كان يتأمل الطرقات التي لاتفضي لسوى الفوضى, والقلق ، وانتظارات لمجهول لايجيء ، مر الوالي العثماني ، فارتفعت الاكف ملوحة، كان الصبي يحسب تلك الاكف التي تبتسم لجوعها وقحط ايامها ، لكنه مايلبث ان يغمض عينيه ، محاولا اجتياز الضجيج الى حيث الصفنات الطويلة عند حوافي الارض التي بدأت تخضر للتو ، الفضول يدفعه الى ان ثمة ابعد من لحظته هذه ، يحاول الامساك بها لكنه لايدري كيف ، ولم يريد الابقاء على اللحظات خانعة مسقرة بين يديه ، تذهله الرؤيا ، وتأخذه الى حيث المعابد والقصور ، التي لم يرها من قبل ، كان يطلق حسرات القلق ، دون التمكن من اعلان اطيافه الهائمة تلك،حين يجس باصابعه الطويلة مثل ناي قصب سومري / يشعر بسريان الاروح الى عمق مخاوفه ، ارواح تشعره انه الاقرب اليها، لكنه مأخوذ بالبعد ، والمسافات تعني له اشياء كثيرة ومهمة ، ود لو لامست اصابعه حيطان تلك المعابد المجهولة ، لو عبر ركام السنوات ودخل مؤديا مراسيم الهيام بين يدي اشور بانيبال ، او ربما يلج المعبد العلوي ليرى الاله انليل يجلس مشيرا أليه، بان يتقدم ، تتعثر خطوات الولد ، الذي لايستطيع فك حروف اماله ، يصفن ليتهجى بسومرية متعثرة ، ايها الاتي من هناك خذ هذا الحجر وكونه ؟!!
الحجر يوحي بعظمة الرويا ، لكنه لايفضي الى غير الصمم والصمت ، تتلمسه الاكف فلقد باركه الاله ، واراده ليكون ، لم يشأ منعم فرات ، الذي كان صبياً تائها وسط حقول الحنطة ، قول الرفض لان اعماقه كانت تسول له القبول ، اخذ الازاميل من ديموزي ، واستعار الحكايات من طواطم الليل ، ورجع مثقلا بهمومه ، لايعرف تفسيراُ لرؤياه ، يبن فرات على من تقص رؤياك ، ومن ذا الذي يعلن انك حكيم تريد اكتشاف اسرار الحجر ، يابن فرات مالك صامت، الاشياء التي تبغيها لاتحب التردد ، وانت مأهول بالفضاءات التي تحرك وجدانك , ويملي عليك اسراره ، تجره المسافات الى حيث الانبعاث ، لحظة اكتشافه كانت موغلة بالادهاش والفزع معا ، اقام لخلوته مهرجاناً من الحبور ، حين وجد الحجر الصلد يسيل مثل ماء بين يديه الخشنتين ، لم ير من قبل طوطماً ، وما كان يوقن بحكايات جدته الابيه ، ولا حتى تلك التي يسمعها عند مواقد الشتاء ، يوقت بتمامه ان لا ابدية غير ابديتنا ، التي تسحلنا الى حيث لاندري ، ايقن ان الحجر الذي تعثر به صدفة، يامره بأن يحتضنه ويروح به الى عمق النسيان، ظلت روحه الخائفة بالفطرة ، لاتبصر غير الغبار الذي كفن اصول الحجر ، مسد الظهر اولا فتراءت له اشكالأ ما عرف كنهها حتى لحظة الانغماس الكبرى ، نضى دشداشته ، وازاح عقاله ، وهم بتنفيذ المقاصد التي يردها ، منعم فرات لم ير من قبل نصبا لتاريخ يحكي ، غير تلك المرفوعة في ساحات المدينة الحاضرة ، بفطرته كان لايطيق النظر اليها ، ليس ثمة ما يستمتح به ، الجمود هو الذي يسربلها ، وهو الباحث عن حركة ، وتكوين ، يأتيه من بعيد ليتجسد ، الخيار رماه الى معالم انثى لاتشبه اناث وقته ، صارت الملامح تغور في عمق منسي ، تكورت عند لهاثه مئات الاكداس من المخاوف ، وانبثق السؤال ، من يرضى مشاهدة ما اقوم به ؟
ممكن جدا اتهامي بالجنون معاشرة الشياطين والجان ، ممكن جدا الاعلان عن زواجه من جنية احبته فراحت تملي عليه مفاتن حكاياتها ، مع امتداد الوقت ، غدا الحجر طوطما برؤوس ثلاث ، وجسد نحيف وعينين تبثان نيراناً تاتي بغتة لتفارق دون ان تترك اثراً ، تلمس الحجر لمرات عدة ، وهمس لذا منعم فرات المتحفزةن يابن الحجر من اين اتيت بهذه الوجوه ، من ذا الذي املاها عليك ، ومن يمكنه التصديق أنك تربط بين نصب سومر ولكش وبابل واشور ، وحكاياتها وهذا الحاضر الذي لايبعث على الابتهاج .؟
فطن الى انثيالات روحه المتوثبه ، كانت معالم الوحش الثلاثي الرؤوس قد اكتملت ، وشعر انه ينظر اليه بأمتنان وشكر، مسده للمره العاشرة كأنه يريد بث الدفء بين ثناياه ، دفء هاتيك العوالم غير المألوفة ، مرت غبارات العصر لتاخذه الى قلب العتمة ، ربما اخذه الدرب الى امكنة لايجيد التعامل معها ، لكنه ايقن ان الطريق واضح ولابد من وصول ، ماكان الاب راضيا باتخاذ الحجر ملاذاً ، لكن منعم فرات ، صار يكدس الاحجار بين ثنايا خلوته ليصنع ما يريد من الاوهام التي علمته الهدوء ومنحته السعادة ، صارت غرفته معبداً لوجوه لايمكن النظر اليها بقصد الفرجة ، هي لاتمنع الرضا لكنها تمنح التأمل ، نبقت الفكرة بعد ان ايقن انه امسك بكل اسرار الحجر ومعالمه ، ليأخذ منحوتاته الى حيث يجب ان تباع ، كان المكان الامثل مقابلا لصرح الاثار ، حيث تمر خطى الكثير من العلماء والفنانيين ، ومحبي التاريخ ، جلس منعم فرات بعد ان صفط نصبه ، بتتلايات تثير الفزع ، المار من هناك لحظتئذ ، يعلن ان نصبا وتماثيل هربت من المتحف لتباع عند عرض الشارع ، التم البعض للمساومة ، وانبهرالبعض برفقة سؤال كان فرات يتصوره سوطاً ينزل بقسوة على قفاه ، من أين سرقت هذه المنحوتات ، اذهب الى ادارة المتحف واعلمهم موقع وجودها ، حرام عليك اهانة التاريخ بهذا الشكل ، لاتخاف من رقابة الاثار ؟
تظل الابتسامة علامة تفاخره الذي صار اعجوبة ايامه ، لم يستطع بيعما يمكن بيعه رغم بخس الاسعار ، كان الخوف يبعد الجميع عن تلك الطوطميات التي تثير الدهشة والخوف والترقب ، لم تستكن النفس، وصارت الفة الحجر تزداد مع سعة الاكتشاف ، وتعدد المنحوتات، كل ما مر يوم ازدادت معروضاته ، حتى لحظة مرور المكتشف ، العارف بكل تلك الاشكال وما هياتها ، نظر الى فرات بخوف ، وبنبرات يعلوها الشك ، سأله ـــ من اين اتيت بكل هذه المنحوتات ؟
اطرق منعم فرات ، لهنيهة زمن ، وابتسم ابتسامته المعهودة ، وهي مزيج بين القهر والانكسار ، انا الذي صنعتها ، انها بنات افكاري؟!!
لم يصدق المكتشف ما راى ثمة معجزة تحدث ، ثمة امر خطير يقام الساعة، اخذه اليه مبتسما ، هذا الرجل الواقف بانكسار سيمنح التاريخ ريادة لم نر مثلها من قبل ، قاده الى حيث العمل ، وهناك كشف منعم فرات الذي اشتغل نقاشاً ، عن مواهب نحتية دعت كل المشتغلين بالتشكيلية العراقية النظر اليه باهتمام ، حتى اوصلته خطى الى النحت لان يطلب منه تمثيل العراق في محفل دولي ، لكن القدر كان الاقرب حيث سقط عند نصب النسور ، وملامح الوجه تتحرك مع كل لحظة سقوط .
ماالذي فعله منعم فرات ، هل كان يدخل المتحف العراق سرا، بعد ان منعته الحكومة علنا من دخوله؟
هل كان ينظر الى صور المنحوتات الانساني من خلال المجلات، كيف عرف بثقافة المايا، واتقن نحوتات المكسيك الغريبة.؟
ومن أين جاءته فرصة التعلم ، الذي يسميها محمد غني حكمت ، بالتعلم البدائي ؟
هل حقا كان منعم فرات فنانا بدائيا وفطريا؟
تلك الأسئلة تحتاج الى تفحص كامل ، ولانه منعم فرات الذي علم لنفسه كل شي ، راح يكتب المدونات ، ثلاثين كتابا انجزته ذاكرة منعم فرات ، ادهشت كل من اطلع عليها ، ولكنه وفي لحظة قهر ، وكما فعل ابو حيان التوحيدي ، اشعل ناراً وراح ينظر الى الجهد المعرفي الذي صار هباباً، لم يبق من جهد منع فرات الا ثلاثة كتب، لم تر النور حتى الان ،تلك هي الظاهرة التي جعلت من يهتم به انجاز كتاب خاص عنه اسمه منعم فرات ، صانع الالفة البابلية والسمو السومري ، واغاني اشور، لايمكن ان تتكرر مثل هذه الصدفة الغريبة فلقد مرت على وفاة منعم فرات اربعين عام ونيف دون ان تجد النحتية العراقية فنانا فطريا يشبهه !!
الحجر يوحي بعظمة الرويا ، لكنه لايفضي الى غير الصمم والصمت ، تتلمسه الاكف فلقد باركه الاله ، واراده ليكون ، لم يشأ منعم فرات ، الذي كان صبياً تائها وسط حقول الحنطة ، قول الرفض لان اعماقه كانت تسول له القبول ، اخذ الازاميل من ديموزي ، واستعار الحكايات من طواطم الليل ، ورجع مثقلا بهمومه ، لايعرف تفسيراُ لرؤياه ، يبن فرات على من تقص رؤياك ، ومن ذا الذي يعلن انك حكيم تريد اكتشاف اسرار الحجر ، يابن فرات مالك صامت، الاشياء التي تبغيها لاتحب التردد ، وانت مأهول بالفضاءات التي تحرك وجدانك , ويملي عليك اسراره ، تجره المسافات الى حيث الانبعاث ، لحظة اكتشافه كانت موغلة بالادهاش والفزع معا ، اقام لخلوته مهرجاناً من الحبور ، حين وجد الحجر الصلد يسيل مثل ماء بين يديه الخشنتين ، لم ير من قبل طوطماً ، وما كان يوقن بحكايات جدته الابيه ، ولا حتى تلك التي يسمعها عند مواقد الشتاء ، يوقت بتمامه ان لا ابدية غير ابديتنا ، التي تسحلنا الى حيث لاندري ، ايقن ان الحجر الذي تعثر به صدفة، يامره بأن يحتضنه ويروح به الى عمق النسيان، ظلت روحه الخائفة بالفطرة ، لاتبصر غير الغبار الذي كفن اصول الحجر ، مسد الظهر اولا فتراءت له اشكالأ ما عرف كنهها حتى لحظة الانغماس الكبرى ، نضى دشداشته ، وازاح عقاله ، وهم بتنفيذ المقاصد التي يردها ، منعم فرات لم ير من قبل نصبا لتاريخ يحكي ، غير تلك المرفوعة في ساحات المدينة الحاضرة ، بفطرته كان لايطيق النظر اليها ، ليس ثمة ما يستمتح به ، الجمود هو الذي يسربلها ، وهو الباحث عن حركة ، وتكوين ، يأتيه من بعيد ليتجسد ، الخيار رماه الى معالم انثى لاتشبه اناث وقته ، صارت الملامح تغور في عمق منسي ، تكورت عند لهاثه مئات الاكداس من المخاوف ، وانبثق السؤال ، من يرضى مشاهدة ما اقوم به ؟
ممكن جدا اتهامي بالجنون معاشرة الشياطين والجان ، ممكن جدا الاعلان عن زواجه من جنية احبته فراحت تملي عليه مفاتن حكاياتها ، مع امتداد الوقت ، غدا الحجر طوطما برؤوس ثلاث ، وجسد نحيف وعينين تبثان نيراناً تاتي بغتة لتفارق دون ان تترك اثراً ، تلمس الحجر لمرات عدة ، وهمس لذا منعم فرات المتحفزةن يابن الحجر من اين اتيت بهذه الوجوه ، من ذا الذي املاها عليك ، ومن يمكنه التصديق أنك تربط بين نصب سومر ولكش وبابل واشور ، وحكاياتها وهذا الحاضر الذي لايبعث على الابتهاج .؟
فطن الى انثيالات روحه المتوثبه ، كانت معالم الوحش الثلاثي الرؤوس قد اكتملت ، وشعر انه ينظر اليه بأمتنان وشكر، مسده للمره العاشرة كأنه يريد بث الدفء بين ثناياه ، دفء هاتيك العوالم غير المألوفة ، مرت غبارات العصر لتاخذه الى قلب العتمة ، ربما اخذه الدرب الى امكنة لايجيد التعامل معها ، لكنه ايقن ان الطريق واضح ولابد من وصول ، ماكان الاب راضيا باتخاذ الحجر ملاذاً ، لكن منعم فرات ، صار يكدس الاحجار بين ثنايا خلوته ليصنع ما يريد من الاوهام التي علمته الهدوء ومنحته السعادة ، صارت غرفته معبداً لوجوه لايمكن النظر اليها بقصد الفرجة ، هي لاتمنع الرضا لكنها تمنح التأمل ، نبقت الفكرة بعد ان ايقن انه امسك بكل اسرار الحجر ومعالمه ، ليأخذ منحوتاته الى حيث يجب ان تباع ، كان المكان الامثل مقابلا لصرح الاثار ، حيث تمر خطى الكثير من العلماء والفنانيين ، ومحبي التاريخ ، جلس منعم فرات بعد ان صفط نصبه ، بتتلايات تثير الفزع ، المار من هناك لحظتئذ ، يعلن ان نصبا وتماثيل هربت من المتحف لتباع عند عرض الشارع ، التم البعض للمساومة ، وانبهرالبعض برفقة سؤال كان فرات يتصوره سوطاً ينزل بقسوة على قفاه ، من أين سرقت هذه المنحوتات ، اذهب الى ادارة المتحف واعلمهم موقع وجودها ، حرام عليك اهانة التاريخ بهذا الشكل ، لاتخاف من رقابة الاثار ؟
تظل الابتسامة علامة تفاخره الذي صار اعجوبة ايامه ، لم يستطع بيعما يمكن بيعه رغم بخس الاسعار ، كان الخوف يبعد الجميع عن تلك الطوطميات التي تثير الدهشة والخوف والترقب ، لم تستكن النفس، وصارت الفة الحجر تزداد مع سعة الاكتشاف ، وتعدد المنحوتات، كل ما مر يوم ازدادت معروضاته ، حتى لحظة مرور المكتشف ، العارف بكل تلك الاشكال وما هياتها ، نظر الى فرات بخوف ، وبنبرات يعلوها الشك ، سأله ـــ من اين اتيت بكل هذه المنحوتات ؟
اطرق منعم فرات ، لهنيهة زمن ، وابتسم ابتسامته المعهودة ، وهي مزيج بين القهر والانكسار ، انا الذي صنعتها ، انها بنات افكاري؟!!
لم يصدق المكتشف ما راى ثمة معجزة تحدث ، ثمة امر خطير يقام الساعة، اخذه اليه مبتسما ، هذا الرجل الواقف بانكسار سيمنح التاريخ ريادة لم نر مثلها من قبل ، قاده الى حيث العمل ، وهناك كشف منعم فرات الذي اشتغل نقاشاً ، عن مواهب نحتية دعت كل المشتغلين بالتشكيلية العراقية النظر اليه باهتمام ، حتى اوصلته خطى الى النحت لان يطلب منه تمثيل العراق في محفل دولي ، لكن القدر كان الاقرب حيث سقط عند نصب النسور ، وملامح الوجه تتحرك مع كل لحظة سقوط .
ماالذي فعله منعم فرات ، هل كان يدخل المتحف العراق سرا، بعد ان منعته الحكومة علنا من دخوله؟
هل كان ينظر الى صور المنحوتات الانساني من خلال المجلات، كيف عرف بثقافة المايا، واتقن نحوتات المكسيك الغريبة.؟
ومن أين جاءته فرصة التعلم ، الذي يسميها محمد غني حكمت ، بالتعلم البدائي ؟
هل حقا كان منعم فرات فنانا بدائيا وفطريا؟
تلك الأسئلة تحتاج الى تفحص كامل ، ولانه منعم فرات الذي علم لنفسه كل شي ، راح يكتب المدونات ، ثلاثين كتابا انجزته ذاكرة منعم فرات ، ادهشت كل من اطلع عليها ، ولكنه وفي لحظة قهر ، وكما فعل ابو حيان التوحيدي ، اشعل ناراً وراح ينظر الى الجهد المعرفي الذي صار هباباً، لم يبق من جهد منع فرات الا ثلاثة كتب، لم تر النور حتى الان ،تلك هي الظاهرة التي جعلت من يهتم به انجاز كتاب خاص عنه اسمه منعم فرات ، صانع الالفة البابلية والسمو السومري ، واغاني اشور، لايمكن ان تتكرر مثل هذه الصدفة الغريبة فلقد مرت على وفاة منعم فرات اربعين عام ونيف دون ان تجد النحتية العراقية فنانا فطريا يشبهه !!