الكتابة المصحوبة بهواجس المغايرة والاختلاف، تبدو مثل مغامرة صعود الى قمة جبل دون معدات واستعداد نفسي، يحدد الاتجاه اولا، وكيفيات الفعل، والنتائج التي يمكن تحقيقها، تلك كانت مهمة الرائي عبد الرضا الحميد، الذي كان يهرب بقصد التأمل من مواجهات مرائيه التي ظلت لسنوات طويلة قيد البحث، والتقصي والتعديل، امكانيات الحميد السردية، لايمكن الاختلاف عليها، مع دقة في اختيار الفكرة والشخوص، ومسارات تحركها الدقيقة، داخل بناء متفق عليه منذ بداية التسعينيات، ذلك الجمع غير المستحيل بين طبقات الفنون التي قد لا تلتقي الا عند بوابات مدن الذائقة الجمالية، اذ يبدو الامر مدهشا ان تضع بحضور السرد مشهدية سيمية، او مسرحية، وترسم عن قصد لوحة مشاكسة بالوانها المزروقة والتي تبعث على التأزم والمراقبة، وبينهما بعض من وتريات موسيقية يبثها الحميد ، بروح البناءات لتستقيم، تلك مهمة تبدو محنونة، بل وخارج مألوف السائد اليوم، لذا جاءت خيول المعنى بصهيلها لتمنح متلقيها الكثير من متعة التلقي الحقيقي المصحوب بالادهاش ورغبة الاستمرار، شخوص السارد وان كانت ماخوذة من قاع المحنة لكنها تمنح ابعادا جمالية فكرية وجمالية، تؤدلج السائد المتعارف عليه، وغير المتفق عليه ايضا، لتسقط الاختيار في امتحانات محزنة وبعيدة المنال، تحت هذه اللحظات ظل عبد الرضا الحميد يعاني التراجعات، ويعاود التأمل ببطء عله يصل الى غايات السرد التضادية، وحين اطمئن الى انه امسك بخيوط لعبته، السردية، اسرج خيوله ومنحها معنى، مرائي الحميد.. مازومة لانها اعتمدت ازمات مختارة بعناية ودقة ملاحظة مع توافر قدرات درامية لاتوجد في الكثير من سرديات الحاضر او الايام الخوالي، حوارياته بفعل يكمل الفعل من اجل الوصول الى الثيمة الابسط وما تلبث تلك الثيم ان تتصاعد لتكمل المشهدية السردية من خلال مجموعة من الزوايا العينية التي قد تظهر امام المتلقي وكأنها نتؤات نافرة، وضعت في غير مكانها الصحيح، تظهر تلك النتؤات امام من لايعرف كيفيات الاشتغال داخل الجسد التضادي الذي لا يحبذ غير المغايرة وهدم السائد الاتي من الاخر، عمدت تضاد الى التهشيم، وعمد الحميد الى ترسيخ مفاهيم التهشيم السردي واعادة البناء من خلال مسمى هو الادق، المراى روح الفعل الذي لايمكن لغيرة استيعاب تجربة الحميد ذات الخصوصية النفسية والاجتماعية والسياسية، ساعدت لغة الحميد الثرة والمطواعة على اكمال مشروع خيول المعنى التي ستبقى واحدة من اهم منجزات السردية العراقية خلال السنوات السابقة، سرديات وعي، ودقة اختيار، وتوثيق تاريخي يحتاجه المتلقي، وكان يبحث عنه، خيول المعنى.. معاني سردية يجب ان تقرأ لمرات عدة، ومن زوايا مشهدية عارفة بأهميتها لتكتمل الرؤيا وتصل الى حد انشاء ذائقة جمالية مغايرة.