صبيحة شبّر.. السرد حين يعاش - شوقي كريم حسن

  • 6-10-2020, 18:35
  • نقد
  • 832 مشاهدة

*هي وحدها من تعرف السر، الذي من خلاله ولجت ابواب السرد القصير مذ كانت تلاعب قصائب ليلها، صبية تشعر أن ثمة في هذا الكون، الغائر بالغرابة، والمثير للاستغراب، ما يتوجب التأمل والتدقيق، والمداولة مع الذات التي تراكمت بين طياتها تلال من الاسئلة الحائرة، لم تك طلاسم ايليا ابو ماضي ، سوى مفتاح أول، هي لاتدري فعلاً مثلها مثل الحائرات بصباهن، لايعرفن من اين اتين، والى اين يمضين؟

السؤال، المرافق لصخب الايام، جعل الصبية صبيحة شبر، تسود دفتر الانشاء بأشياء لم تك نفقهها اولاً، لكنها مالبثت ان اكتشفت ان حكي التواريخ، وغرابة حكايات الف ليلة وليلة، وقصائد نازك الملائكة، ونداءات الزهاوي، ونوال السعداوي، رسمت امامها طرق الوضوح، الصبية بضفيرتها الشهباء، تكره الادلجة ومنغصاتها، وتغور الى العمق في اسرار الاناث اللواتي تقمعهن الحياة، وتضعهن دوما عند شطآن امتحانات صعبة، حين رأيت سرديتها الاولى منشورة ، وهي لما تزل صبية، انغمست دنياها بالمسرات، حتى انها امتنعت عن ترويض ذاتها، لربما حلمت ذات زمن ، بأن تزيح شهرزاد التي اتعبتها سنوات الحكي، لتحل محلها، راحت وبلغتها الاقرب الى لغة المعلمين الاوئل..ذي نون ايوب.. وعبد الحق فاضل، وعبد الرزاق الشيخ علي، عبد الملك نوري وفؤاد التكرلي، تجد في الهم القهري الذي تعانيه المرأة زاداً سردياً لاينضب، كل ما تدونه الذاكره ، وتحمله تجارب الأيام مايلبث ان يتحول عند صبيحة شبر الى سرديات قصيرة، وساعة اخذتها المنافي ودارت بها اللحظات.. بين الهناك القريب، والهناك البعيد، انتمت بكليتها الى الصحافة ومن خلالها عادت لتدون سردياتها التي ظلت وفية فيها الى لغة الاوائل، وحين عادت، وهي معبأة بتجارب مهمة راحت تدون سردياتها الطويلة على عجل، ومعتمدة على الامر الاهم وهو الثيم الاجتماعية، التي تريد من خلالها بث لواعج الارواح المضطهدة وايصالها الى متلقيها، وهو متلق عارف بماهيات الفعل واساسياته، لذا عمد الى اعتبار مسرودات صبيحة شبر، مسرودات توثيق اجتماعية، تعمل على التحليل، والبحث عن البواعث والاسباب، وهذا مالفت اليها الانظار كساردة، حاولت الرجوع الى محطة التأسيسات السردية الاولى، لغة شبر، خالية تماماً من المكونات الشاعرية غير الضرورية، مع قدرة حوارية فيها من الشد الدرامي ما يلفت الانتباه، ومن خلال هذه الحوارات النشطة، يجد المتلقي أن فعلاً درامياً يتصاعد وصولاً الى مشهديات صورة يكامل بعضها البعض الأخر، مايمكن ان اسجله على الساردة، هو سرعة تقديم سردياتها دون ترك فرصة لمتلقيها لغرض هضم ما قدمت وتمحيصة، وتلك خصيصة اصابت الكثير من المشتغلين بالسرد بعد سنوات التغيير، انتبهت النقدية العراقية الى مقابرة صبيحة شبر، واصرارها فقرأتها ، وان كانت بعض القراءات، بسيطة وخالية من الدقة النقدية وتوضيح كيفيات نمو السرد ودلالاته، تحتاج شبر الى اكثر من زاوية للقراءة واهمها الزاوية الاجتماعية للمسرود الذي يحمل الكثير من هموم الانثى وعذاباتها.