كريم شغيدل.. تأملات فلسفة الشعر - شوقي كريم حسن

  • 13-10-2020, 21:09
  • نقد
  • 955 مشاهدة

*في خضم يوم، صار طي التاريخ الان، وقف الولد معلناً بصوته الجوهري الخالي من التردد، انه يرغب بأن يقتحم خشبات المسرح، ويقدم شخصية هاملت الشكسبيرية المثيرة للجدل، راح يبحث عن مكان يرمي شباك احلامه عنده، فاستقر به الحال ليكون ممثلاً عارفاً بخصوصيات التجسيد، وفاهماً بدقة المحترف كيف يفكك ابعاد الشخصيات المجسدة ويعيد قراءة مكوناتها النفسية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، حتى انه ذهب ايمثل البلاد في مهرجان اقيم في بلاد المغرب، كان الحلم واضح الدلالة، والدرب سالك ويوصل الى الغايات، لكنه وفي خضم هذه الارجحة الروحية، اكتشف أن هناك مسالك معرفية اهم ولابد له من ولوجها، قرأ الحداثة الشعرية، وتوغل عميقاً في المستجدات التي خلقتها النهضة الشعرية الستينية، واندمج بكليته مع تحركات الجيل السبعيني الرافض لكل محددات ومسيطرات الوجود الشعري، حتى انه ناصر الاهم من الشعراء وهم خزعل الماجدي وكمال سبتي وفاروق يوسف وزاهر الجيزاني، حين اعلنوا رغبتهم بمحو السياب وهيمنته السلطوية على الشعر، بدأ كريم شغيدل، يتراجع عن خشبة المسرح، وينمو بسرعة داخل اتون جيل في طور القيامة والتأسيس، كانت الحرب، قد منحت التاملات بعضاً من اوهام الفناء الفلسفية، التي تثير الأسئلة دون انتظار للاجابات، الحرب صارت مصدر قلق يومي، وتيه منح هذا الحيل تمرداً خاصاً، لم تالفه الاجيال السابقة، وما اختارت مثله الاجيال الاحقة، كانت نصوص كريم شغيدل، القصيرة، والاقرب الى الصورة المسرحية، تختلف عن تلك التي تعلن وجودها عند ابناء الحرب، يرسم يومه الغريب بحرفية الفاعل الجمالي، مع قدرة تأثير لدى متلقيه، وطروحات تمنح النص بعداً فلسفياً لايخلو من الدهشة والاستمراية، نصوصه متحركة لاتستقر، ومكوناتها تغاير الفهم اليومي للقلق وماهيات الوجود، الحرب ما كانت اشكاليته المعرفية الاولى، بل ثمة اشكاليات اخرى، يظن كريم شغيدل انها الاهم، تلك هي اسرار الحضور الشعري وتميزه، ما فائدة عن تكتب نصاً شعرياً يمر بسرعة ، دون ان يترك اثراً لدى متلقيه؟

حتى وان كان هذا الاثر معنوياً عاماُ ، اين تكمن خصوصية الشاعر، في خياراته الشعرية، ام تفحصة الروحي لمسارات الفعل الشعري؟

وكيف يؤسس لمغاير وهو يراقب هذه الفيوض اليومية من النصوص بكافة تحولاتها؟

الجدل دفع كريم شغيدل الى اتخاذ طريق الدراسات الاكاديمية، فدرس الحداثة الشعرية، بروح الباحث الشاعر، لا الباحث المحايد، وقد تابع المتغيرات بدقة وحذر، جعلته يراجع منتوجاته النصية، ويمنح النص الشعري الكثير من عندياته الجمالية، تلك الحركات السريعة، صارت في الاحق من اشتغاله، اكثر رقة وصفاء وتاثيراً، نمت ثيمه الشعرية بتلاحق سردي، لايتعجل الغايات، ولكنه يمنح متلقيه، فسحة تذوق وتفحص وقبول، وتلك سمة مهمة جعلت كريم شغيدل مقروءا ومتابعاً نقدياً، ولأنه قلق وخائف معرفي بطبيعته، نراه يثور على الشعر، وعلى اكاديميته، ليدخل معراج الكتابة المسرحية ناقداً ومنتجاً، اخذاً الكثير من لغة الشعر ليضعها داخل بناء مسرحي شخوصه تتصارع من اجل معاني انسانية سامية ومهمة، سيبقى كريم شغيدل هكذا، مرتدياً لامة مخاوفه، يهرب بأتجاه الشعر، ومن ثم يهيم في روحيات الشخوص المسرحية، ليعود الى هدوء واسترخاء الدرس الاكاديمي الذي يشعر معه بالهدوء والرضا، تهتم النقدية العراقية بموجودات كريم الشعرية رغم قلتها، لانه ركن مهم من اركان جيل خبر الخنادق والحانات والرفض، واكتشف ان للشعر مهمة جمالية هي التي تبقيه حيا ً خالداً!!