التشكيلي طالب جبار/ سرديات اللون وخياراته - شوقي كريم حسن

  • 28-09-2020, 22:10
  • نقد
  • 1 149 مشاهدة

أيام تعثر خطواته الوجلة في دروب الطين، يقتعد احزانه، متمنياً لو ان طين الدرابين.. تحول بلمسة أم سومرية، وغناء حنجرة وجع، الى اصنام، وفراشات، وعرائس بحر، يحتضن الاطياف، اويغرفها ليلج صمت وجوده، متأملاً تلك المخلوقات الجميلة، وهي تأخذه الى مسارح المباهج، يحكى أيها الغشيم الرافض، أن اللون هو سر ديمومة الحياة والقها، وإن اللون روح الابدية التي تغسل الصباحات بعطور الرضا، بقلق الولدنة، وارتباك الاختيار، يأخذ اقلام سود فحمية، ليبدأ التخطيط، ماذا يمكن ان يخطط، وكيف يمكن الأختيار ، واعماقي مكتظة بالافعال والوجوه، هو لايعشق الاسود، لكنه وتقديساً لعباءات الامهات وثيابهن، قرر ان يبدأ من ذاك الحزن السرمدي، سيول الرجاء ملأت البياض بوجه سومري، تحيطه هالات ربانية وملائكة زغب يرتلون اقداس الفكرة، الوجه، اراده مبتسماً ، ظل صافناً لزمن طويل، مع انهمار سؤال صعب الإجابة، لانه لم ير الام تضحك او تبتسم، الامهات يعشن الفة مع الصمت، والترقب، تعالت اصوات زغب الملائكة، ان اجعلها تبتسم، امنحها مساراً لونياً يخالف حقيقة هذا الارث، جرب ببطء المنكسر، لانه أدمن التخطيطات الارثية اولاً، طالب جبار، اصابع تمتهن النظر الى الاجساد، والوجوه، ورفقة الحكاية، لم يأت من فراغ ليلج فراغ، كل ما تمسكه الذاكرة اللونية لابد وان يرافقه فعل حكي ناطق، وجرأة تجسيد تحدث رجة غير متوقعة لدى متلقيه، في بعض تخطيطاته حول الانزياح الى امكنة اشد اضاءة ، واقل حركة، لكنه تراجع مسرعاً لانه يريد للواقع ان يدجن السواد، ويمنحه سرعة انتماء حركية، تشعر متلقيه بأنه جزء من هذا الفعل القاتم والمليء بالاسرار والالغاز، وحين قرر الانتقال الى اللونيات الحادة والصارخة، وهي انتقالة عميقة التأثير في اطمار وجدانيته اللونية، راح يبحث عن البدائل، لم يرض الأنتماء الى مدارس الاشتغالات الون العالمية، كان يتفحص بيكاسو ويتأمل دالي، ويغوص عميقاً في سكونيات اللون مع فان كوخ، ويبتسم حين يبصر حصان فائق حسن ، وهو يجمح بالوانه، ربما اغرته تجربة جواد سليم مع بغدادياته، وربما تأثر بانطباعية عبد القادر الرسام، ومحفزات كاظم حيدر، ومحمد مهر الدين، ومسرات قتيبة الشيخ نوري وعطا صبري، ماالذي يحدث ان جمعت الوان طالب جبار، كل هذه الافكار والمدارس والالوان.. اهو الجنون الذي يدفعه الى هذا؟

اعاد السؤال.. لكن وجه بابلي بقسمات مسترخية، شده الى بهاء اللحظة، فراح يلون ما تعلمه حين كان ابناً لاقلام السواد، منحته الالوان فرص لتأمل ذاته من الداخل، بدأت لحظات خلاصه تتضح، وعلامات خطوطه الدلالية تتسع لرؤيا مختلفة، لونياته تأخذ متلقية الى عمق السر الحركي الذي يرافق اللوحة ومساحتها المشهدية، رغم ان مكونات طالب جبار لاتتسع لكل شيء، هو يعشق المونتيفات الحكائية التي تشبه اللقطة المتقنة التأثير، الاتساع والسعة تربكان روحه ، وتجعلانه يقف حائراً امام هذا الأمتداد الذي يشعره صعباً، وخال من الدهشة التي يبحث عنها، والتأثير اللوني، لهذا بعمد الى تقطيع افعال الجسد العام ليضع المطلوب بلونيات تبدو حارة ومثيرة للارتجاج والوجع، وقد ترافقها الفوضى، هو يختلف كلياً عن التشكيلية العراقية، صاحبة الامجاد المهمة، وختلافه اثر عليه بعض الشيء، فلابد من سرب يطير معه، ويتحاور معه، ويقرأ تجاربه بهدوء.