نزار الفدعم.. سردية اللقطة السينمائية - شوقي كريم حسن

  • 23-09-2020, 19:59
  • نقد
  • 1 065 مشاهدة

*السينما، كما اعرفها ، مثول جمالي بين يدي الخرافة، ومحاولة توثيق سريات الوجود السردية، التي لم تستطع السينما تجاوزها او تحيدها مهما انغمست في المكونات الصورية الالية،تظل اللحظة المشهدية التي قد لا يتجاوز زمنها الهنيهة هي الثيمة الفاعلة والمكون الأساس لسريدية ابهارية تجمع بين الاضاءات والفعل الدرامي، وكميات التشخيص الحكائي، وقد ظلت السينما في العراق متأثرة بالسينما المصرية على الخصوص وفية لهذا المنطق الجمالي السردي، اذ انها لم تستطع التخلص من هذا الخطاب الذي تعتقد انه الجاذب الوحيد للمتلقي، الذي كثيراً ما يسأل هل القصة حلوة؟

دون الالتفات الى عناصر السرد الجمالي المساعدة والمؤثرة، اعتاد المتلقي ان ينتبه الى العام دون الاشارة الى الخاص، والتوكيد على ماذية الزمان والمكان، وبحكم التوجه المعرفي اعتمد السارد التلفازي، وهو المخرج ، الى اعتماد ذات الاليات والمباني، لا ادغام في اللقطة المؤسسة للمشهديات الثيمية التي تجسد الفعل النهائي والرسالة الايصالية، لم يبتعد نزار الفدعم عن الفهم العام، وبخاصة وهو الابن الشرعي للقطة المصرية، حيث اكتشف عالم السينما ومكوناتها الابهارية والصناعية هناك، يحاول نزار الفدعم الاندفاع مع اللقطات من خلال اشارات حركية، يفرضها على مجسديه الذين ظلت الهيمنات الاشتغالية المسرحية مهيمنة على وجودهم وعلى مجمل السرديات الجزئية التي تعد فيما بعد الباني الاساسي للفعل المنشود، عمل الفدعم على وضع اسس ما يمكن ان نطلق عليه فلسفة اللقطة التي تمضي صوب جدلية المشهد وتأثيره على مسارات التشخيص الذي مايلبث ان يكون الروح الفاعلة التي يطلبها المتلقي ويحبث التفاعل معها، تلك التجربة الحيوية ابتعدت عن قصديات الدراما التلفازية، واكدت بضرورة التفاعل مع المكان بوصفه قيمة حركية تاريخية حتى وان كان حاضراً، الدراما اليومية لاتتعامل مع الحدث على انه حاضراً مثلها مثل السرديات الورقية القصيرة والطويلة، تدوين الواقع هو محاولة لارخنته، ومع هذا النقل يصبح الزمان ومكانه ارثاً يتوافر على قدرات تأثيرية ان عمدت الكاميرا على تدوينه بشكل دقيق ، وهذه المهمة رافقت الفدعم، وعينه الرئيوية التي لا تستطيع التوثيق داخل فضاء منفلت لايترك اثراً على المجسد والمتلقي معاً ومن خلال تلك الانضباطية المشهدية ، اوصل الفدعم بيسر وسهولة مرادته ومقاصد السرد ، واندفاعاته الدلالية التي قد تمتد لحلقات طويلة، وتنتقل من مكان الى مكان وزمان الى آخر، ولا يعطي الفدعم اشارته البنائية دون تدقيق في الحوارات التجسيدية من حيث التفاعل بين المجسد والكاميرا والمتلقي، حسابات تمنع الرتابة، وتقصي عن عمد المسافات المشهدية الطويلة، والتي تشعر متلقيها بالملل، الفدعم يؤمن بشدة أن الايقاعات الصورية السريعة والانتقالات الحذرة هي التي تعطي معاني الجدة والقبول معاًْ ، يعمل على تجزأت الثيمة البسيطة ان وجدها قادرة على الاندفاع لخلق جدل نفسي لدى المتلقي، ومنحه فرصة الاستحواذ على المشهديات التكوينية العامة، وهذه ميزة ثابتة فيما شاهدته من سرديات الفدعم، السيمية والتلفازية، ثمة ادراك معرفي دقيق لقيم اللقطة التلفازية وفورقها مع الثيم السينمائية التي لاتتحمل الابطاء لاي سبب كان، لا يقف الفدعم متفرجاً عند لحظات التصوير، لانه يتعامل مع مدير تصويره، وممكنني الفعل بحذر وترقب وتفحص، لا ترضيه القناعات السريعة، ولايقبل بالممكن غير الباعث على الرضا والأمل معاً، ولان الدراما وصلت الى حد الفناء، والتلاشي، اصيب الفدعم بالعجز النفسي، فراح يبحث عن خلاصات غير قادرة على تحقيق مرامية، يتابع مهرجان هناك، ويناقش الافكار التي يطلق الشباب من خلالها اخطاباتهم السردية القصيرة وغير الفاعلة اجتماعياً، يظل يرقب عودة السرديات الفليمية الى ما كانت عليه، ولكن الامل وحده هو من يشد الفدعم الى صور الاحلام وابتكاراتها!!