كلمة الاتحاد العام للأدباء، والكتّاب في العراق بمهرجان الحبوبي/ الدورة السادسة، دورة الباحث والآثاري د.عبد الأمير الحمداني

  • 24-03-2022, 21:36
  • وكالة الأديب العراقي
  • 675 مشاهدة

السيدات الجليلات..

السادة الأجلاء..

طاب مساؤكم بالمحبة والورد..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

نلتقي اليوم في مهرجان الحبوبي السادس، بعد قطيعة فرضتها الظروف الصعبة والأزمات، لتجيء الهمم الباسلة مذللةً الصعاب، وخالقةً مشواراً من الشموخ.

نلتقي في (ذي قار) ..

ذي قار الفكر

ذي قار الحضارة والعلوم

ذي قار الأصالة والنخوة والشموخ

ذي قار الحرف الأول والكتابة الأولى والكلمات العريقة الأُوَل..

ذي قار الثورة والإباء والتحدّي، وعدم النوم على الضيم..

ذي قار تشرين التي لم يبرد دمُها، ولم تتوقف ساحاتُها، ولم تجفَّ قهوةُ تظاهراتها، ولم تنثنِ شوكة نشطائها، فهم النار والجمر والعصبُ العراقيّ الشروكيّ الضارب في جذور سومر،

وهم الأحياء حتى حين ثقّبتهم الرصاصات على الجسور، وحين هدّدهم الأوغاد بأراجيف فتنهم،

وهم من سيصنعون الوطن، ويُحيونه من جديد بأياديهم البيض وأفعالهم الاستثناء.

ولأننا في محراب ذي قار، نتجول بين أفاريز الثقافة والأدب، لا بدّ لنا أن نشكر أدباء هذه المدينة العصماء، قدرما صبرت على المعاناة، وقارعت لترسم كل يوم مسرحيةً وقصيدة وكتابا وفيلما واغنية ولوحة ورواية وكتابا مهما، فالمدن الحية هكذا..

تستلهم من عمقها التاريخي ما يجعلها مستمرةً بالنهوض..

وقد أجاد هذا المهرجان بفضل سجاياكم ايها الذيقاريون، اذ تتكاتفون حتى حين جفّ الزادُ والمُعين،

حتى حين بقيتم وحدكم، فتحولتم لسيف باشط بوجه كل ظلام وظلاميين..

ويجيء هذا المهرجان جامعاً الحسنَ كله، فهو الملونُ بأصناف الفنون والمعارف، والدولي العالمي العراقي لدرجة تعجز مؤسساتٌ كبيرةٌ من أن تجيء بمثله، صافيا حقيقيا غيرَ منعقد بأمزجة وأهواء،  أو لأغراضٍ خاصة.

وحسنا فعل أرباب الكلمة الحرّة بأن أطلقوا اسم الباحث الآثاري د. عبد الأمير الحمداني على هذه الدورة، ففي ذلك من الوفاء ما لا يقدّر، وفي ذلك شهادةٌ بأن الحمدانيّ لطالما تفانى من أجل وطنه ومن أجل زملائه الأدباء، فشكرا له وهو على فراش المرض، بينما يرسل قلبه متجولاً هنا بيننا، متحدّثا لنا عن الآثار، راسماً خطة الحاضر بإزميل الماضي، ومانحاً وسطه الأدبي تقويما ثقافيا ترعى من خلاله الوزارة في عهده كل شهر، مهرجانا او مهرجانين، فهذا دورها،

فوقوف المثقف على ابوابها نقطةُ ضعف لها، ووقوفُها على ابواب المثقفين نقطةُ إكبار لها وشموخٌ للمثقفين بها واليها، إذ لا منّة منها حين ترعى، انما هو الواجب؛ أقلّهُ وقليلُه.

أمدّك الرحمن بالصحة أيها الحمداني وأعادك لوسطك سالماً معافى مظفرا بأصدقائك الخلّص.

........

أيتها السيدات..

أيها السادة..

قبل أشهر انشغلت المؤسسة الرسمية في العراق لتحتفل بمناسبة مرور مائة عام على تأسيس الدولة العراقية، وعقدت الجلسات ورفعت العزائم، وحضر المدعوّون لفعالية لم تأتِ أُكلها، ومرّت من جنب المواطنين والمثقفين كسحابة صيف فانية، وغير ذلك كثير، لأن مشروعات لا تعني الناس، ولا تنهض لخدمتهم ستظل يتيمة وغير مجدية..

ونحن اليوم في مهرجان الحبوبي الذي أقام الدنيا ولم يقعدها، ابتداءً من فكرته ومشاوراته واعلاناته، لو تبصّرنا بميزانيته لوجدناها تقل بكثير عن عُشر ما تم تضييعُه لإثبات أن العراق صار عمره مائة سنة فقط.

باختصار.. لقد اثبت الذيقاريون بأقل الامكانيات، ان العراق ليس طفلا بين الأمم..

اذ كيف لنا ان نحتفل بسنواته المائة فقط، وهو منذ ستة آلاف سنة يكتب الشعر ويعزف الموسيقى ويؤلف الملاحم،  ويصنع الحضارة تلو الحضارة بإباء واقتدار ومجد.

ولأننا في كل محفل نكررها، سنظل نكررها حتى نحققها سَلماً وتظاهراتٍ وضغطاً وسياسةً، محاولةً بعد محاولة، اذ لا مناص من ان نقولها عالية في وجه كل غافل او متغافل، إن ادباء الوطن هم نبضه الذي لن يهدأ حتى تحقيق مطالبه المستحقة.

من قوانين راعية وتفرغ ابداعي وخدمة أدبية، ومنح كريمة تعلو بالكرامة لا تنتهكها، ورعاية للفعاليات والنشاطات، ومقرات ثابتة ومستحقات سكنية تُنفّذ من دون تسويف ومماطلة، وإن كان الحديث اليوم حديثا عاليا، فإنه سيعلو في مقبل الأيام أكثر، وسيتطور ليكون مداً هائلا من الأفعال، فالشرارة الأصيلة لن تنطلق الا من حناجرَ صادقة، ولا أصدق من حناجر الأدباء حين تصول، ولا أكفأ من أقلام الكتاب حين تجول.

أيها الأحبة..

ليكن مهرجانكم هذا موعدا للاتفاق على خطى ستتحق بالتأكيد يجهدكم، فإن الأمل قريبٌ أكاد أحصي ضوءه برّاقاً..

يكنس المتزلفين، ويدحض المقللين من شأن فعالياتكم العظيمة، ويركل الذين يصدق عليهم قول المتنبي حين ينشد:

ومن يك ذا فم مر مريض

يجد مرا به الماء الزلالا

أصروا على صناعة الحياة عن طريق الملتقيات والمؤتمرات والمهرجانات والفعاليات، فلا جمال الا عن طريق التواصل، وابتكروا واحلموا فإن للحالمين يقظةً لا تزول الا بتحقق احلامهم، وهذا هو الاثبات امامكم، مهرجان أسس على اعمدة من التقوى، بتبرعات المحبين ومدخرات الفقراء.

مهرجان اعطى المثال لنا بأن نقود أنفسنا لا أن نُقاد لغيرنا. .

مهرجان يضرب درساً للمتحجّرين على عروشهم، بأنّ الساحة لن تكون خالية من المبدعين،  وأن الثقافة تعني أن تراعي الناس ومتطلباتهم، لا أن تراعي رغبات خاصة لنموذج فريد غير متحقق أبدا.

فشكرا لذي قار التي تمتلك كل شيء وزيادة..

فهي وطن كامل متكامل

وشكرا لأديباتها وأدبائها..

لاتحادها وهيآتها..

لحكومتها المحلية وناسها..

لمثقفيها وكسبتها

لعشائرها ومدارسها..

لهورها وزقورتها

فيا ذي قار الأصل..

سنحاول ان ندرس في أرقى جامعات الكون، لنعود محمّلين بالألقاب والشهادات والمراتب، ونكوّرها كلَّها امام بابك لنقف تلاميذ في صفك الأول، فانت المؤسسة التي لا تزول، والمعلمة البارة بكل الوطن.

اللهم اني وقفتُ أمامك حين وقفتُ بباب مدينتك ومسقط رأس أنبيائك..

اللهم اشهد انني اقف معها مظلومة مكلومة شهيدةً تُشيّع ابناءها من اجل العراق لتحريره من كل دنس..

اللهم امنحها وامنح اهلها ومثقفيها العز والسمو على كل الطغاة..

فقد جلبوا اليوم رحيق اصواتهم ليوقدوا شمعة البلاد..

ادبا وفنا ومعرفة وثقافة وابداعا..

الرحمة لشهداء هذه المدينة الباسلة التشرينيين الما زالوا يعدون بالثورة..

الرحمة لشهدائها وهم يدافعون في كل الجبهات..

والمجد للأدباء..

المجد للأدباء..

المجد للأدباء..

والسلام عليكم


#الأدباء_نبض_الوطن