كلمة الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق، بمناسبة الذكرى 25 لرحيل شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري

  • 27-07-2022, 09:33
  • وكالة الأديب العراقي
  • 792 مشاهدة

السيدات الجليلات..

السادة الأجلاء..

الحضور الكريم..

طاب مساؤكم بالخير والمحبة والنقاء..

وبعد..

فإنّه من دواعي الفخر، كل الفخر، أن نقف اليوم في الأرض نفسها، تلك التي وقف عليها من اجتمعنا من أجله، وأعني الجواهري الكبير، شاعر العرب الأكبر..

فهو الذي أنجب هذا الاتحاد، فيا له من حبور، أن يكون كل هذا السخاء ابناً له، فأكرم به والداً جاد وما غادر وعاد ويعود ويبقى ويظل ويستمر.

لم يكن الجواهريُّ شاعراً فحسب، إنّما كان أمّةً من الشعراء، وكان تاريخاً للعراق المعاصر، فحسبُنا أن نغلق كتب التاريخ ونكتفي بقصائده أدلّةً على ما مرّ به الوطن، وحسبنا أن نراجع مواقفنا كلما مادت بها العواصف، لندوزنها على إيقاع ثباته، فما أحوجنا على مرّ الأزمان إليه، وما أسعدنا ونحن نتفيّأُ بظلال وجوده السرمدي حولنا.

أيها الأحبة.. تعالوا لنغمض اسم قصيدة جواهرية، وننسى أنها كتبت في تموز الموافق الأول من رمضان عام ١٩٤٩، ونراجع أبياتاً منها، وهي:

قد قلتُ لِلشَّاكينَ أنَّ " عصابةً "

غصَبَتْ حقوقَ الأكثرينَ تَلاعُبا:

حشَدوا عليَّ المُغرِياتِ مُسيلةً

صغراً لُعابُ الأرذلينَ رغائبا

بالكأسِ يَقْرَعُها نديمٌ مالئاً

بالوعدِ منها الحافَتَيْنَ وقاطبا

وبتلكُمُ الخَلَواتِ تُمْسَخُ عندَها

تُلْعُ الرِّقابِ من الظّباءِ ثعالبا!!

وبأنْ أروحَ ضحىً وزيراً مثلَما

أصبحتُ عن أمْرٍ بليلٍ نائبا

ماذا يضرُّ الجوعُ ؟ مجدٌ شامخٌ

أنّي أظَلُّ مع الرعيَّة ساغبا

أنّي أظَلُّ مع الرعيَةِ مُرْهَقاً

أنّي أظَلُّ مع الرعيَّةِ لاغبا

سنجد أنّها كُتبت لتظلَّ حيّةً إلى الآن، بل إنّها كُتبت لتظل حيّةً حتى بعد رحيلنا، فالخلود كل الخلود للقصائد التي يكتُبها الحقيقيون والجواهريُّ على رأسهم.

وليست هذه القصيدة فحسب، ألم تستعد الانتفاضة الشبابية في تشرين قولاً رخيماً للشاعر الثوري الكبير الجواهري، وكأنّه كان يتنبّأُ بشباب الوطن الثائرين، بعد أن راهن سياسيّو الشنار على سلبيّتهم، فنهض النصُّ الجواهريّ صادحاً، وهو يقول:

سينهض من صميم اليأس جيلٌ

مريـدُ البـأسِ جبـارٌ عنيدُ

يُقـايضُ ما يكون بما يُرَجَّى

ويَعطفُ مـا يُراد لما يُريد

لقد نهض هذا الجيلُ حقّاً، ولن تذويَ قناتُهُ قطّ بعد الآن، وحسبنا أنّنا مثل هذا الجيل الجبّار، نستمر بازغين حاملين وصايا الأدب والأدباء.

لذلك أيها الكبير القدير،

أبا فرات حقيقةً، وأبا دجلةَ نصّاً خالداً،

سيظل اتحادك يصفّ كينونته باسمك، ويُضيفك لمفردته، ويتملّك وجوده من تملُّكك، ويحفظ مكانكَ وقاعتَكَ، وكرسيَّ جلوسكَ ومنصّتَك.

كما سيظل حافلاً محتفلاً بك..

فشكراً لك وأنت تجمعنا اليوم كما جمعتنا كل يوم،

ها نحن نبتهج بك، فوجودُك أذِنَ لنا أن نقود كل الخير من وحي قصائدك.

شكراً لكم أيّها الصنّاعُ البررة، يا صاغة الفكر والمعرفة، وشكراً لما بذلتموه من إخلاصٍ وأنتم تُتمّون مسيرةً ابتدأها الجواهريُّ الكبير.

والسلام