سلالات الشعرالمقهورة!!
*ولد جاء من بين أحضان البهجة البصرية، ونداءات نوخذاتها، ليشيد له صرحاً مخترقاً لعب العاصمة ومردلجاتها التي تحرك الشعرية كما تريد، الولد النزق الى حد الترف، يريد ولوج احلام السياب عله يكشف بقايا حلم، واشارات لطرق اهملها السياب او علمها ليسلكها هو، مع خياره الصعب، كانت ايامه تتصاعد وجعاً، وتنكسر عند لغة الجسد المفعم برجاءات البياض، كلما صعد باتجاه مشاغله اليومية ارجعته القصيدة الى مكتشافاتها، كانت اعماقه تردد .. ياحطاب مالك وفوضى الشعراء واثامهم.. ياحطاب مالك وهذه الممالك الذي لاتأوي الفقراء ولاتمنحهم سوى وعود ما تحققت قط.. ياحطاب انظر صعود هذه الارتفاعات اسهل لك من درب قصيدة لا تمنحك وجودها، ولا تمنحها شاعريتك، لكنه وبعناد حطاب مع جذع شجرة وضع الخروف بتدرجاتها التأثيرية ليملأ بياض الاعتياد، نمت روحه وعظمت مقاصده ليطلق اول التحايا صوب مساكن الفقر والجوع والانهدامات النفسية، سلاما ايها الفقراء، سلاماً صناع الحياة وحقيقتها السرمدية، خيمت الأسئلة بكل اتجاهاتها على عمر الولد البصري، الذي اختار بجرأة معناه الحضوري.. جواد الحطاب.. تلك مهمة عسيرة ان تدخل غابة الشعر لتمتهن الحطابة، فاسك حادة وذراعك متينه وحنجرتك صافية، اما عقلك فيجب ان يكون بفعل الضوء، ترتيلة سومرية، واغنية توسل كهنوتي، فض جواد الحطاب كل الاشتباكات التي عاشها ، ليلبس ثياب الشاعر الغاوي، وليقيم فوضاه عند امكنة تعلن فوضاها هي الاخرى، كان جيل السبعينيات اكثر اجيال الشعرية احتداماً لانه وجد نفسه بغتة عند مفترق طرق، ثمة الكثير من دعوات الادلجة التي تتصارع مثيرة شكوك الارواح التي لاتريد غير شاعريتها الخالصة، دقق الحطاب في المعاني والواجهات، واعلن ممكن ايها الولد اعلان وجودك مع الجمع والبقاء وحيداً، تبدو المهمة مستحيلة وصعبة التحقيق، لكنه امسك بقرني بعض التوازنات ظلت اشتغالاته خارج الاسراب التي تطالب بالتغيير والمغايرة، وابتعد بقصدية الوضوح عن السير دون انتماء ارثي للشعرية العراقية، ظن الحطاب يقيناً ان لا شعر دون نبش في العقلية الشعرية الجمعية، كيف تمارس اعلان القصيدة دون حسب الشيخ جعفر ويوسف الصائغ وسامي مهدي وبلند الحيدري وسعدي يوسف وحميد سعيد..؟
كيف يمكن اعلان تميزك وانت تقف قصياً عن رعد عبد القادر وخزعل الماجدي وزاهر الجيزاني وكمال سبتي؟
ايختار الحطاب العزلة، والابتعاد ليكون مثل حي بن يقظان.. وحيداً يتعلم لغات التأمل والافصاح والبوح، لم تمهله الحرب كثيراً، سحبته الايام لتعيده الى احزان بصرته ومخاوفها، يدون كل ماهو حي ليكون فيما يلي من الايام ارثاً يمكن الرجوع اليه، يوميات بن الهيثم، سجل مدهش لكل ماسي وفواجع الحروب، كان يرى الحرب بعينين بعيدتين عن المباشرة، حياديتين بوضوح، ودقيقتي الملاحظة للخفايا والاعلان عن لحظة اكتشافها، ظل هذا المعنى يقدم سرديات جواد الحطاب بعد هدوء عاصفة التوابيت، وتحولت مرموزاته البسيطه الى قوى اشارية جارفه منحته القبول لدي العقلية الجمعية التي اعتمدته فيما بعد كجزء من ارثياتها العامه والمهمة، غابت تلك المهمات الشعرية القصيرة ، بتمامها، لتنقل الخطاب الى مطولات مازجت بين اليومي الصالح لان يكون شعراً والاشارات المعرفية المراد ايصالها، وتحولت لغة الحطاب الى التماسك الاقرب الى لغة المتصوفة التي لاتخلو من حكمة ووعظ ومسارب من الهموم المزوقة بخروقات جمالية، تبدأ نثريات الحطاب الشعرية من خلال ثيمة اشارية تأخذ بالمتلقي الى ثيم زمانية تتكاثر لتكون البناءات العامة للنص، مع وفرة من الدلالات والمرموز، والغريب حقاً ان الحطاب لم يقترب كثيراً من الارثيات العالمية سواء كانت معاصرة او تقليدية ظلت مساحة اشتغاله يومية تؤرشف لوجودها الانساني العام، انتبهت النقدية العراقية لمهام جواد الحطاب الشعرية ومنحته فرص قراءات عديده وضعته عند مكان ممتاز في الارث الشعري العراقي، والسؤال الذي اجده مهماً وضرورياً، اي المحطات سيختار الحطاب بعد ان نضجت تجربته وبلغ من العمر ما بلغ، اتراه يعود ثانية الى بيوت الفقراء ليلقي التحية ثانية، ام يختار له خندقاً ليدون من خلاله ما يرغب ويريد.. اظن انه اختار الامر الثاني.. فلقد وجدته يلوح محتجاً عند رصيف يقابل نصب الحرية!!