كنتُ أُسقى وأُغنى صرتُ أسقي وأُغني
(كنتُ ) ....
حين تُداعب عيناي الطرقُ ، أقول فيها عشق الروح وافتتحُ ، في كفي غيمة ذكرى لا تعرفُ أين عثاري ؟! كيف احترق الظل ؟! ولا كيف نجا الأسى من الظن ، كنت أنازل أيام الأسبوع والعن سخف جداول ضرب التجار وعرائض سكرى تتآكل في الريح أسافل نخل يتهاوى حين يمس بجنون الطلع ، كنت أقاوم ما خلفه الفأس وما سكّره الشرك النائم تحت حصى تبكي ، كنت أرمم جسدي وأقول لجدي الكواز خلف دواليب الطين ، رفقاً بي يا جدي لا تضغط بأصابع جنياتك قلبي ...
تحطمنا الأيام حتّى كأننا
زجاج ولكن لا يعاد له سبك
(أُسقى) ...
بنقيع التمر ، بدنان العسل العذري بقناني الجعة على حافات الأنهار / بقوارير العرق المختوم بمهر مغشوش / بماء الجنة بمربى المشمش / وبروح التفاح / بشمس اجاص وكمثرى / بدالية ٍ سكرى وبتين / بمسيل مُرٍّ من ليمون وزبيب وسفرجل / بتوت مجانين ، بطلحٍ وبنبق / برمانات حمراوات سوداوات تخفق شفتي وتقول لهما : ما اعذب قبلاتك يا فاتنتي السمراء / اسقى برضاب سلسل حلو يتكسر في الخطوات العجلى في عهر الغابات العرجاء ، العوراء ، الورقاء / واذا ما اسرجها حلم سجنت اوراق هواها ، حملت ما يقذفه النهر وما يبكيه النجم في ليل طال قصيراً وقصرت خيمته حتى عاد كمرج في كف جراد / فاذا ما زلزلت الارض وفار التنور وصاح الغرنوق الاشعث : لاعاصم من امر الله / فمن يعطي الغابات ظلال العصفور ؟ ومن يمنح اوراق الحناء رداء الجوع / .
(وأُغنّي)...
بوتر الفجر الراعف لفاختة الظل وحمامة روحي / لبلابل سنمار وعصافير الوهم / بهدهد بلقيس / بالخطاف المهموم ببحر الهجرة والظلمات / بالشقراق وبالنورسة وبالبومة / بقبرة حبلى وغراب اعزل / وبلقلق " ديدبا " وهو يوقد ساعة منتصف العمر / بالعقعق والباز وبنسر الافق وصقر الرمل / بزرياب وفيروز وسعدي الحلي / سرب أغان في آخرة الصبوة / من علَّم الحصان نباح الكلاب ؟! / ومن يقاسم الحلوف خفقة الوتر ؟ / كنت اغنّى بالحرب وأطير مع السرب وارى غيري ينبش في الحقل ليلبس من قمصان الماء فرات الدم / ويُبل بأحزان خنثى أغنية تحبل من طين الياس / فلفنائي الأفق منتحراً خلف رداء القصبة / تلك التي سرقت من حنجرتي وتر السر فهاجت في عرقوبة راعي الموت / أغنية عذراء بلا ثديين / يرددها الضبع فوق شخير النار اليابس كجنين ملعون / يا بروكوست أفق فسريرك صار الكرة الأرضية / ملتحفاً بفراغ أحمق / اصرخ بالغابات العرجاء .
(صرتُ) ...
قوساً وكنت عصا / شركاً وكنت خيطاً سيفاً وكنت ريشة / صرخة وكنت صمتاً / دماً وكنت ماءً/ ثعلباً وكنت أفعى / ذئباً وكنت أرنباً / عقاباً وكنت حمامة / نسراً وكنت عصفوراً نسياً ومنسياً / صرت كان وكنت كن / ...
(أسقي) ...
طمي الماء / شجرة الزقوم ، مهل الأحلام / إذا أشرق في كفن الحزن أومأ للجرح فصار قصائد لا معنى لرسيس دخاني / فعولن فعلن ، فاعلن مفاعيلن ، فاعل ، مفاعلتان / ارقص وسط جنوني / لا يأس ولا إقواء لقلبي / دع خبز التنور يشرنق أضلاع الخيمة / لرداء الجوع رداء حصار/ لقطار أعمى يبكي وهو يرى سرب الأحلام يتهاوى حين يؤذن مدفع إفطار الموت / لشوارع قتلت من وقع الأقدام عليها /
ما أبهى كأسك وهي تعاند شاربها !
ما أضيق بابك خلف نسيج القار !
ما اكذب قولك والماء نمرٌ فوق المجرى !
أسقي غيمات دمي وأقول سلاماً : خلّب برقُك / حلم ماؤك / سم بُرّك / جوع عمرك / .
(وأغنّي) ..
لثلوج لا تبقي ما بين عيوني الا ترنيمة مجنون خلف ستار العمر / اغني منتحراً في صندوق الماء / زبدٌ ،، لبدٌ ،، عدد / يتقافز لفظي كأنين الطين / وصليل الخشب المأروض وهديل الورود / وعواء الأفعى في فردوس جائع / اغني تسقط كلماتي فوق ظلالي تفرش دربي وتعد الأرقام دماءً يتطرز في مخدعها الخلد موهوماً كعريس ما زالت تتنطر منه حشود الأبناء وصية زاد لم يتسن ولما في ليلة دخلته / اغني لكراس خدج / لحدائق من طلع جهنم لا تسقى إلا بالأموات / لرعاة الربع الخالي / لناقة صالح / لذئب غيابة يوسف / للحجاج الواقف فوق السوط / لجماجم تضحك وهي تردد أشعار الحلاج / لحناجر صارت طبلا في اسطبل العدائين / للثلج يقفز من نافذة النار / وللنار تحدق في صمت قصائدنا / لعربات تركب سائقها وتسوط راكبها وتعلف طرق الضوء نفاق الأحفاد / اغني من فرط بكائي فكأني ضيعت العمر كضرطة مجنون في سوق الصفارين ..
السوق ....
خاتمة الحزن وهجرة روحي وريفيون كأوراق (الكالبتوز) وريفيات برشوش المسك والعنبر والطيرة والملح والقرنفل / حضريون بلا اجساد فكأنهم أموات بلا موت / وأحياء بلا حياة / حضريات يتقافزن وسط طنين ذكورة اسفلت الصيف / خاتمة الروح ومتحف ايام لا معنى للوقت الا في وقع اذان الظهر / ريفيون وريفيات ، حضريون وحضريات وأطفال صاروا في الليل غوائل همّ لا ينفد / خاتمة العمر ، نهر الدهشة ، ومسيل كرى / وصمت الثرثرة فوق شريط هرَّبه الحالمون بالوان اخرى فوق دماء الصحراء / خاتمة الجذوة وقبور الاحياء / وبداية مهزلة العمر ...