*ماالذي يمكن ان يقال عن سارد معرفي، اتقن الصنعة السردية، واثار جدلا معرفياً اينما حلت سردياته، يوماً بين ازمات الموت وسيول التوابيت اعلنت بوضوح، اذا اردنا ان نشيد لوجودنا مباني سردية فعلينا ان نحرق كل مشيدات محمد خضير السردية، كنت اظنه قد استحوذ على كل شيءْ، حتى ان معلمنا علي جواد الطاهر، وهو المعلم الامهر. قال.( ان عليًّ ان اغوص عميقاً في مكونات مملكة محمد خضير السوداء،)!! الصبي المعبأ بالغرور الذي كنتهْ، دفعني الى التأرجح بين مكتشفين ظللت حائرا بهما حتى لحظتي الراهنة قسراًْ، شفيع محمد خضير وارجوحته، حملت اوراق احتجاجي، واطلقت عواصف غضبي امام سليم السامرائي ، الذي قال بهدوء.. انتم امام محنة وامتحان.. المملكة السوداء تجاوز معرفي لصناعات السرد.. لم افقه ايام اذ ما قاله الاستاذ سليم السامرائي شيئا لكني احتفظت بالوصية كذخر معرفي سردي،مصحوبا بالسؤال ماالذي يميز محمد خضير عن ذاك الجيل الذي وصفته النقدية العراقية بالضائع المتأرجح والباحث عن انتماء جيلي.. كانت فكرة التجييل التي اطلقها حميد المطبعي بخبث هي التي اطلت السؤال تلو السؤالْ، دون بحث عن اجابة او سؤال يدفع الى تقصي واستفسار، حيرة محمد خضير الجيلية منحته قدرات تميز خاصة به، السردية العربية لم تك قد اكتشفت المدرسة الشيئة بعد، ولم تك ناتالي ساروت والن روب كريه قد اعلنا حضورهما الادبي العربي بعد حتى تجرأ سعيد الحكيم مترجماً لستائر النوافذ الخلفية، كانت لحظات السرد حاسمةْ، ولحظات التلقي اكثر حسماًً تلك المعضلة استطاع المعلم البصري فهمها والعمل على تحويلها الى قص سردي قادرا على التغيير، يوماً وبخبالي الباحث عن المعارف سألت معلمنا علي جواد الطاهر وبحضور موسى كريدي ويوسف الحيدري ومحمد شمسي.. ماالذي يميز محمد خضير عنا فاجاب باسترخاء المعلم وحبه وعظمته .. ان محمد خضير يجيد التفحص والتدقيق واعادة التكوين والصياغة... ولانني مخبول بالسؤال.. معلمي هل محمد خضير سليل الابتكار والقصة العربية ناقلة مقلدة؟
بعد لحظة تأمل وهدوءْ ، اجاب.. محمد خضير باحث ومتفحص يختلف عن مجايليه؟اشارة الطاهر كانت مفتاح قراءات لمنتج محمد خضير السردي، في البدء كنت اكره الاحالات واحاول الابتعاد عن مصدريات نصوص محمد خضير، لكني اعدت الأمل الى روح تحدياتي، رحت افكك كل مدونات السارد وافهم ابعاد تقصية، وفلسفات البناءات التي يعتمدها، لم اره يقف يوماً عند فلسفة سردية واحده، ويتمسك بها ، كان ساعياً بهدوءه العجيب من اجل اثارة السؤال تلو السؤال، شخوص محمد حضير، لا تحبذ الأجابات، ولا تبحث عنها ، تهملها عن عمد، وتسعى من اجل خلق حوارات جدلية ، تقترب من تلك المستخدمة في المسرح العالمي، الافعال هي اساس السرد، مع اصرار على قراءة المكان وتفحصه بروح المدقق وقدرات الممسك بما يرغب، ظلت هذه الميزة ترافق السارد ، وتحثه على نبش كل ما يصادفه ويرغب بوضعه ضمن دوائر الادهاش والتدوين الأرثي، شخوص السارد بصرية تحمل كل ماتستطيعه من ارثيات الموانيء والشطآن وحكايا البحارة وحناجر الغناء، البصرة بالنسبة لمحمد خضير هي مملكته العظيمة، الخالصة الود، لذا يراه متلقيه حذراً يطور قدرات شخوصه على كيفيات فهم مهامهم وغاياتهم الانسانية الكبرى، لغة السرد لدى محمد خضير تنحاز بوضوح الى المشهدية السيمية، مع ضبط دقيق لزوايا الأشتغال وممكناته الفاعلة، لاتحبذ مشهديات السارد الزيادات، لذا يراها المتلقي مرسومة باتقان تأثيري فاعل، وممكنات تثير الرغبة في الكيفيات التي يعتمدها محمد خضير ، وممكنات اعتمادها في سرديات تتكيء الى تجربة السارد ومفاهيمه، وهذا ما وقعت به بعض السرديات البصرية والعراقية، كانت تجربة السرد تلقي ظلالها على الآخر الذي ظن ان سمات السرد يمكن نقلها حرفياً دون حرفية متفحصة، لم يقف محمد خضير عند حد السرديات مكنته التقاطاته السيمية من تدوين كل نواحي المعرفة، مانحاً اياها ابعاداً نفسية وفكرية مهمة ودقيقة الكشف؟
الاشارات تقول، ان تجربة السرديات لدى محمد خضير هي الاهم في تأريخ السردية العربية، وستظل كمكون ارثي ومرجع تفحصي وتوثيقي وجمالي مهم!!