بسام عبد الرزاق
اقام منبر العقل في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق جلسته الاولى في معرض العراق الدولي للكتاب الذي تنظمه مؤسسة المدى للثقافة والفنون والاعلام، جلسة حول "العنف والمقدّس" حاضر فيها الباحثان أ.ناجح المعموري ود.علي عبود المحمداوي وادارها أ.علي الفواز.
وفي مستهل الجلسة قال الفواز ان الحديث عن العنف والمقدس يثير الكثير من الاسئلة، كونه كمفهوم ومصطلح يدعو الى بحث ومقاربة تخص اللغة والمفهوم، مشيرا الى ان تاريخ العراق المعاصر وجد لمفهوم العنف مجالا للحديث عن الكثير من الاشكالات التي تواجه المجتمع والدولة وترتبط بازمات متعددة.
وان اخطر تجليات هذا العنف حين يرتبط بالمقدس ويتحول الى ممارسة سياسية وايديولوجية.
رئيس الاتحاد العام للأدباء والكتاب ناجح المعموري قدم قراءة في المثيولجيات العراقية القديمة وبدايات العنف فيها، حيث ذكر ان "اول بدايتها بوجود المقدس والكثير من الدراسات الخاصة بالديانات القديمة والاساطير تتحدث عن نشوء ظاهرة العنف والمقدس، ففي اسطورة "اترحاسيس" حين ذهب لاغتيال احد الالهة واخذ من دمه والطين وخلق عددا من الكائنات البشرية يتمظهر هذا العنف، حيث تكون لحظة الخلق الاولى بداية للعنف الدموي".
ويشير المعموري الى ان "الاله الشاب مردوخ هو من بدأ لحظة التغيير بعد الذهاب الى العنف واللحظة الصدامية ما بين العنف والمقدس ولغاية اللحظة الحالية استمرت هذه الصراعات".
من جانبه قال د. علي عبود المحمداوي ان "هناك اربع نظريات لتفسير واقع العنف والارهاب وكل ما يظهر لنا في العالم المعاصر والذي هو تجليات لمساحة تأريخية كبيرة، لكن امام الصورة الراهنة كيف تصور الفلاسفة هذه المعطيات العنفية".
ويرى انه "جاءت على اربعة محاور اونظريات، وهي: المنطق الواحدي للعنف، المنطق الثنائي للعنف، المنطق الكلي او الشمولي واللا منطق او الجنون المسوغ للعنف".
وان "هذه النظريات الاربع كل واحدة منها التصقت بفيلسوف معاصر حاول ان يفسر عن طريقها مسألة العنف وكل ما يجري الآن ويلحق تسميته بالعنف كقضايا الارهاب وغيلرها".
واوضح ان "المنطق الواحدي للعنف هو الذي تصوره الفيلسوف جان بودريار في كتابه روح الارهاب الذي تصور بان العنف دائما هو نتاج لمنطق الواحدية، فكلما كان هنالك رمز اوحد وخطاب اوحد ونظام اوحد عالمي يراد له ان يحتكر الحقيقة لطالما جد هذا النظام سيوجد بمقابله ممارسة للعنف على هذا النظام"، مبينا ان "تجليات هذه النظرية تأريخيا قد تعود حتى الى الامبراطورية الرومانية لانها الاوحد في وقتها وكذلك الدولة الاسلامية العباسية وغيرها لانها اوحد في وقتها، واليوم تظهر على صورة الهيمنة الامريكية كونه النظام السياسي الاحود عالميا ويراد مواجهة هذا النظام بالعنف الدائم".
ويتابع ان "نظرية المنطق الثنائي ارتكزت على تصورات زرادشتية تعود لفكرة اله النور والظلمة، وهذه الثنائية دائما ما تحضر الى الانسان الى ان تحولت كجزء من منظومة الديانات الابراهيمية من خلال فكرة الله والشيطان، وهذه الثنائية التي يتصورها الفيلسوف الفرنسي هيدجر موران هي التي تحكم عملية انتاج العنف ومقاومة هذا العنف بعنف مضاد او الحد منه".
ويكمل بان "المنطق الكلي او الشمولي وهو ما طرحته الفيلسوفة الالمانية حنة أرنت في كتابها اسس التوتاليتاريّة تتكون عن كون المنطق الكلي او الشمولي تمثله الدولة التوتاليتاريّة التي تبتلع السلطات الثلاث بوصفها مجال عام ثم تبتلع المجال الخاص وليس المجال العام فقط، وهذا هو الفارق بين الدكتاتورية اوالاستبداد والشمولية او التوتاليتاريّة".
واضاف ان "اللامنطق او الجنون والتي تحاول ان تفسر عملية العنف والارهاب، بانه لا يمكن اعادته الى مسوغات عقلانية كما تصور الفلاسفة السابقين، وهذا التصور يطلقه الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس ويشير له في كتاب مستقبل الطبيعة البشرية حيث يشير الى ان التحجر او الانغلاق هي ليست حكرا على دين دون غيره او ثقافة دون غيرها، وبالتالي هناك تحجرات تقابلها تحجرات والاصطدام ما بين هذه التحجرات هي التي تديم العنف".
وخلص المحمداوي الى انه "ضمن هذه النظريات يمكننا ان نقول ان المقدس دائما ما ينتج عنفا وليس شرط ادائما ما يكون العنف مقدسا، وليس المقصود هو حمل السلاح دوما، انما حين امتلكُ حقيقة يجب ان ادافع عن هذه الحقيقة ما دمت انا مقدسا لها، وهذا الدفاع دائما يقتضي اللجوء الى العنف".