منبر العقل يواصل تفكيك "العنف" في ندوات معرض العراق الدولي للكتاب

  • 11-12-2021, 09:57
  • وكالة الأديب العراقي
  • 591 مشاهدة

بسام عبد الرزاق 

اقيمت يوم أمس الجمعة، ثاني جلسات "منبر العقل" التابع للاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، على قاعة الندوات في معرض العراق الدولي للكتاب، حملت عنوان "العنف بوصفه صورة" حاضر فيها د. هجران الصالحي ود. علي طاهر ود. خالد هويدي، وادارها د. علي المرهج.

وقدم المحاضرون عناوين متفرعة حول "العنف" استطاعت ان تتحول الى مشغل حواري مهم، فككت من خلاله مضامين العنف وتحولاته التأريخية والمظاهر التي انتجها.

د. هجران الصالحي قال انه "عند الحديث عن حالة العنف في العراق او حالة العنف بشكل عام، لا بد ان نذكر بان العنف هو ظاهرة قديمة ومكون اساسي من مكونات الذاكرة واكثر ما يواجه الباحثين في مسألة العنف هو المواقف المتناقضة من العنف"، مبينا انه "على الرغم من الانسان وعلى مر التاريخ حاول محاربة العنف من خلال ابتداع القوانين التي تقنن هذه الممارسة وصولا الى ابتداع النظريات التي اسست مفهوم الدولة الحديثة، والتي بدورها حاولت ان تستبعد العنف من الدائرة الفردية وتعيد تحريكه بشكل الذي يخدم المصلحة العامة".

واضاف انه "على الرغم من الاجتهاد بهذا المجال لكن الانسان اجتهد اكثر بتبرير مظاهر العنف عبر اعادة تأويله دينيا وسياسيا، وايضا للحديث عن العنف يجب ان نحدد ان هناك مستويين اساسيين للعنف، الاول هو المستوى المادي المرئي ويتمثل بالقتل والابادة والتهجير، والعنف الرمزي وهو اقل ظهورا وهو اشد خطورة واكثر انتشارا واكثر ايلاما، وانه قد يلامس وجدان الفرد والجماعة".

وبين ان "المجتمع العراقي وقع تحت طائلة كلا النوعين من العنف".

واضاف بان "العنف في العراق له اربعة ابعاد، المكاني والزماني والسياسي والديني، وفي هذه الابعاد لا يمكن قراءة حالة العنف في العراق من خلال عقول العراقيين، بل من خلال عقول الاخرين ايضا، فالحالة العراقية لم تترك لوحدها لتتطور وتواجه التحديات التي واجهت المجتمع العراقي بعد 2003 لوحدها بل كانت هناك تحديات اقليمية ودولية"، لافتا الى ان "مظاهر العنف قبل سقوط النظام كانت موجودة لكنها لم تكن مرئية بسبب سيطرة النظام الشمولي وقمع الاعلام وتكميم الافواه، وبعد السقوط برزت اشكال اخرى من العنف وصفت بانها اكثر تشددا واكثر قسوة بسبب التدخلات السياسية الاقليمية والدولية اضافة الى ان الكثير من الحقائق تكشفت واصبحت واضحة للعيان ومنها المقابر الجماعية والتغيير الديموغرافي والاعتقالات والسجون وساهمت بتأجيج مشاعر الكراهية.

وأكمل ان "التنوع الطائفي والعرقي في العراق لا يمكن ان نقول انه السبب الوحيد في ظهور العنف، انما حقيقة الامر هو تشظي المركزية السياسية هو الذي غذى ظاهرة التفكك الاجتماعي بالعراق، وعلى سبيل المثال ان كل الدول لا تخلوا من التنوع الديني والعرقي والطائفي لكنها استطاعت ان تجد صيغة متوازنة للتعاون مع ذلك التنوع عبر ايجاد قوانين تدعو للمساوات".

من جانبه تحدث د. خالد هويدي عن اللغة بوصفها عنفا رمزيا، مبينا انه "اقسى انواع العنف الذي يمارس، وغالبا ما يمهد للعنف الفيزيائي المادي، ويمكن ان يكون هذا العنف على شكل صورة او حركة او لغة ايضا".

وتابع انه "لا توجد لغة حيادية، ونحن دائما نحاول ان نقنع الاخر بفرضية معينة، حتى ان تعريف اللغة بانها اداة تواصل هذا يعتبر الان تعريفا شعبويا، كون اللغة اعمق واكبر من ان تكون اداة للتواصل وانما هي اداة لاشياء اكبر واخطر واعمق"، مضيفا ان "البنية اللغوية هي التي تحدد لك رؤيتك للعالم وبما ان هناك مجموعة بنيات لغوية هنالك اكثر من رؤية للعالم، واللغة هي الحامل لكل السرديات، ويمثل التاريخ مصدرا مهما من المصادر التي تعرض لنا العنف، فالتاريخ ينقل لنا عبر اللغة".

واشار الى ان "اللغة وسيط دقيق ومؤثر جدا في تحقيق اقسى انواع العنف، والعنف نظام يحتاج الى لغة ووسيلة اعلام ويحتاج الى متبني وناشر وان تدعمه بسلطة شرعية ودينية، وكل هذه تحاول ان ترمم العنف".

بدوره تحدث د. علي طاهر، عن العنف لدى الاجيال الشيعية، وذكر بان هذا الموضوع حساس وفيه الكثير من الكلام، مبينا ان "هناك من يتحدث عن كون العنف صورة وقدر وامر ثابت، بما معناه، انه امر جوهراني في الثقافة، وايضا هناك من يتحدث عن تاريخ العنف الدموي، على سبيل المثال، او من يتحدث عن ان الاسلام يحمل بذور العنف في جوهره وهو غير قابل للاصلاح، كما في كتابات بعض المستشرقين، وهذا منظور له ما يبرره، ولكن هناك منظور آخر بالحقيقة ونا شخصيا اتبناه، ويتحدث عن ان العنف هو سياق وظرف، فالدين مهما كان نوعه وشكله وكذلك المذهب واي ثقافة واجهت سياقا سياسيا اجتماعيا اقتصاديا معينا، يمكن ان يدخل مرحلة التوحش بسهولة ويمكن ان يكون وديعا متسامحا في سياق وظرف تاريخي آخر".

وذكر ايضا انه "بهذا المعنى نحن نتحدث عن الاجيال الشيعية بمعنى تناول الثقافة الشيعية، وفيها عنف من شكلين، عنف موجه نحو الذات، يظهر من خلال الطقوس الشعائرية في كل عام وهو محدود وموجه ضد الذات، وعنف موجه نحو الاخر، وهذا النوع من العنف بقي شاذا الى ان تحول التشيع منهج لادارة الدولة واقامة حكومة اسلامية في ايران بعد عام 1979".

واشار الى انه "في العراق تحديدا، منذ عام 2003 ولغاية 2019 هذه المرحلة انتقل فيها الاسلام السياسي الشيعي والاجيال الشيعية اجتماعيا الى مرحلة ممكن ان نسميها المرحلة الـ"ما بعدية" فالاسلام السياسي الكلاسيكي بشكله القديم كان يتحدث عن ضرورة اقامة دولة اسلامية وضرورة مواجهة العلمانيين واسلمة المجتمع باي طريقة كانت".