فهد الصكر
لعل ممن المفرح والباعث للامل الحلم أنك تجد متسع من الوقت ومساحات شاسعة يمتد عليها وعي وثقافة مغايرة وسط انكسارات واحباطات وحروب مصطنعة يراد من خلالها قتل وطمس الثقافة بكل تمفصلاتها .
كذلك ما يبث في دواخلنا الرجاء ثانية اننا نؤكد الحضور على ان نبقي الثقافة على قيد الحياة وهي وحدها ان أعطيت ما تستحق سيكون أفق الوطن رائعا كما نريد ونحلم ونتمنى لا كما يريد السياسي وهو يسير في دهليز مظلم لا يرى سوى المناصب والمقاعد والأمتيازات الشخصية دون تفكير بالوطن ، ولعلها وحدها الثقافة إن أصطدم بها ستتيح له رؤية الطريق بشكل ربما أسلم مما يتخيل .
من هذه المعطيات جاء معرض العراق للكتاب ليوقظ الأمل بعد سبات عاشه المشهد الثقافي وسط كل تلك الأحباطات وقيود الوباء الأممي كوفيد 19 الذي وضع أمامنا أسلاكه الشائكة ، يجيء المعرض ليجد المثقف العراقي فرصته للتعبير عن بهجته المكتومة في سجن مفتوح أثر هذا الوباء محتفيا بالكتاب ومنتصرا به .
هنا ونحن نعيش لحظات معرض الكتاب والندوة الفكرية التي يحييها الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق من خلال منبر العقل تحت عنوان – العنف والمقدس – وكلك ونحن على أعتاب ومقتربات مهرجان الجواهري آن لنا ان نستطلع المثقف العراقي في رؤيته للمهرجان وأرتباط أسمه بالشاعرة الراحلة لميعة عباس عمارة .
الشاعر عبد السادة البصري
تسمية المهرجانات بشكل عام تظل وتيرة ثابتة ، كإسم او كعنوان له دلالة رمزية لهذا الشخص او المكان او ماشابه ذلك ، فليس بالضرورة ان يظلّ مهرجان المربد على سبيل المثال محصوراً بشعراء المربد الأوائل المعروفين ( كجرير والفرزدق ،،، الخ ) ، وكذا مهرجان المتنبي وابو تمام وما الى ذلك من مسمّيات ، لهذا تنطلق دورات هذه المهرجانات بأسماء لمبدعين اثروا الساحة الثقافية بما جادت به قرائحهم ، وكذا الحال في مهرجان الجواهري ، فاطلاق اسم لميعة عباس عمارة على دورة هذا العام هو اعتزازا بما قدّمته شاعرتنا الرمز لميعة من شعر وابداع ونضال وامتنانا لتأريخها الانساني والابداعي ، لميعة ليست شاعرة فحسب انها رمز انساني نسوي ، مثلت المرأة افضل تمثيل من خلال مسيرتها الحياتية ، وارتباط دورة الجواهري- المهرجان- باسمها - ( لميعة ) - يجعلنا وبكل فخر نقول للآخرين نحن لن ننسى مبدعينا دائما ، نعتز بهم ، ونجعلهم عنوان محبتنا وابتهاجنا ، وبوابات ابداع نلج منها الى عوالمكم من خلال استذكارهم دائما وتعليقهم ايقونات في كل محافلنا ، وهذا دليل على حرص واعتزاز القائمين على مهرجان الجواهري بالمبدعين العراقيين ومنهم الشاعرة الكبيرة الراحلة لميعة عباس عمارة، .
الشاعرة أمنة عبد العزيز
من البديهي أن يرتبط أسم الجواهري بالشاعرة الكبيرة لميعة عباس فقد جايلت الشاعرة الجواهري الكبير في زمن التألق والشعر وكان وجودها أيقونة المجالس الشعرية التي تزينها بعذوبة أنوثتها ورقة الألقاء الأخاذ، هكذا يعيد الزمن نفسه بروحيهما ليتوج الشعر والمهرجان بأطلاق أسم الشاعرة لميعة عباس عمارة، ومهرجان الجواهري بحلته لهذا العام سينبأء العراف أني سألامس وجه القمر العالي، لم ألعب بحصى الغدران، ولم أنظم من خرزً آمالي)) فهيت لك ياشاعرة الحب والغنج كل الشعر في حضرة الجراهري الكبير .
الشاعر علي البهادلي
بكل تأكيد أن مهرجان الجواهري يمثل مساحة متجددة للتعريف بابداعات الشعراء العراقيين وخاصة الشعراء الشباب منهم وبذلك يعتبر مهرجان الجواهري ذو قيمة ابداعية عالية وفرصة للمنافسة بين الأساليب الشعرية المختلفة للشعراء كما أنه يعتبر فرصة للتعرف على أراء النقاد في ما وصل إليه الابداع الشعري العراقي المتجدد باستمرار وبذلك تصبح الفائدة مضاعفة للوسط الثقافي بصورة عامة وللوسط الأدبي بصورة خاصة . أما عن مدى الأرتباط و التوافق في أختيار عنوان مهرجان الجواهري تحت مسمى ( الشاعرة لميعة عباس عمارة ) فبرأيي الشخصي إن أختيار هذا العنوان لمهرجان الجواهري موفق بدردة كبيرة نظراً للتوافق الغير ملموس بين شاعر العرب الجواهري وبين الشاعرة المتمردة والمجددة لميعة عباس عمارة بأعتبار أن كلا الشاعرين متمرد ومجدد خلال الفترة الزمنية التي ظهر فيها فكما نعرف أن الجواهري ظهر في فترة تراجع فيها الشعر كثيراً حيث اصبح مرتبطاً بالشعر بالاسم فقط من خلال ممارسته لمواضيع لاتمت لهموم الناس بأدنى تفصيل حيث كان الشعر يهتم في تلك الفترة بشعر الاحاجي والالغاز والتنافس الارتجالي الخالي من اي قيمة شعرية كما كثر فيه التزويق اللفظي الذي لم يقدم للشعر شيئاً يذكر فجاء ظهور الجواهري في تلك الفترة الشعرية البائسة مثال للتجديد والتمرد على ما هو سائد والاخذ بالشعر الى ما سلف من امجادة في العصر الجاهلي وعصر صدر الاسلام والعصر الاموي والعباسي حيث كان الشعر في تلك الفترات يمثل درر الادب العربي ونجح الجواهري في ما كان يصبو إليه من اعادة الوهج السابق للشعر بالاشتراك مع مجموعة من الشعراء الأخرين الذين أطلق على محاولاتهم الشعرية اسم مدرسة المحافظين لا بمعنى التماشي مع السائد بل استناداً إلة إلتزامهم بضوابط الشعر العربي في العصور السالفة التي ورد ذكرها . اما الشاعرة الألمعية لميعة عباس عمارة فكانت هي الأخرى مثال للتجديد والتمرد عن ما كان سائداً في فترة شبابه من شعر تقليدي يتسم بعدم الخروج عن ما رسمه المجتمع من أدبيات وأخلاقيات خصوصاً وهي امرأة فذلك يحسب لها كونها غاصت في مناطق محظورة وممنوعة وتعتبر غير لائقة أن يتم ذكرها من خلال رجل فكيف بالحال وأن من خرقت هذا السائد وتلك التابوات امرأة فقد ابدعت الشاعرة لميعة عباس عمارة في التطرق إلى العلاقة الحميمية بين الرجل والمرأة بأسلوب أدبي متقن وأنيق وغير خادش للحياء الأجتماعي وبذلك تعتبر مجددة ومتمردة في مواضيع القصيدة العراقية . ومن خلال تلك الثيمتين ( التجديد والتمرد ) كان التوافق والارتباط كبيراً في ارتباط مهرجان الجواهري بعنوان الشاعرة لميعة عباس عمارة .
الشاعر ماجد الربيعي
بغدادنا الحبيبة حاضرةُ الثقافةِ والجمالِ والشعرِ ما هانت ولا وهنت ولا أرخَت جدائلها لمخالب الظلام ، وجهتها الشمس تستمدّ منها نورها الأزليّ ، وحين تغفو ترتدي القمر فتداني النجمات مجداً وشموخاً هيَ الجميلةُ رغمَ الهولِ يرهقُها هيَ العزيزةُ عزَّت في الورى نسبا قصائدُ العشقِ في أرجائها صدحت رغم الذين أرادوا وقدَها حطبا فما زالَ فيها يصدحُ الجواهري العظيم وهو يحيّي سفحَ دجلتِها وبساتينها وحمائمها وطينها. وها هيَ تعيد أمجادَ شعرائها الذين جعلوا منها قبلةً لكل من يناشدُ الشعرَ والجمال وها هو اتحادنا العريق الإتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق يختار اسم الراحلة لميعة عباس عمارة رائدة الشعر العربي الحديث ليكون عنواناً لمهرجان الجواهري بدورته الرابعة عشر وفاءً وعرفاناً لهذه النورسة العراقية المهاجرةْ في شواطيء الغربة وقد حملت بأجنحتها العراق وجعاً وعشقاً حتى سكن في كل تفاصيل غربتها . لميعة الأنثى المسكونة بالوجع العراقي وهيَ تفتخر بعراقيتها وانتمائها السومري لتكون الصوت المعلن بجرأة واعتداد حين تقول : أحتاج إليكَ حبيبي الليلة فالليلة روحي فرسٌ وحشية أوراق البردي أضلاعي فتّتها إطلق هذي اللغة المنسية جسدي لايحتمل الوجدَ ولا أنوي أن أصبحَ رابعةَ العدويّة لميعة المتبغددةُ غنجاً وزهواً وقد سكنتها بغداد أينما حلّت وارتحلت فسمقت وطالت كنخيلها وهي تقول لها : هلا وعيوني بلادي رضاها وأزكى القرى للضيوفِ قراها لأن العراقة معنى العراق ويعني التبغددَ عزّا وجاها بغداد تفخر وتحتفي بها وبعطائها فهي النخلة العراقية التي تؤتي رطبها من عراقة الشعر وجماله وانتمائه العراقي.