ديباجة ترشيح الشاعر ( مظفر النواب ) إلى جائزة نوبل للآداب 2018

  • 15-12-2017, 03:37
  • نشاطات ثقافية
  • 956 مشاهدة

ينطلق الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق, وأعضاء لجنة ترشيح الشاعر العراقي مظفر النواب لنيل جائزة نوبل للآداب من إيمانهما العميق بأنّ تراثه الشعري الذي كتبه باللغتين المحكية والفصيحة مثّل تحولا في عمق التراث الشعبي العراقي, حين لمس فيه مكامن الطاقة الحسية ليطلقها – في ما يشبه السحر – قصائد تتناقلها الألسن في بيئات اجتماعية مختلفة, وفي جغرافيا لغوية لا تعرف حدودا. وبالرغم من أن انخراطه في العمل السياسي, وخوضه غمار المواجهة مع السلطات الحاكمة كلفاه سنينا عديدة من حياته قضاها بين سجن و نفي وهرب وتخفٍ, إلا أنه لم يخضع لأي شكل من اشكال الايدلوجيا أو انغلاق الرأي بل كان همّه الوصول الى تأكيد حرية الذات وسط قوى تشكلت تأريخيا, وأفرزت اشكالا من الحظر الاجتماعي والسياسي والديني. ومن هذا المسار انبثقت فرادته الشعرية التي جمعت بين بساطة موضوعها الإنساني, وحداثة شعره الذي عدل فيه عن الوصف والتكرار, حيث عمد إلى إنشاء قالب يحاكي نظاما بسيطا للسرد يقوم على سلسلة متعاقبة من الحبكات وحلولها من دون أن يغادر غنائيته التي تمخضت عن الوجدان الشعبي وعبّرت عنه في آن واحد. لقد نحت قصائده بإزميل الصدق والمعاناة حتى أصبحت قصائد ناقدة ، مستفزّة ، وصفها بعض النقاد بالجارحة فهو يحاول من خلالها تفكيك سكونية الوضع العربي, ووقوع الذات العربية ضحية للطوطم الذي صنعته. لقد نجح الشاعر النواب في نهاية الخمسينات ومطلع الستينات من القرن الماضي في ان يحقق ثورة شعرية تمثلت في كسر النظام العروضي التقليدي للشعر الشعبي بدرجة تماثل ما حققه في شعره الفصيح, كما انه أخرج القصيدة الشعبية من ضيق تداولها المحلي ومن إطارها الغنائي الرومانسي إلى فضاءات الحداثة, وبما يشكل رؤية اجتماعية وجمالية جديدة، إنه ( نسر الاساطير ) على حد تعبير أحد متابعيه و ( زقورة العراق ) إذ ليست الزقورة درجات صاعدة إلى فناء المعبد, بل هي المرتقى نحو السماء, وهي الوظيفة التي اسندها النواب للشعر – بعكس النثر – وهو لا يسير على الأرض بل يصعد في مرقاة بعد مرقاة إلى حيث تختفي الحدود عبر رحلة صوفية عاشها النواب بصدق تمثلت بوداعة التأمل, وملامسة مجسّات الوعي, والتعبير عنه بحماس غير مألوف سواء على صعيد نبرة الايقاع الشعري أو مواجهة الكليشيهات الاجتماعية. إن هذه الذخيرة من كنوز الإبداع الشرقي التي استودعها أعماله الشعرية الكاملة, فضلاً عن إسهاماته في إثراء الأدب الشعبي بما سكبه من تطوير في نسجه, وارتقائه عن طريق قصائده بالموسيقى العراقية والعربية وهو يرفد الأغاني بأعذب المفردات الرصينة, وحياته التي تمثل دراما إنسانية فذة, وموقفه الثابت على العدل والوقوف مع آلام الشعوب, وحضوره الباسق كتابةً وإلقاءً ومسرحةً وتشكيلاً وحياةً من الجمال, كل ذلك, حدا بنا نحن اعضاء لجنة الترشيح إلى رفعها لمقام لجنة الحكماء لجائزة نوبل للآداب, وهي – أي لجنة الترشيح – تضم اعضاء ينتمون إلى حقول معرفية فاعلة, من نقاد أدب و أساتذة جامعيين وشعراء وقصاصين ينطلقون بهذا الترشيح من احترام ذاتنا الجمعية الإبداعية التي هي ليست محل مقارنة مع ذوات أخرى لقياس العلو والانخفاض, بل هي تعبير عن ثقة مطلقة بكينونة تمتد جذورها إلى مهد الحضارة الإنسانية قبل أن تسمى عراقية, وهذا هو الموضوع الرئيس والوحيد الذي عاش من أجله الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب, ومن أجله كتب شعره فهو شاعر أحب الناس وأحبوه .. لا يذهب إلا للناس ولا يذهبون إلا إليه. الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق