شوقي كريم.. فنون وشجون - عبد الهادي الزعر

  • 1-12-2020, 00:44
  • نقد
  • 897 مشاهدة

سومرى هادىء الطبع  وظف حياته  على شكل  فيوضات  من الالق  المسموع والمرئى ،  يغوص فى لجج التاريخ قارئاً  و باحثاً عن مادة تاريخية  تصلح امسية او سهره تبث مع اثير اذاعة بغداد  او فضائياتها -فأن لم يجد مبتغاه --- اراه بعين عقلى -- بعرج شطر جامع البصرة الكبير يسترق السمع  لحلقة واصل بن عطاء وهو يجادل مناوئيه (  ليست كل الكبائر تدخل مقترفيها النار ) وبعد انتهاء درس المعتزلة الصادم  يسرع للألتحاق بأخوان الصفا وخلان الوفا يريح اعصابه من نكد الدنيا  لكونهم  جمعوا الفلسفة  والموسيقى والحكمة فى سلة واحدة  -فالقرن الرابع الهجرى الموافق للعاشر الميلادى   مكتنز حتى  الثمالة  بأحداثٍ جسام كثورة الزنج ونهاية الدولة العباسية وتشرذمها  وظهور الحركات الفكرية الاسلامية كالقرامطة فى اطراف مكة  ونشوء الدولة الفاطمية فى المغرب العربى -  كما ان كوكبة من المع نجوم النقد والتنظير التراثى  سارت بخطى واثقة   كالجاحظ والاّمدى والجرجانى وصعود نجم الموشح الاندلسى وشيوعه فى شبه جزيرة إيبيريا  كما ان بشار بن برد والمتنبى  وابى تمام قلبوا الذائقة الشعرية  نحو اّفاقٍ لم تكن مطروقةٍ  ذى قبل -  كل تلك المثابات التاريخية يستجير بها شوقى  فهى مباحة للسائلين -تارة  اجده فنتازى واخرى واقعي  وثالثةً  يتماهى مع سحرية ماركيز وادب اللامعقول حيث  يقترب من تخوم عالم صومايل بيكت وشطحاته الفلسفية له القابلية على تحويل القلق والامانى المؤجلة والخيبات فى حياتنا منذ ستة عقود مضت  الى  نوافذ مضيئة تبعث الامل بالسامعين  - رامبو شبه الكلمات بالالوان  كل مفردة لها لون وطعم  ونكهة  والحرف العربى  صوت مقروء  واللون سطح مرئى فأن اتحدا شكلا إيقاعا  ذات رنين صادح  ولهذا انبرى القبانى  شاعر الوجد والهوى  فجسد لواعجه اللامرئية بالكلمات ولونها بالبوح -ورب سائل يقول : مالذى اثر بشوقى كريم  فجعله ثرا متفردا ؟ والجواب انه جنوبى  محب وعاشق لوطنه المسنباح  فلا زالت نايات القصب السومرى   فى حوزة الكهان المتشددين ذوات القلنسوات الهرمية  وهى تعزف الحانها الحزينة فى جنبات روحه الثكلى  ، وما برحت الكواهين شوارع اور ونيبور المائية الضيقة تردد بألم مفجوع ( حميد يامصايب الله ) و لازال  جلجامش يتوسد جثمان خليله انكيدو ناحباً باكياً يتأمل عودته للحياة - ولهذا وذاك  ترسخ فينا الشجن الباكى منذ فجر السلالات  حتى فى اعانينا الوجدانية وهذه سابقة ليس لها قرين فى تاريخ الشعوب -وما انفكت اسراب الخضيرى والحذاف والزرازير تخشى  نوايا الصيادين  وألاعيبهم  العبثية وبتادقهم سريعة الطلقات خوفاً من الموت والفجيعة  بعكس مسطحات  العالم المائية الى ترحب بضيوفها -تعمد  شوقى كريم بهور الغموكة واليشن وسيد دخيل وشطئان  المجر الكبير   وسوق الشيوخ فأمسى صديقاً للمندائيين  والمسيحيين والمعدان واهل القاع المغلوبين على امرهم -كان طيب الذكر بهنام ابو الصوف يطلق على العراقيين سكان الدلتا ميزوبوتاميا  " المطرودون من الجنة " وكانوا يتركون عند حلاقتهم دائرة فى اعلى الراس --   وشم قابل للتغيير -- تجاوز شوقى  الستين من عمره ولايعلم نفسه جمهورىاً ام ملكياً لحد الان  فقد ارتج عليه الامر  وتلك  حيرة العارفين وعقبتهم الكأداء  !!  ربما يرجع  هذا الالنباس لفلسفة ( الفوضى الخلاقة ) النى منحتنا اياها امريكا  مشكورة  عقب 2003 حيث احالت البلد برمته  الى اعجاز نخلٍ منقعر او حصيدٍ تذروه الرياح - - -  لا فرق  بين الوصفين - ومن فضائل السونامى الامريكى :  انه فكك البنى الاجتماعية  الراكزة مبذ قرون خلت  واحالها الى طوائف وقبائل  وامراء  تتنازع فيما بينها على الغنائم   -انه مزيج متجانس  من نزق فاضل العزاوى  وهو يتعثر بخطاه  عند  اطلاق سراحه من القلعة الخامسة  فرحاً وبيده صك البراءة من  جريمةٍ لم يقترفها  ! وفريب جداً من ماّثر حميد المختار وسعة صدر محمد علوان جبر ومعاناة حميد الربيعى  وأبجديات سعد محمد رحيم الواثقة وولع فهد الاسدى بالمضايف والمهاويل الجنوبية   وسمو ورفعة محمد خضير  وفنطازيات سعدون جبار البيضانى   وجدارة  محمود جندارى السردية  وشغف وولع  كريم شعيدل بالجمال -ولا اكتمكم سرا  ايها الساده  : حين كان القاص  عبد الستار ناصر وهو فى منفاه البارد  ينازع  سكرات الموت التفت الى زوجته قائلاً  ( سيندحر الكتاب الاخضر كما اندحر شقيقه المنهاج الثقافى ) واغمض عينيه الى الابد.