حِيرة الغد
لم أكن نائمًا حين مرّ بي الغد،
ولا مستيقظًا بما يكفي لأمسك بيده.
كان يركض، حافيَ الخطى،
يجرّ خلفه ظلًّا أطول من الخوف،
وعينًا فيها ملامح وجهي بعد ثلاثين عامًا.
مرّ بي… ولم يتوقف.
كنت جالسًا على عتبة الحيرة،
أرتّب صورًا لم تُلتقط بعد،
وأُدوّن أحاديث ستُقال في مساءٍ لم يُولد.
حينها فقط شعرت أن الأمس لم ينتهِ،
بل تواطأ مع الغد عليّ.
كل الأشياء بدت مألوفة بطريقةٍ غريبة،
الطريق الذي لم أسلكه،
الرسالة التي لم أكتبها،
والمرأة التي لم أعرفها…
كلّها كانت هناك، تمرّ بي،
تلوّح كما لو كنتُ عابرًا في حياتي.
تساءلتُ:
هل نحن نُخلق من الغد؟
أم أننا محض ارتدادٍ لحلمٍ تأخر عن موعده؟
أمسَكتُ رأسي بيديّ،
أبحث عني… في الماضي القادم،
عن جملةٍ لم تكتمل،
عن وداعٍ لم يحدث،
عن ضحكةٍ عالقة بين شفتيّ وموعدٍ ألغته الحياة.
أدركتُ أن الزمن ليس خطًا،
بل دائرةٌ يدور فيها كل شيء… إلا نحن.
نحنُ نُترك عند الحافة،
نراقب، ننتظر،
نكتب على الجدران: “الغد كان هنا”،
ثمّ ننام…
و نحلم بالأمس
فاضل عباس الهلالي