في المشفى، مستقرنا الخامد
حيث تلامس رؤوسنا السقوف الواطئة
وتأز بآذاننا مصابيحها الخافتة
نجلس
سكارى
مجانين
أو يقظيّن جداً
نكتب هانينا،
إنه الضوء نهاية النفق
- ها قد بلغت الحد الأقصى من المعاناة
هنا سيخبرك الإله
بأنك لن تعاني أكثر من ذلك. -
إنها عجاجة
يسري الموت بين أقدامنا
وعلى وجوهنا أنفاسٌ مكتظة
وهواءٌ ملوث
برذاذ الدم واليرقان
لم نعد نعزي المفجوع او الثكلى
ولا أحد يبكي في الجنازة
المأساة صارت نهج حياة
إنها عجاجة
لا أحد يفكر بوضوح
ولا أحد يجد بداية هذا الأثير او نهايته
إنها عجاجة
وأنا اكتب نيابةً عن السكارى
المجانين
اليقظيّن جداً
عن المفجوعين والثكالى
وربما عن الميت ايضاً
فنحن جمعٌ هائل من الموهومين
لسنا سوى ضربة غوشاء أُخرى
في لوحة الفنان
أكتب عنهم
أنا اليقظ جداً
هذا السجن موصودٌ بأغلالي
وخناجري تشق سَكينتي
أجدني أسير المفروض
وعبدٌ مأمور
من يعطيني عرشاً هنا
سيمشي عليَّ في الممر
يتبعني ثقبٌ أسود
أرمي له جثة
ثم جثةً أخرى
ذات قصٍ مخسوف
وضلعٍ مفطور
ويظل هذا الثقب يلاحقني
مادمت لا أعطيه جثةً سالمة.
من صور ملامحي الصامتة؟
فمن شدة انطفاء جلدي
لا تراني المرايا ولا إنعكاس البحيرات
بعيدٌ كل البعد عن جسدي
بعيدٌ كل البعد عن كوني ..
صديقاً، إبناً، أخاً
نظرتي صخرة رُميت في بحيرة
لكني أسمعك
لحناً حزيناً يشبه ترنيمة الموت،
يا موت ..
او أكثر اسوداداً
آه كم وددت لو أن مصدر الصوت ليس أُذني
تعلم كم من الموجع
أن يكون مصدر الصوت هو أُذني
أشعر بأصابعك
بلمسك يا موت
وكأنها خطوات تختفي شيئاً فشيئاً
تُراني هل اترقب حضورك؟
إذن لِمَ تجمع غيابهم فيك؟
كما لو أن الجميع يريدني
وأنت وحدك لا تفعل.
هي فوقي
حتى وإن كانت ساقاي
تتدليان من حافة الطابق السابع
إنها عجاجة
تأتي
لأتذكر الله
لأبحث عن قبةً سماوية
تجمع شتات صوتي
وهو يتضرع
أين أنا .. يا الله؟
من يعيد هذه الأرواح
التي تحوم حول رأسي
إلى نعشها؟
ومن يعيد لي اجزاءي؟
لم يستخدمون أصابعي للإشارة
وانا أمشي مشية المفقود؟!
إنها عجاجة،
خمسٌ وعشرون عاماً
يطلق علي العالم
وكأني زناد بندقية
خمسٌ وعشرون عاماً من المشي
ولا أريد من خطاي أن تترك أثراً
فالأثر لمن يعرف الوجهة.
وبالنيابة
عن السكارى
المجانين
اليقظيّن جداً
عن المفجوعين والثكالى
أفشل مجدداً بالكتابة
لأن باطن يدي
مازال يذكر احتدام الضلع المكسور.
ليلوه منذر