تقرير حال الحريات في الوطن العربي الصادر عن اجتماع المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب

  • 2-07-2018, 02:30
  • نشاطات ثقافية
  • 933 مشاهدة

بغداد: 26- 28 يونيو/ حزيران 2018
إن المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، المنعقد في بغداد في المدة بين 26- 28 يونيو/ حزيران 2018، برئاسة أمينه العام الشاعر والكاتب الصحفي الإماراتي حبيب الصايغ، يؤكد على أن حرية الرأي والتعبير من الحقوق الأساسية والمبدئية للإنسان، اكتسبها بعد نضال طويل حتى أصبحت لصيقة بوجوده، كما أنها من ضرورات الإبداع الأدبي والثقافي، فالخائف لا يمكن أن ينتج فكرًا وثقافة وأدبًا، فضلاً عن أن الشعوب الواقعة تحت الظلم والديكتاتورية لا يمكن أن تتقدم أو تشارك في صنع المستقبل.

ولما كان الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب معنيًّا، في الدرجة الأولى، بالحفاظ على كرامة الأدباء والكتاب العرب في كل مكان، والعمل على ضمان حرياتهم والدفاع عنها بكل السبل المتاحة، توفيرًا للمناخ الصالح للإبداع الأدبي والفكري؛ فإن الاتحاد يراقب عن كثب حال الحريات العامة والخاصة في الوطن العربي، من خلال التقارير التي تقدمها الاتحادات والروابط والأسر والجمعيات والمجالس القطرية، الأعضاء في الاتحاد العام، فإنه يشير إلى بعض الانتهاكات الواضحة التي تمارسها بعض الحكومات ضد حرية الرأي والتعبير.. ومنها:

1- إلقاء القبض على مثقفين وأدباء وكتاب على خلفية بعض الآراء التي يكتبونها في الصحف والمجلات، أو التدوينات التي ينشرونها على مواقع التواصل الاجتماعي، دون أن يمارسوا أي شكل من أشكال العنف، أو يدعوا إليه، على الرغم من أن حق المعارضة مكفول لكل المواطنين في الدساتير والقوانين التي توافقت عليها الشعوب في المنطقة والعالم.

2- توجيه اتهامات قاسية وغير حقيقية لبعض المقبوض عليهم من الأدباء والكتاب والمثقفين والمدونين والصحفيين، مثل سعيهم إلى قلب نظام الحكم، أو اتهامات غير محددة مثل تكدير السلم العام أو إشاعة جو من التشاؤم.. إلخ، خلافًا للأعراف القانونية المستقرة التي تلزم توجيه تهم محددة ومعززة بالأدلة التي لا لبس فيها.

3- إساءة معاملة الأدباء والكتاب المقبوض عليهم، بدءًا من اقتحام منازلهم في أوقات متأخرة من الليل، مرورًا باستخدام قوة أمنية كبيرة العدد والتسليح للقبص على شخص أعزل، مما يتسبب في ترويع الأسر والأطفال، وانتهاء بالمعاملة اللا إنسانية في الأقسام ومراكز الشرطة.

4- عدم توفير الضمانات المتعارف عليها للمقبوض عليه، مثل تمكينه من توكيل محامٍ، ومن الاتصال بأسرته، أو تلقي الزيارات باستمرار.

5- يلاحظ الاتحاد العام أن كثيرًا من القضايا التي يكون موضوعها معارضون من الأدباء والمثقفين يتم الفصل فيها في وقت قصير، إذا قيست بمثيلاتها في الأمور الأخرى، وأن الأحكام تكون قاسية، كما لا يتم مراعاة الحالات الصحية والنفسية للسجناء، وغالبًا لا تشملهم قوائم العفو التي تصدرها الحكومات.

6- إطلاق العنان للإعلام المحسوب على الحكومات لتشويه المعارضين، وإلصاق أفعال وأقوال بهم لم يفعلوها أو يقولوها، وهو ما ينال من وضعهم الاجتماعي، ويبرر التنكيل بهم.

7- إطلاق العنان للأفراد والمؤسسات التكفيرية لتمارس ما تعتمده من خطابٍ تكفيري، وتطبق عبره أحكامها على الأدباء والكتاب الذين يناقشون بعض كتب التراث، وإن لم يتعرضوا للثوابت الدينية الراسخة، مما يتسبب في نبذهم اجتماعيًّا، وتصويرهم وكأنهم يسعون إلأى هدم الدين نفسه، وهو أمر مغلوط تمامًا.

8- إغلاق بعض الصحف والقنوات التليفزيونية وإيقاف بعض البرامج السياسية التي تعارض السلطات، سعيًا وراء تسييد صوت واحد وعدم السماح بالتعدد، بالرغم من أن هذا التعدد هو الضمان الأكبر والأكيد لتقدم المجتمعات وازدهارها.

9- حجب المواقع الإخبارية على شبكة الإنترنت، التي تعارض السياسة العامة لبعض الدول، من اتجاهات مختلفة، حتى إن قوائم الحجب التي باتت تضم أرقامًا كبيرة؛ وكأن الحجب هو الأساس، وهو ما يتنافى مع إتاحة الفرصة بالتساوي أمام جميع الاتجاهات للتعبير عن آرائها، مادام ذلك يتم بشكل سلمي، وفي إطار الدستور والقانون، كذلك لا بد من العمل على تعزيز دور القضاء في حماية الحقوق الشخصية في جميع المجالات.

10- تشهد بعض دول الوطن العربي تضييقًا على المرأة، وعدم مساواتها مساواة كاملة بالرجل في التعليم والعمل والسفر وتقلد الوظائف القيادية والسياسية واعتلاء منصات القضاء.. وغيرها من الحقوق الرئيسية التي تتمتع بها نظيرتها في الدول المتقدمة والناهضة على السواء حول العالم، وفي هذا الإطار فإن المكتب الدائم يثني على خطوات الانفتاح التي بدأ تطبيقها في المملكة العربية السعودية ويشجع عليها.

11- إن التهديد الأكبر الواقع على حريات الرأي والفكر والتعبير يأتي من جماعات التكفير التي تمارس العنف في أحط صوره، وتستهدف –أول ما تستهدف- الأدباء والكتاب والمثقفين، رافعة شعارات زائفة محرَّفة، يتم نزعها من سياقاتها واستخدامها في غير موضعها، كما أنها تمارس القتل على الهوية، والإرهاب الممنهج، والإرهاب الفكري.

وإننا إذ نتابع حال الحريات في الوطن العربي، لا يفوتنا أن نندد، وبالصوت العالي، بما تحوكه قوى الشر والهيمنة العالمية لبلادنا العربية. فتحت ستار الحريات وادعاء حقوق الإنسانية تتخذ القوى الإمبريالية حجة لها للتدخل الدولي، معتمدة هذه الآلية لملاحقة كثير من دولنا، وذلك عبر مؤسسات مشبوهة ومسيسة، مثل المحكمة الجنائية الدولية، وهيئات مراقبة حقوق الإنسان، لكن من دون أن تحرك ساكنًا ضد المجازر الصهيونية، والمذابح المجرمة التي تقوم بها عصابات الغصب والاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني الصامد.

وبعد..

فإن المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، في اجتماعه ببغداد (26 و27 حزيران/ يونيو 2018)، إذ يثني على بعض الخطوات الجادة هنا وهناك لاحترام الحقوق والحريات العامة والخاصة، فإنه يؤكد على أن الأمم لا تنهض وهي مكبلة، وأن البشر لا يبدعون وهم خائفون، وأنه لا ضمانة على الحرية إلا بالمزيد منها.

والله ولي التوفيق،،،