حذام يوسف طاهر
يتواصل مؤتمر منبر العقل بعقد جلساته عن ( العنف والمقدس)، حيث احتضنت قاعة الخيمة في معرض العراق الدولي للكتاب الجلسة الثالثة لمنبر العقل، حملت عنوان (العنف بوصفه نسقًا)، بمشاركة من الدكتور عقيل حبيب والدكتور أنفال جاسم ومشاركة مميزة من الدكتور لؤي خزعل .
الندوة أدارها الدكتور كمال الخيلاني الذي بدأ كلمته بوصف خطورة ربط العنف بالمقدس، المفهوم الذي يهدد الوجود فكيف اذا كان مقدسا!، معرفا بالضيوف المشاركين في هذه الندوة، ومرحبا بالحضور، تاركا الحديث اولا للدكتور عقيل حبيب ومحور توظيف المقدس في العنف، ليتحدث بداية عن بحثه في هذا الموضوع وما توصل اليه عبر لقائه بنماذج من توظيف المقدس في العنف :" رسالتي في الماجستير والدكتوراه كانت حول هذه القضية، ومن خلال متابعتي ومراقبتي للموضوع اجتماعيا، ادركت ان ظاهرة العنف لم تناقش كظاهرة تاريخية في أي من علوم الاجتماع، ومن خلال تحليل خطاب البغدادي الذي ركز على مفردة (الخلافة) بأن قوام الدين كتاب يهدي وسيف ينتصر، هذه المزجة الدلالية لها تاريخ مخيالي والمسلم حينما يسمع مفردة القران والخلافة يكون اقناعه أسهل لتخف عنده الحواجز النفسية، ويسهل اقناعه في ارتكاب العنف، وهذا ما لعب عليه تنظيم داعش وغيرها من التنظيمات الارهابية، وهذه الخلطة لها جذور سايكلوجية وتدخل في ثقافاتنا في البنى الرمزية..".
وشارك الدكتور أنفال جاسم بمحور العنف المقدس بوصفه نظاما، وبدأ حديثه بسؤال: هل يموت المقدس ويموت العنف معه؟ ليتابع: "في الواقع بعد المراجعة والبحث وجدت ان مصطلح المقدس تاه في لعبة لغوية، هناك من يستعمله بطريقة عفوية وهو الانسان البسيط، وهناك من ينظر الى الموضوع بأبعاد علمية وايديولوجية، الانسان البسيط يعيش مع المقدس بطريقة جزئية وينظر الى هذا الرمز ويعيش معه علاقة روحانية مع النذر والذبيحة والاضرحة والامكنة، هذه العلاقة منشأها العفوي وطبيعة الانسان، اما العالم او المفكر وأحيانا المؤدلج ينظر لهذا الموضوع كدراسة، فالعالم يدرسه بدواعي الموضوعية والبحث عن الحقيقة ويكون خارج منظور المقدس، وينظر له بأمرين الاول انه ينظر له بعلاقات مقيدة بحاجز الدين، والامر الاخر ينظر له كمرحلة لتطور العقل البشري، هذه الرؤية من شأنها ان تزيد من عنف الجهة الاخرى (البسيطة) عندما يأتي المثقف والواعي وحتى السياسي وينظّر على البسطاء، ثم يناقش افكارهم مناقشة علمية يزيد من عنف الاخر البسيط وهو العامة..".
أما الدكتور لؤي خزعل فيجد ان الربط بين العنف والتقديس فيه من العنف ما فيه لأنه غالبا يحيل في الذهنية الشعبية الى ان العنف مرتبط بالجانب الديني بالحقيقة :"الحقيقة ان العنف ممارسة اجتماعية ليست مقتصرة على الدين، فقد توظف مقولات دينية وغير دينية مع إن مفهوم الدين بحد ذاته غامض في الذهنية العامة، وحتى في الذهنية الاكاديمية، وربما يمكن القول ان كل عنف هو مقدس ويكتسب قداسته من الاله وتارة من الدولة وتارة اخرى من قداسة الايديولوجية وقداسة الذات، وفي زمن ما كان سب الاله اهون من سب السياسي والسلطة!".
واكد الدكتور لؤي خزعل في حديثه اننا اذا اردنا ان نوقف العنف بغض النظر عن المقدس، فلابد أن نتجه أولا الى البنية الاجتماعية والسياسية ولنترك الخطابات العامة ونحاول ان نؤسس بنية اجتماعية عادلة بالتالي نستطيع ان نفكك الخطابات التنويرية التي هي دائرة مفرغة ولنجد واقعا بعيدا عن العنف.
تخللت الندوة مداخلات من قبل الحضور، وكانت اضافة واغناء لموضوع الندوة، فكل عنف يأتي نتيجة قيمة وكلنا مشاريع عنف في لحظة ما قد نفقد كرامتنا او نتعرض لضغط وامتهان لكرمتنا وهي قيمة مقدسة وهنا قد يكون الرد بسلاح، العنف متجدد وربطه بالتقديس ايضا متجدد وقد نجد مقدسات جديدة بعنف جديد ورموز عنفية جديدة، لكن حتى نتجاوز عتبة الحياد أمام العنف سيبقى الجدال قائما وحاضرا لنتخطى دائرة الخطر ولو بعد حين.