة الوجوه ، لقد ضاعت الاجساد ، فقدت ملامحها وارتضت بحدودها الخارجية . ومما يخفف حدة الانغلاق المكاني ازدحامه بالطفولة المظللة بالحزن واختناق الذاكرة بازدحامات التاريخ بشواهد مرئية واخرى مسموعة ، متوارثة ، لان الامكنة تنتج مروياتها وتوجد مضمونها وتؤسس ذاكرة يقظة تمسك بكل ذاك التاريخ الطويل ... ومثلما يفيض فؤاد شاكر بحساسية عالمية في التعامل مع الامكنة ، فانه لا يستطيع مقاومة وحشة المكان ، فيزرع فيه الحياة . ولم يكتف بها في صورة / نص رقم (1) بل دوّن بذرة الحياة وسط انغلاق ذاك المكان .. الطفولة ، الاحلام البريئة التي اختارت مدخلاً لبيتها كي تكون هناك ، تحت مساقط ضوء الشمس النازل من السماء ، لان للاماكن سماواتها الخاصة ، واضاءت سماء المكان بنورها بذرة الحياة في الشارع الضيق والمسدود وكانت الطفولة هي الوحيد مشعة ، وغير معتمة ، او غارقة في الظلال انها شعرية التعامل مع المكان / واسطورية الحلم الذي لف هذه الاجساد وسط ظلال / ظلام المكان والطفولة ماثلة فيه ، ممتدة في مساحة هي اختارتها من اجل نسيج الحلم الاسطورة ، نسيج اسطورة المكان وعلاقة الانسان / الحياة به وتظل الطفولة سيدة الصورة / النص في اغلب اعماله ، من اجل الاستعانة بها ، ليوفر لابداعاته الشعرية العالية / والحلم / والاسطرة احياناً . وتظل ــ ايضا ــ عين ذاكرة فؤاد شاكر واجهة / صامته ، لا تستطيع المجاورة مع الشواهد المكانية والمشاهد الحياتية ، الا عندما تحتضن عتباتها الطفولة وهذا واضح في صوره 1، 3 ،4 .
" ان مسعى فؤاد شاكر الفني هو تحويل الحلم الى واقع . في كل لوحة ثمة أشياء تحلم حتى البشر ، حلمهم يكمن في تجميد اللقطة التي هو عليها كي يوصلهم الى زمن آخر . وحلمهم يكمن في انهم سلالة لأجيال عاشت الأمكنة نفسها ، ولم تسنح الفرص لهم أن يقولوا صوراً . وكل الاحلام ما هي الا نتوءاُ واخزاً في مخيلة شعبية سعى الفنان الى الركض وراءها ومتابعتها كي يفهمها " .
يفيض الشعر والحلم عبر التوكيد على المكان وأسطورة الانفتاح والانغلاق ، هذه الثنائية التي عرفتها الحياة منذ الابتداء ، ثنائية متناقضة ، وديمومتها في هذا الاختلاف والتناقض . في صورة / نص "3" مكان قريب بملامح وجهه وجسده من المكان السابق ، لكن الاختلاف غياب أو قرب غياب الكائن المكتمل ، الممثل له في الشبح المغادر نحو نهاية الشارع / الضوء ، وبقاء الطفولة وأسطورتها مندهشة من شيء لم نعرفه نحن ، ولكن بالامكان قراءة المخفي ، ربما هو الحلم الوامض الذي أدهش هذه الطفولة وهي غارقة بنورها السماء ، سماء المكان التي اختارت الطفلة / الحلم الوقوف تحتها . وبين سماء مفتوحة وظلال خفيفة ، تصعد حكاية الشعر في علاقته مع طفولة ، بدت بتاج ضوئي ، حطَّ فوق رأسها ، وليغمرها مثل الدهشة الى الابد وفي مكان لن تغادره ، وفي زمان حوط أحلامها نهائياً وظلت ترقبها ، تحدّق بها ، غير مصدقة ، هي أحلام الذي سبق ولم يشاهدها ، أم هي أحلام الطفولة المكتشفة تواً في الصورة / نص رقم "4" مكتشفة وباندهاش لذيذ ، بأن النور المتسلل اليها ، ومواجهاً لها بشكل مباشر ، هو حزمة أحلام لا تحمل معها غير الدهشة والارتياب ، الا انه ارتياب شفيف ، فيه الحذر ، وفيه الترقب ، يختلط مع التشوق لشيء سري ، لم تستطع الطفولة الملتذّة الى عمود غيبته الظلمة ، وغادر حاضنته التاريخية الازلية ، عندما كان معبوداً ، لم يفترق كثيراً عن الذكورة وحضارتها . فهل كانت حركة الطفلة في صورة / نص "4" هروباً نحو الأبوة وهيمنة الحماية ، خوفاً من شيء لم نستطع التوصل اليه ؟ الا انها بقت حذرة ، وهي تسبح وسط نور أحلامها ، وضوء مكان شعَّ من أجل التماع الماس الطفولة . وهذا لا يعني بأن فؤاد شاكر شخص عتمي ــــــــ / محب للعتمة ، انه كائن ضوئي ـــــــ كما قال مجيد السامرائي ــــــ شفاف ، حتى لكأن العتمة إذا ما غمرته تفطر كأنه قارورة ناعمة . لكن فؤاد يضع في العتمة مخلوقاته المضيئة .. كي يضفي عليها من روحه ، ومن يده ومن رؤاه ؟ انه اذ يتحد مع التوأمين ـــــ المتصارعين ــــ المتصالحين [ العتمة والنور ] لا ينتصر للنور ـــــ كمخلوق خير على حساب العتمة ، بل انه يرى في هذا الصراع المتناغم والطويل الامد ، والذي يمتد من فجر الابدية . يرى في هذا الصراع لعبة تستهويه ، حدّ أنه يقذفه بروحه القلقة في لجتها حد " التعاشق " .
للطفولة دهشتها وأحلامها . وللشباب مخاوفه ومحاذره ، وللكبار دهشة كذلك ، ومن هو بقادر على فك اشتباك الدهشتين وعزل أحدهما عن الآخر ، ورصفها بجانب زمنها ومكانها / لا أعتقد ، لولا قراءة الملامح التي تحيل الى موجهات الزمان والمكان وفي صورته / نصه رقم "2" دهشة بكرية ، تشع ببراءة لا مثيل لها ، الا في دهشات الاطفال . امرأة مستكينة أمام باب أحلامها ، تراقب تراكمها في داخل بيت لم يبق به أحد وهي آخر المغادرين الى عتبة السنين في الشارع ، حيث مساحة النور أكثر ، وكأن الفنان يناغم بين المراحل العمرية وكميات النور التي يساقطها فوق الرؤوس ، كي تشع الذاكرات وتضيء الوجوه وملامحها . امرأة مندهشة ، لكنها غير خائفة والنور مجاورها ، أعاد صياغة الشناشيل ظلالاً ، وكأنها منحيات من أصل الجدار ، هل كانت دهشة الانوثة من أسطورة مشهد لم تره من قبل ؟ أم لعودة غائب لمحته في استهلال الزقاق ، أو سمعت بصوته .. أو .. أو ..
أم كان فؤاد شاكر يعالج أسطورة هذا النص ويعيد صياغته بالنور والضوء ... من أجل شعرية المكان وطفولته معاً .