أطياف سنيدح.. سرديات المغامرة

  • 21-09-2020, 23:09
  • نقد
  • 924 مشاهدة

*صعب ولوج الممنوعات من الاقوالْ داخل مكونات اجتماعية، تجد في الملفوظات ومدوناتها عيباً اخلاقياً، ومحاولة لاشاعة الفاحشة والترويج لما يمكن ان يسهم في تخريب المجتمع و انحرافاته، في وقت نجد ان كل تلك الملفوظات وتوابعها، تتحول الى افعال يوميةْ، يتفاخر بها البعض ، ويدونها كجزء من العزوات والبطولات الفردية والجماعية، هذه الأشكالية، وضعت العراقيل امام الشعراء والكتاب، وخطت لهم خطوط حمر يتوجب عليهم عدم تخطيها وتجاوزها، الا من خلال ممارسة لعبة احتيال دلالي وتغيير في الشفرات وفعالياتها النفسية والفكرية ايضاً، الثلاثي المحظور، سيظل قائماً مشكلاً حجرات عثرة حقيقية، رغم معرفة الجميع بالاتفاق، ان ليس ثمة حياة انسانية دون جنس وسياسة ودين، تلك المفرغات ، اصابت الكثير بالفزع والخوف من الأقتراب حتى ولو كان هذا الاقتراب عند مسافة معلومة ومحددة، وفي ايامنا هذه اضيف المقدس المتشظي ايضاًْ، مما زاد من حيرة المدون ، وبخاصة السردي، الذي تعلم حيل العبور على الممنوعات منذ زمن لاباس به، كانت السلطة تصدر ممنوعاتها من خلال الرقيب، وكان السارد يرسم بدقة المتحدي انماط رسالية مخاتلة، وشفرات ودلالات ايهامية يصعب تفكيكها عدائياً، وهذا ما جعل الاشتغالات الجمالية ، تمرر من خلال هذا المنفذ مشاريعها وخطاباتها التي طمأنت المتلقي وجعلته يتعامل مع هذا المنجز برضاً، والاغمار السريع الذي حصل خلال السنوات القليلة الماضية، جعل الكثير من هؤلاء المشتغلين جمالياً، رفض فكرة الاحتيال، والاتجاه مباشرة صوب الثيم الفاعلة حتى وان كانت هذه الثيم تثير الجدل العام الذي يعتبرها تجاوزاً على الحقوق الأجتماعية والسياسية العامة، والسؤال الذي اجده ملحاً، كيف تكون الافعال الردودية اذا كان السارد بجرأة اطياف سنيدح، التي اتكأت الى حيطان وعيها المعرفي المتحدي، لانها لاتجد في الفعل الانساني تجاوزاً، ولا ترسم الا تصورات لحقائق تحدث يومياً، دون ان يرفضها رافض، بل هي مقبولة وفاعلة نفسياً لدى الجميع، سحبت اطياف سنيدح مسروداتها الى خفايا واسرار كان من الصعب اقتحامها ، والاشارة إليها بهذا الوضوح والدقة، يقول فلوبير، حين كتب مدام بوفاري(، انا ماكنت ادون غير ما اعرف واعيش، وما اعرفه عن السيدة هو الذي جعلني اكتب بهذه الطريقة) هذه قاعدة مهمة، وجريئة ايضا، تتحرك شخوص سنيدح داخل هذا النظام المعرفي، واليومي ، ولم تفكر بالابتعاد عنه، او عتباره فعلاً فاضحاً في سرديات عامة، يتوجب ايصالها الى الجميع، مافعلته اطياف، وبكل ارتباكاتها النفسية، إنها تفحصت وجودها المكتظ بالرغابات المكبوتة ومسببات فشلها وتراجعاتها، لتمنحها توثيقاً تدوينياً يجعلها ارثية يمكن الكشف عنها ساعة يشاء المتلقي او الباحث ويرغب، تلك الخصيصة الاجتماعية ، جعلت سنيدح تتوغل في مجهولاتها وحيثياتها السرية، دون ضرورات فنية وفكرية في احيان سردية، بل يراها المتلقي زوائد تزويقية يمكن تجاوزها، او هي تشبه المشهديات السينمائية التي تصنع لغرض التسويق، ولو دققت الساردة في هذه المشهديات لوجدت انها لاتضيف فعلاً درامياً تصاعدياً لثيمها التعريفية المساعدة والكبرى، وتتعمد اطياف سنيدح الى ان تكون حوارات شخوصها التي يشعرها المتلقي منكسرة، ضائعة تبحث عن خلاص فردي، توضيحية منسابة برقة الوصف لا رقة الفعل، ليس ثمة ما يشد الصراع ويمنحه فعل الاستمرارية الا في ما ندر، الكثير من ما تقوله شخصيات اطياف سنيدح، وبخاصة الانثوية منها، معبأة باللوعة والترقب ودونية الوقت والاهمال، وجع تسربله تحديات فعل ماتلبث ان تتراجع بعد ان تصل الى حد الاحتدام، دون اعلان الثورة التمردية، هي من خلال مسروداتها تشير الى وجوب التغيير، ووجوب التمرد، لكن اشاراتها الى تقدم الكيفيات التي يتوجب فعلها ، ولان اطياف سنيدج، حطمت تابوات سردية، جعلت النقدية العراقية ترفض الخوض في منتجها السردي المتواصل، رغم معرفة الجميع بأهميته ومغايرته للمألوف الذي اعتاده السرد العراقي والانثوي بالتخصص، وتلك واحدة من علل الارتباك والخوف، الارثي لدى النقاد الذين لم يستطيعوا مواكبة المتغير والبقاء ضمن المقرر السردي المعروف، تجاوز اطياف سنيدح ، وخلق ثيم لم يعتدها المتلقي من قبل في السردية العراقية، جعلها تصاب بخيبة الامل والعزلة النفسية، لانها تعرف ان ما تسرده يتجاوز العام باتجاه الخاص المؤثر والفاعل، ولسوف تظل تعيش هذا الاهمال لقصدي لسنوات، طويلة ، قد تقرأ الساردة بعده بمغايرة وحرص، ومعرفية قصدية تمنحها حقوق الابتكار والتفحص وتجاوز الممنوع الاجتماعي.