(لا تفرح بدمنه لا يلگطاعي..
صويحب من يموت المنجل يداعي)..
ينعى الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق الشاعر القدير والمناضل الكبير مظفر النواب، الذي فارق الحياة يوم الجمعة ٢٠ أيّار ٢٠٢٢ في الشارقة بعد غيبوبة امتدت لمدة طويلة..
الرحمة لروحه الطاهرة، والمجد والخلود
لقد فقد العراق والعالم اليوم رمزا أدبيا كبيرا، ومناضلا مهما، لم يحنِ رأساً أمام الطغاة، وظل ممثلا لموقف عظيم ضد السلطات الغاشمة، وكما ترك النواب بحياته أدبا عميقا اذ كان محلقا بجناحي الشعر فصيحه وعاميّه، فضلا عن المسرح والرسم.
النواب مدرسة هائلة للصمود، ودرس بليغ يعطي العبر بثباته وشموخه، فهو المثال الحرّ والأصيل للمثقف الرافض للانحناء، وقصائده مازالت مشهودة تكبّد عبيد الظلم وذيوله ما يستحقون من المستويات الرثّة.
كتب النواب عن القضية الفلسطينية، وكان المدافع الأكثر ثباتا عن حق الشعب الفلسطيني، فنصوصه ضد المحتلين تحملها القلوب وجدران المدن العتيقة، فالقدس ظلت حاضرة في روحه الشعرية الوثّابة، كما وقف مع الإنسانية والإنسان مطرزا اجمل الأشعار نصرة للحياة.
.........
ولد النواب في بغداد عام 1934 لعائلة موسرة من أصل هندي «تقدر الفن والشعر والموسيقى».
ينتمي بأصوله القديمة إلى عائلة النواب التي ينتهي نسبها إلى الإمام موسى الكاظم. خلال ترحال أحد أجداده في الهند أصبح حاكماً لإحدى الولايات فيها. قاوم الإنكليز لدى احتلالهم للهند فنفي أفراد العائلة، خارج الهند فاختاروا العراق.
أظهر موهبة شعرية منذ سن مبكرة. أكمل دراسته الجامعية في جامعة بغداد وأصبح مدرسًا، لكنه طرد لأسباب سياسية عام 1955
التحق بالحزب الشيوعي العراقي وهو لا يزال في الكلية، وتعرض للتعذيب على يد الحكومة الهاشمية. بعد الثورة العراقية عام 1958 التي أطاحت بالنظام الملكي، تم تعيينه مفتشًا في وزارة التربية والتعليم. في عام 1963، اضطر لمغادرة العراق إلى إيران المجاورة (الأهواز بالتحديد وعن طريق البصرة)، بعد اشتداد المنافسة بين القوميين والشيوعيين الذين تعرضوا للملاحقة والمراقبة الصارمة من قبل النظام الحاكم. تم اعتقاله وتعذيبه من قبل المباحث الإيرانية (السافاك) وهو في طريقه إلى روسيا، قبل إعادته قسراً إلى الحكومة العراقية. أصدرت محكمة عراقية حكماً بالإعدام بحقه بسبب إحدى قصائده، وخفف فيما بعد إلى السجن المؤبد. وفي سجنه الصحراوي واسمه نقرة السلمان القريب من الحدود السعودية-العراقية، أمضى وراء القضبان مدة من الزمن ثم نُقل إلى سجن (الحلة) الواقع جنوب بغداد.
هرب من السجن بحفر نفق وبعد الهروب المثير من السجن توارى عن الأنظار في بغداد، وظل مختفياً فيها ثم سافر إلى جنوب العراق وسكن (الأهوار)، وعاش مع الفلاحين والبسطاء حوالي سنة وانضم إلى فصيل شيوعي سعى إلى قلب نظام الحكم. وفي عام 1969 صدر بيان العفو عن المعارضين فرجع إلى سلك التعليم مرة ثانية فشغل منصب مدرس في إحدى المدارس. ثم غادر بغداد إلى بيروت في البداية، وبعدها انتقل إلى دمشق، وظل يسافر بين العواصم العربية والأوروبية، واستقر بهِ المقام أخيراً في دمشق.
اشتهر بقصائده الثورية القوية والنداءات اللاذعة ضد الطغاة العرب، عاش في المنفى في العديد من البلدان، بما في ذلك سوريا ومصر ولبنان وإريتريا، زار بغداد بعد سقوط النظام الديكتاتوري المقيت، وجلس في اتحاد ادباء العراق وتحدث مع جمهوره، ليغادر بعدها الى الشارقة ويصاب بالباركنسون، الذي ظل بسببه في غيبوبة طويلة.
إلى رحمة الله