عبدُ اللهْ
يا عبد الله التائه في دفات الكُتب
يا جسداً يمتصُ بُخار الشاي كما الإسفنجة
يا من أتعبهُ سير الطرقات الحُبلى بالدم،
أخرج من جسدك الواهن رايات الإفرنجة
لا حرب هناك.. أصمت، أهدأ، أزفر قلقك
لا تسأل، لا تشكُ، واعزف أوتار كمنجة
تلك هي الريحُ، يا عبد الله المقهور
بالأمسِ.. مرّت تزعقُ في شباكِ العالم كالرعد
واليوم.. ميتةٌ (لا يُعرف ما شكل الريح)
والكونُ يبدلُ ريحاً مسعورة
بأخرى ناعمة مسرورة
(تكادُ تمرُّ)
يا عبد الله النسّاء،
ليتك لا تذكرها (في البحرِ حصاةً مرمية)
ليتك هيمنغواي..
تودع أشياءك، حياتك، كالمجنون المستاء،
لكنك تُمعنُ في ذكراك الإسمنتية،
تُخرجها من فتقِ خيالك، وتسكر؛
ذاك هو البحرُ، يلثم ساقيها الزبديّة،
يشربُ أذيال الشعر المتموج، يلتفُّ على ردفيها كالثعبان
وبخفةِ عارف، يأخذها البحرُ الماكر لغياهب أعماقه
يا عبد الله الإنسان..
فاقتْ في أوردتك (آلام فارتر)
فاق القلبُ العميان،
من يدري كيف يُصاغُ الكون المهدور،
امرأةٌ تقرضُ نهديها في المبغى
أخرى تُلقِمُ طفليّها الوطنَ المغدور
نهرٌ ينزفُ تاريخَ الموتْ
آخرُ بين العشب المخضوضر في الغرب يدور،
يسردُ إيماءات الورد
وضحكات الشمس وعينيها
يا عينيها.. كونٌ في كف الله يفور،
والروح الثكلى تسأل: من يعرفُ كالحبِ مصيره،
من يشفي جرح القلبِ ويمنع أصوات صريره،
عينٌ ساهدةٌ لا تعرف إغماضة عين،
ميدوزا تَنحبُ، تصرخُ في الليل
لكن عينٌ أُخرى هانئةً في الحُلم قريرة،
وأنا وأنتَ.. يا عبد الله المختار
نبحثُ عن قبرٍ في جوفهِ أضواء،
وندعو: اللهم قِنا عتمة هذي الأرض،
اللهم قِنا شر البلدانِ وشر الإنسان وشر الأنباء،
نحنُ الموتى.. نبحثُ عن زاوية وجدار
- يا عبد الله الفاني -
لنصمت في عزلةِ صوفي محتار.
- حيدر يونس كاظم
-