يا دمشق / وجيه عباس

  • 3-12-2021, 15:22
  • شعر
  • 732 مشاهدة


وجها لوجه يا دمشق ازائي

وجع المرايا ان اكون ورائي

لا مغمضا عين الوجود حقيقة

لو انها جعلتك عين الرائي

حتى وقوفي يا دمشق حكاية

واصابعي تندى من الحناء

ودمي على الفرشاة يسكب خطوه

ليعيد رسم وجوهه في الماء

سترين ايّ طفولة للأنبياء

وبعضَ بعض توحّدِ البلغاء

اليوم تجتمع الغرابة كلها

لتثيرها بمقابر الغرباء

***

لمي دمشق مدامعي وبكائي

يا أرض خوفي وامتداد سمائي

انا ذا يتيمك جئت ارفع ساكنا

حذر انكسارك في يد الابناء

الحزن يدفعني اليك مخضبا

هذي القوافي كن بعض دمائي

وانا الغريب ولست اعدم منزلا

لو دق بابك مصرعي وفنائي

لي في ترابك عمة وخؤولة

وانا الوريث هناك بالبأساء

بأبي محسد والفرات ودونهم

بقيا عظام احبة خلصاء

هم علموني الشعر احمل كأسه

والخمر بين يديك بعض حدائي

ذهبت بنا الدنيا وابقت دونها

بقيا ثمالات بها خرساء

ويكاد حتى الصمت يلبس وجهها

فتعود ثانية الى الاصغاء

***

الان وجهك يا دمشق يحوطني

اني التفتّ بغربتي وندائي

ودمشق عاصمة القوافي لم تزل

في ناظري امارة الشعراء

وكأنما التاريخ غرسك في الثرى

ان كنت الف المبتدأ في الباء

حتى الحجارة بدء لونك فيهما

بيضاء بين وقائع سوداء

كانت عروبتك الوقوفَ بوجهها

ودفعت فيها قسمة الغرباء

**

بعض التودد يا دمشق تغزلٌ

وإليك في خجل أجر ردائي

ونوارسي هذا المشيب تجرني

شوقا، وتقصر عن عذير رجائي

الياسمين وكل حسنك رحمة

وانا افتش فيك عن (رحماء)

وارى ثيابك جنة مغزولة

مما تعتق في يد الآلاء

لا "باب توما" يستفيق من الكرى

ويغض عن تنويمة بمسائي

انا ان عببت شهيق بوحك في الهوى

فلأنني ظمأُ وانت روائي

لا كأس دونك، لو تغيض مواجعي

تحنو علي بوحشة الإقصاء

وتمد لي في الحزن خمس اصابع

وتكفكف الدمعات في استحياء

***

إيهٍ دمشق وللحديث حلاوة

ردي دمشق إلي بعض حيائي

ودعي ثياب الحرف تغري بعضها

بالعري حتى تسكنين عرائي

ردي دمشق أصابعي ليديّ اني

ممسك بالظل في الارجاء

وهنا رحالي لا رحال بني ابي

لو تُنسب الاوطان للآباء

ما بيننا هذي العوالم وحشة

عيناك فيها اجمل الأشياء

الموحشات وكنَّ بعضَ نوافذٍ

لا تستفيق، وبابهنَّ خبائي

من ايهن اجيء صوتك، والصدى

من دون رجعك ليس بالأصداء

***

وجها لوجه حدّثيني جهرة

فلقد يطول القول بالإيماء

لا انت ينقصك الضميرُ ولا أنا

وكلا ضميرينا من الشهداء

ولنا لسان يعربيٌ صادقٌ

كنا عليه به من الامناء

لا تستري ما ليس يستر دونه

الستر فيك قيامة الطلقاء

ان تستريهم يستزيد ضلالةً

باغٍ، وكان بجملة السفهاء

بل انزليهم حيثما نزلت بهم

اقدارهم، فهم من الغوغاء

***

انا حيثما وقف الزمان بارضه

قدري بوجهك ان يطول غنائي

ان يستفيق بك الصباح مؤذنا

ويمد هدب الليل في الاغفاء

فلأنني بعض وكلك قبلة

انى اصلي يا دمشق دعائي

ولأنت خيط الفجر يسحب ظله

وتنفس الإشراق في الصعداء

وكأنما التاريخ نصف ارثها

والنصف دون يديك في الزوراء

***

عطفا دمشق وللحكايا السن

هي بعض ما يروى من الاصداء

ما كان امسك غير مجد تالد

واليوم فيك صنيعة الخلفاء

ثارات امسك ان تكوني عرضة

لبني العمومة فيك والطلقاء

وبان فجرك ان يذال وان ترى

في ناظريك شماتة الأعداء

ما كان ذنبك غير انك غيمة

اغنيتهم، ورجعت بالفقراء

ولانت بقيا كربلاء على الثرى

قرنت حسينا فيك بالحوراء

وكلاهما باب وانت مدينة

وستسمعين به صدى القراء

وستسمعين به النواظر لم تكن

لتميز فيه مصارع النجباء

وتقول للسبع الطباق قفي هنا:

فالأرض ارضي والسماء سمائي