ودمشقُ تاريخٌ يفيضُ ..
وليد حسين
قدرُ الوجودِ بأن تكونَ دمائي
مصطفةً مع هامشِ استجداء
فاغرب بوجهك إن بدوتَ مغايراً
تستعظمُ الأنسابَ في الدُخَلاء
مهما بُليتَ .. فلم تَجِد مُتحدّياً
مستغنياً عن سائر الأرجاءِ
غيرَ الذي أرسى قواعدَ وقفةٍ
هو ضيغمٌ من دوحةٍ علياء
رجلٌ تمدُّ له المجرّةُ وجهَها
لينيرَ ما اعتلتْ من الحَصبَاء
نبعاً تحدّرَ من أبي الشهداءِ
لأرومةٍ حُبلى بكلِّ سَناءِ
ولقد تفرّسَ في مخاتل أمّةٍ
فأبانَ عن صدقٍ عميقِ بلاءِ
ويزيحَ عن هاماتها
إن أوشكتْ
عينٌ لترفلَ أعينَ العملاء
ويهدُّ أدنى الأرضِ دون صواعقٍ
لتخرّ بين يديهِ مثلَ إماءِ
هو سابرُ الأغوارِ قد أكدى العدا
بمقاتلٍ مفتونةِ الأبناءِ
بطلٌ تدّرعَ بالمنون وما اختفى
يوم الوغى عن حومةِ الأعداء
أنّى يكون السيلُ .. خلف تدافعٍ
وتهافتٍ يجري على استحياء
يمتازُ مذ أرخى الهزيعُ فلولَهُ
أن يستريحَ بمعقلِ النُجَباء
وغدا يسيلَ الماءُ إن شَحَّ السقا
ولنا يجودَ بأعذب الأثداء
حتّى أتى تلك النواحي .. وانبرى
للطامعين وثلّةِ الغَوغاءِ
الحاقدين وان تعدّدَ مكرُهُم
والناعقين بليلةٍ دَهماء
الممسكين عن الضعيف قيامةً
الباسطين يداً بذلِّ دهاءِ
إنّي نذرتُ العمر دون هوادةٍ
مستكفياً بمساحةٍ شعواءِ
أصحو على وقع يهزّ مروءتي
كيف ارتضينا ..!! محنةَ الإقصاء
ودمشقُ مازالت تعاني من عقوق
الأهلِ في نزفٍ يهزّ سمائي
ما أوصدت باباً وإن جفَّ الندى
فهي الملاذُ وقلعةُ الشرفاءِ
ودمشقُ تاريخٌ يفيضُ كرامةً
ما أسرجت خيلاً مع العملاءِ
وحنينُ ماضٍ يستعيدُ ملامحاً
دونَ انكسارٍ في رمي السفهاءِ
وجعُ القوافي أن تجرّ مواجعاً
ومواقفاً مبتورةَ الأعضاء
كيف اقتطعنا حصّةً من بابِ
توما ياإلهي .. تلك رمزُ إباء
تشكو الجحودَ ..
لها مواقدُ جمّةٍ
كانت مهيأةً لفصلِ شتاء
ونشحَّ عنها ..
وهي فيضُ مروءةٍ
يغتالها حقدٌ بطولِ دهاء
ويدٍ تعالت في خضمِّ شرودِها
مقطوعةً عنّا بحسن ثناءِ
لكنّها تمضي بغير قرابةٍ
وغيابُها أزرى بكلّ خواء
فإذا تمادى البوحُ
فيما أضمرت
تشتدّ باذلةً دمَ الخُلَصاء
وتلوكُ جمرَ (اللاءِ )في أحشائها
معطوبةً تمشي بلا أحشاء
وتشابكت حممُ المنونِ واعلنت
عن فرقة البلهاء والسعداء
وتحصّنوا بالأجنبي وأوغلوا
لؤماً وتلك سجيّةُ الضعفاء
مازلت أسمع في نواحٍ عدّةٍ
نبحاً يشيدُ بموسم النبحاء
لمّا أفاقوا من صحارى غيِّهم
يتنازعون بأعينٍ الغرباءِ
حتى أزحتُ عن الطريق مكيدةً
والكونُ يسترعي فمَ الشعراء
الواقفون وما توانى بأسهُم
يسترشدون الحسمَ دونَ دعاءِ
العارفون وإن تجلّى وعيهم
بالحادثات وذاك خيرُ عزاءِ
"وجها لوجهٍ يادمشق" أهاجني
شوقُ الصبا ليلَمَّ بعضَ عناء
وأكادُ أغبطُ منذ وصلِك عاشقاً
يهبُ المدامةَ من يدِ الحسناء
ولعلَّني أمهلتُ نفسي ساعةً
مستغرقاً أسلو بطولِ وفائي
وأفوز بالرؤيا وما ضاق الفضا
من بعد ذكرِك يستحلُّ رجائي
والآن أحسبُ أنّني متشابكٌ
أُلقى إليَّ السمعَ منذ نداءِ
متصدّراً للحبِّ أبدو مورقاً
ومشاعري تندى بوقتِ جفاءِ