(مخطوطة فيصل الثالث) لمحمد غازي الأخرس في اتحاد الأدباء
مشروع البديل الثقافي/ مكاشفات ورؤى في اتحاد الأدباء
رحلة في العقدين الذهبيين (كان ياماكان) بغداد عبر عيون مارغو كيرتيكار
مستعداً لمعرض الشارقة.. اتحاد أدباء العراق ينهي مشواراً ناجحاً في معرض الرياض للكتاب
الأرشيف والذاكرة العراقية في اتحاد الأدباء
استعدادات مهرجان (جواهريون) السادس
(شاعر ورؤية)الشعر مرآة الوعي والوجود الإنساني في اتحاد الأدباء
(الحياة الشعرية) تأملات في جوهر القصيدة وعلاقة الشاعر بالعالم..
كلمة رئاسة وزراء العراق قرأها المستشار الثقافي لرئيس الوزراء رئيس الاتحاد الشاعر د.عارف الساعدي
كلمة الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق في افتتاح مهرجان (جواهريون) السادس ألقاها الأمين العام للاتحاد الشاعر عمر السراي
إعلام الاتحاد | بغداد
السيدات الجليلات..
السادة الأجلّاء..
الأديبات والأدباء..
الحضور الكريم مع حفظ الألقاب والمقامات..
السلام عليكم، والشكرُ لكم، لحضوركم الكبير، وشكراً للرعاة والعاملين واللجان، شكراً للمتفانين كل رفّة رمش ونبض.
وبعد..
حين ربط جلجامش حجراً في قدمه غائصاً في النهر بحثاً عن عشبة الخلود، كان يفكّر وهو يقطع المسافة بين الهواء والتراب بأن يظل شابّاً إلى الأبد، فكتب قصّته عن كل شيء رآه، (فهو الذي رأى كل شيء).
كتب عن الملابس التي ما كنّا سنقتنيها لولا أنها أشارت إلينا في لحظة ماضية، وعن ألوانها الصاخبة، وياقاتها التي تطير مع كل نسمة ربيع، وعن الذقون التي لا يثبت فيها المشط فيها فتباغتها الصباحات بالإزالة القسرية.
كتب حكايةً، مفادها أن فلاحاً وحيداً قرر أن يكون سنبلة، وكمَثَل حبّةٍ أنبتت سبعَ سنابلَ، في كل سنبلة مئةُ حبة، فارت أحلامُه لتملأ الحقل، وصار يَعدُّ على أصابع يده، عفواً على أصابع قمحه عديدَ ما مرَّ به من مواسم. موسمٌ باسم الحبيب النورس، وآخرُ يقرع الجرس لعبد الأمير، وآخرٌ لفتى غاب في غياهب المرض وهو أميرٌ وأكرم، وآخرُ لمروان المرفوعِ فاعلاً، علامةُ رفعه قبعةٌ منوَّنة، وآخرُ للسياب، وأخيرٌ لوالدٍ حمل في قلبه الشباب طريقا للإبداع ناصحاً لهم، فكان أحمد خلف.
وفي منتصف المسافة وهو يقطع الموجَ نحو قاع النهر، كتب جلجامشُ عن الجرأة والثورة والتحدي، عن الجيوب الفارغة التي لم تتردد في أن تواعدَ فتاةً، تحملُك الخُطى إليها لتعيشا معاً في حلم عميق قد لا يتحقق، كتب عن كلِّ شيء رآه، وهكذا روينا عنه وقرأنا للبشرية ما يلي:
حدّثتنا الأعوامُ بأن ثمة جواهريين، شعراءَ من نسج البياض الذي لا يشيخ، يتمايزون دفعةً إثر دفعة، فقد ظهر أحدُهم في الموسم الأول وظهر آخرٌ في موسمٍ ثانٍ، وصاروا يتوالدون فأصبحوا المتنَ البارز في تاريخ الأدب.
قطف جلجامشُ عشبةَ الخلود، وغفا على جرف النهر دقائقَ فضاعت منه عشبةُ الخلود، حزن، وبكى، وأخذه الأسى ساعةً، لكنّه أدرك، أن الخلود لا يجيءُ بأن تعيشَ طويلاً، وأن الشباب لا يعود بعشبةٍ فانية، فالخلود، كل الخلود هنا، في أن تكون اسماً مهمّاً في هذا المهرجان الشبابي المهمّ.
الخلود أن تكون شاعراً يحيط بك الشبابُ من كل صوب ونبض، فمرحى لكم أيّها الشبابُ المبدعون الخالدون.
فيا أيّها الأحبةُ، نحن إذ نلتقي في مهرجانٍ ومسابقة للشباب إنّما نلتقي لنؤكد مداد ما كُتب بما سيُكتب، ونقف تجاربَ راسخةً تنهل من تجاربَ جديدة، فالشباب هم المنبع الذي لطالما زوَّدنا بالحياة، الشبابُ هم الثورةُ التي لا تعرف الأفول، الجرأةُ والطمأنينةُ الفطريةُ للأشياء، الشبابُ هم المغنّي الذي لن يشيخ، والصدقُ المحضُ الذي لا يعرف التزوير، هم المتواعدون لقراءةٍ أمام مرآة، والساهرون من أجل مفردةٍ عصيّةٍ شاكستهم حينما لم تصلح أن تكونَ قافيةً فروَّضوها بدخان سيجارة.
لذلك أيها الأحبة، قد يزول كل شيء، الكلام والبوح والصباح والليل والموت واللقاء، قد تزول الفنون والعيون والمشاهد والتاريخ والأنهار والمحيطات والدول والفرح والحزن والشجن،
قد يزول الوطن،
إلا أن الثابت الذي لن يزول، وسيعود بكبسة زر واحدة منكم هو الأمل.
فاكتبوا كما تشاؤون، لا كما نشاء، غامروا واصنعوا الحياة، تحدّوا واخدشوا الآفاق لتتسع السماء،
غنّوا، فلا أجمل من أن تكونوا أغنيةً تتجوّلُ في كل قلب يستمع، انتفضوا وبوحيكم سننتفض.
أيّها الأحبّة..
مباركٌ لنا ألقُكم، مبارك للفائزين وهم يقفون ليكرّمونا بجوائزهم، وسط تقدير شيوخ الأدب، مباركٌ للمتنافسين وهم يتمايزون صوراً وإلقاءً وأداءً وأناقة حرف وجُمَل. مبارك لنا بكم يا من تصنعون اليوم السماء السادسة لجواهريون.
أنتم الجيلُ الذي قال عنه الجواهري مبشراً:
سينهضُ من صميمِ اليأس جيلٌ
مَريدُ البأسِ جبّارٌ عنيدُ
يقايضُ ما يكون بما يُرجّى
ويعطفُ ما يُرادُ لما يُريدُ
أيها الأحبة، أشكركم لحضوركم، وللغذاء الذي لن ينفد ما دامت قريحتٌكم زٌوّادةً على كتف الشعر،
أيّها الكرامٌ البررةُ الكبار..
باسمكم نفتتح كل هذا الجمال، يا سعاة البياضِ وأغصانَ الإبداع والألق،
دمتم رعاةً للأمل الذي يشدّنا، ويدفعنا للبقاء.
والسلام
بغداد
16 تشرين الأول 2025