* طائر الحيرة، هو الذي يلاحق ليالي وحشة الحالمين، بمعاني لايستطيعون سبر اغوارها مع زحامات الوقت، وغرابة الأيام، كل مايمنح درابين الطين من صراخ يتحول رويداً الى اسئلة تظل تتأرجح بين قبول الواقع ورفض كل اللواحق التي قد تغمر الوجود بالغرابة، يتأرجح مع كل هنيهة سرد، يطارد الأمكنة ليدون في مطموراته كل ماقد يحتاجه في لواحق ايامه، هو هكذا يباري ايامه بتعدد خياراته مصحوبة بضحكات ترن، مثل سندان حداد، رغم مايحف به من مواجع وقهريات، رأيت اليه وهو يتعامل مع التصاميم بعذوبة طاسة ماء، وقت لفح روحي يدفع الى الاحتجاج، رغم اعتيادية ماكان يمارسه من اداء يومي، كان يتطلع الى ماهو بعيد، يقرأ المدونات الشعرية التي تهيج لبابه، ويقتعد اراضي اليوت البور، لكنه يندقع بكل ممكناته ليفكك لوائح اشتغالات السياب وسعدي يوسف وبلند الحيدري، ليغادرهم صوب ازمنة احسها اقرب اليه، قرأ غضبات جيل الحرب ومنافيهم، مثلما لاحق سامي مهدي وحسب الشيخ جعفر و حميد سعيد وعبد الرزاق عبد الواحد، لكنه ماحاول الانتماء لشيء، ظل يتأرجح بين كل تلك الازمنة، وملاحق الأمكنة التي تؤطر قواماتها الشعريات المتقدمة، لتأرجح صباح محسن، الضاج بالأكتشافات والأسئلة، الكثير من الأسباب، الخارجة عن ارادته والداخلة في عمق مخاوفه، من اين يبدأ الشعر، وهو الحامل لكل هذه الأرثيات العراقية والعربية، من الجرأة ان تكون شاعراً، لتجد قواك الشعرية تنافس كل هذا الكون الشعري، وتطالب بوجود لوجودك، الذي لايعرف كيف ومتى يدمن الاستقرار، لم يفكر بأن يقف عند حافات الرفض او القبول الخجل، بل راح يبحث عن منفذ اشتغالي يعمل على ترسيخ المفاهيم التي اعتبرها مقدسة وبحاجة الى اعلان، بدأت حواسه التذوقية تنزاح بتجاه القراءات السينمائية، وهذه واحدة من اهم اشارات البحث النفسي، يكتب عن السينما بانطباعيات تفسيرية، مع توافر قدرات في تقديم صيغ ببغرافية، تمنح متلقيه فرص التلقي التوضيحي، وتلك مهمة يقوم بها معظم المشتغلين على اليات التفحص النقدي السيمي، ولانه عابر وخارق لسنوات مخاوفه، مالبث ان عاد الى وديان الشعر عله يجد عفريتاً او جناً او شيطاناً يعلمه كيفيات الاقتحام، لم يجد غير بياض وحكايات ايام، وسيول من المرهبات الجسدية والعقلية، هل يمكن ان تنتج الفوضى شعراً، يطالب بالبقاء والرسوخ والارثية، منشودات صباح محسن الشعرية، تأخذ متلقيها الى المتقدم من السرد، تخلو نصوصه من المقدمات الايضاحية، وتندفع بسرعة سهم صوب مقاصدها الجمالية، يبدو السؤال داخل المشهد الشعري بسيطاً ويبعث على الريبة والشك ، دافعا بالمتلقي الى البحث عن الضرورات التي دفعت بالشاعر الى مثل هذه الاشتغالية، ومع خفة السؤال وعدم اتزانه ظاهراً تتحول الثيم الى قواطع حادة، لاتخلو من الوعيد والاضطراب والهلع، وبرغم هذا التقدم، يتوقف صباح محسن مصحوباً بماذيات الفعل، الى ماذا تريد ان اصل؟.وما فائدة وصولي وانا استقر داخل اتون من الضجيج الاستعبادي؟.لهذا يحمل صليب مواجعه، ليحط ثالثة عند تلك اليوميات السردية، المكتوبة بالغتنا العراقية، وهي الانسب الى روح شخوصه وفوضاها، يحول السرديات الى كوميديا سوداء لم يسبقه اليها احد، يختار شخوصه بمعرفية حذرة، ويتعامل معها ملبساً اياها ثياب الواقع بكل رثاثته وبلاويه وامتهانه، التحرك سردياً لدى صباح محسن، حيادياً متاملاً، وتفسيرياً ، وان وجد نفسه احياناً يقع في بؤر الاضطرار ليسهم في بناء الحدث والتعريف به وبشخوصه التجسيدية التي غدت مع الايام لدى المتلقي جزء من منظومات الارث الجمعي التي تعيده الى قاع مكسيم غوركي واحزان تشيخوف، ومضحكات زكريا ثامر النقدية والناقدة، والسؤال الذي لابد منه، هو هل يستمر صباح محسن، في مايدونه ويجده وقد اصبح تأريخاً ام يغادر صوب زمان ومكان لم يحدد ماهياته وتشكيلاته بعد؟
لدى صباح محسن لا عودة الى وراء، ثمة امام لابد من البحث فيه ومعرفة ضرورات صناعة الجمال وترسيخ مفاهيمه الانسانية العامة، صباح محسن ظاهرة، تقف بين الحيرة والرفض و المحنة التي صيرته، وكما يقول غوركي.. القاع اكبر منتج للادب الذي يراد لها البقاء والرسوخ، البريتوريا الرثه هي المنج الحقيقي لكل القصص التي تستحق البقاء؟.انتبه صباح محسن لهذه الاشارة الغوركية وهاهو يبدأ التدوين.. وخوفي ان لايستمر،!!