-1-
من موته المؤجل / استيقظ في زقاق الرماد مندهشاً / تلمس أكفان أصابعه المنقوعة بالدم كانت لؤلؤة القبر تدير الراح على زوبعة الأفواه / وتلعن زمناً صار الأعمى فيه ضبعاً مذؤوباً / يا ضيعة النساء ! / السحنة لن تفتح مائدة للدود / وخيط التابوت الذي قيس على شبرك يا بروكوست / ما عاد يداجن ليكون البيت أو الموت أو المقهى / خمسة أعوام وقلبك تنورٌ يهدج فيه الفيءُ يمج الحقد على غيمات عجلى ستطيل الهمس بلا جدوى / في جذع النخلة هزي يا ضلع العازر بلحاً / حوّاء اختصرت فتنتها قوساً للفجر وطالت لتكون لنا العاهرة المجنونة في القلب الأقدس / أو زنوبيا المجنونة باللجة أو بالهدهد وهو يخصمها في ( اللات ) ومعنى النفي وخلود الروح / والعازر في محنته يرهنُ شيباته ليصبغ لحيته من دنس العمر بقطران أزرق ودهان عتقها الماضي / يا العازر خذ من كفن أدماه رعاة الوهم وقل : باسمك اللهم / ينخلع الأفق ليصير أثنين فالنصف لها والنصف لك / وأنت في المحنة خيط من موت يتلاقفه الشعراء المجنونون فضلة كأس من ناب الأفعى / يالعارز يا زمن السبي / ها قد بدلت العتبات مقاسات الأقدام وتناسى الناقوس صدى الروح وصار العقعق بلبل (شنعار ) / فليخسأ عاقولك إن كانت شجرة ملعونة ستلد الغابات المرسومة بالتبر الزائف والطلِّ الراعف والليل الآزف / يالعازر انا نعرف سحنات الغرباء .
-2-
من تمر عظامك ستصير خمورك صرخة عمر ضاع / وأنت تمج دما / هل تعلم أن الكأس الملأى فارغة وهي تسوق الليل وتشرب من شخب الرمل وترسم أقواسا للنصر تزينها بجماجم قتلاك / كانت أرضك تصرخُ قيامتك الآن على نهدي نهر / من كفك يرغو العبث ليحرق فجر الماء / وينير لأخوتك المرد أرض التيه وقد أنزرعوا عوسجة للريح وصاروا أسباطاً / رهنوا الكبر / وباعوا الفأس كسروا القوس / هدموا الدار / حرقوا الحقل / بقروا الحبلى ثمناً لنشيد الغرباء الآتين بجرن ذهبي / ورنين فضي / وشراب نبوءة ( ارميا ) / ومازلت تغني / خذ من كأس لا يشربها إلا ( بعل ) وصل الآخرة / وعلق أجراسك في رقبة مصلوب على جسر ( الحلة ) / غنِّ لمزيد من قتلى الحقد الأخوي المرسوم على بيت الماء .
-3 -
العازر ليس الأعزب بين جياع اللذة / لا المتزوج في جيش العزاب / ليس الأنثى بلا طمث / لا الذكر يراود بطنين ذكورته ماء الجنة / ليس الميت بين الأحياء / لا الحيوان الأوحد في غابات الأموات / العازر كان ، يكون ، فكن / كيف نفسِّر طلعته الخنثى في المرآة ؟!
-4-
وحين دعاه الكهان الى مذبحة / ألجمه الخوف / وفكر في طعم الذبح / حمل المدية مهموماً قال : تبارك قاتلنا وهو يقود الغرباء على منضدة المجد / ليبنوا بحروفك يا ( شنعار ) الهيكل / وكانت طرقات الليل عاقرة ألا من جمع سكارى يتهدج واحدهم وينوح ليتبعه الجمع / يالعازر ! يا ابن الربِّ العذري كيف تدنسُ أيامك ببقايا الشجرة الملعونة ؟ / يالعازر لا معنى لرفيفك فوق العمر وموتك تلعنه دقات الساعة في منتصف الموت / إلا من يأتي ليقول كلمات الربِّ على سريرك يا ( بروكوست ) / بالحق يقول :
كن جلموداً فلقد كنت الكاذب دوما /
كن صهد الرمل فلقد كنت الحاقد دوما /
كن حندس كانون ، فلقد كنت الخائن دوما /
لا ينفعك اللهبُ ولا الظل في القر ولا الصيف /
يا العازرُ كن خنثى الأسر القادم ومت بالحقد .
-5-
أقدام عارية وقلوب خاوية وعيون كالموت / تدندن أغنية الصخرة وهي تقاوم طلع التوت على باب الفردوس / يالعازر ! أعبر نهر الموت ، قاربك الآن بلا ملاح والنجار يحارب في الغابة ! أشجار البلوط / يالعازر أعبر نهر الموت / أكفّ سود وأفواه جياع / ومياه تنثر لهبا / صرخات ثكالى وكهوف موصودة / أجساد محصودة / وطرق مرصودة / يالعازر ! أعبر نهر الموت /
-6-
كان العازر في نشوته المعهودة فوق سرير ( بروكست )
نائماً على دكة الوقت .
هائماً وهو يستمتع بنقيع التمر في آخر أسبوع الحقد .
حالما وهو يغني لنساء الريح والعازر داهمه الموت .
أختار بإصرار كفنه .
فلماذا اختار الأسود ؟!