يا لقلبي قدِ انزوى و استراحا
لم يزدْ خيراً بينكم فأشاحا
و هطولُ الظلامِ ساعةُ وصلٍ
إنْ جرى الوقتُ غفلةً قد أباحا
بين جيلين ما عدمتُك صوتاً
مال عنّي كالنِدِّ حين استباحا
فالكليلُ الذي تلبدَّ شكلاً
هل تبنّاهُ فكرةً و صَلاحا
هوسُ الطبعِ لم يزلْ مستريباً
شاقني أنّي قد أراكَ اجتياحا
خسّةُ البعضِ أن تكون صغيراً
بيديك المدى يسيلُ انسفاحا
وأنا أمضي ما لنا من سطوعٍ
يغمرُ القلبَ إذ أردتَ انزياحا
لا و عينيكِ لم أكن غيرَ طيف ٍ
والمدى جارٍ لو جفا و أزاحا
يمنحُ الليلَ من شحيح غرامٍ
وجهها المعتلَّ حسبكَ فَاحَا
لم تكن طافحاً بيوم ورودٍ
فاستزدْ بالمنى وخلِّ الكفاحا
أين كانوا .. ؟ فيا غرابةَ فوجٍ
خسروا حَسماً واستحلّوا المِزاحا
ما استقاموا .. كأنّنا منذ جيلٍ
نهتدي شرقاً نستزيدُ انبطاحا
إذ أحلَّ الدماءَ ذاكَ وعيدٌ
قد غدا غازياً لنا مُستباحا
ما أطالَ الردى بغيرِ خضوعٍ
و انثيالات في اتساعٍ أتَاحا
قمّةُ الصبرِ مُذ تجلّتْ برهطٍ
أجهضَ الحبسَ فاستحقَّ الوشاحا
كلُّ يومٍ يمرُّ .. حيثُ وجودٌ
وحضورٌ .. لمعتدٍ قد أطاحا
هو نصرٌ يستافُ ألفَ شهيدٍ
في صمودٍ يعانقُ الأرواحا
ولعلَّ العويلَ لحظةُ عتقٍ
وانحدارٍ لخافقٍ استَنَاحا
ما سعى شاهقٌ يئنُّ احتضاراً
و كأني خسرتُ فيهِ النجاحا
و عيونٍ تمتدُّ نحو طريقٍ
و الأماني قد أثخنوها جراحا
ليتني ما انتبهتُ تلك وعودٌ
سلبتْ مهجةً تراكَ مُتاحا
سوف تهفو .. لنا منابرُ وعظٍ
شاحباتٍ سكبنَ دمعا مُباحا
فالمصيرُ المُجدُّ أسلمَ طوعاً
وأباحَ الموتَ الذي ما استراحا
هل توانى عمّا يريدُ انسكابا
لو بَدا حافلاً يودُّ انشراحا