* السؤال الذي يملأ روؤس الفتية الرافلين بأحلامهم ، وهم يجتازون دروب المحنة والانتظار، ساعة ينادي الليل لهب المواقد، وحكايات الحناجر الذي تصف بدقة العارف، مالاتعرفه ولاتجيد اعادة تكوينة الجماجم الصغيرة المهوسة بالترقب والأمنيات، جلس الولد السومري بأدمة بابل ، والذي يحمل في اعماقة كل ثوابت الصلاح، يرقب الصمت، ليطلق السؤال، ماالسينما،؟
حار الحكاء بتوصيف تلك اللحظة، التي لم يكتشف وجودها هو نفسه، من أين سمع الولد صالح الصحن ذاك الاسم الغريب، والذي لم تلفظه الالسن حتى لحيظتنا هذه صحيحاً، السيلمة، حيرة الروح فعلاًْ ومقتربات هواجس الجنون، انصت لاعماقه تبحث عن سلوى او جواب، حتى الان ظل صالح الصحن كثير الاسئلة حول السينما ومكوناتها وكيفيات خلق تلك الهالات من الضوء وحزم التجسيد التي تعبأ الارواح بالحكايات والوسامة والجمال، يوم كشف الظلام عن برق الوجوه، شهقت دواخله، ورتلت كل مايمكن ترتيله من ادعية، علها تمنحه فرصة ان يكون ذات يوم جزء من هذه العقدة الجمالية العظيمة، لاحقه الهاجس وهو يغذ خطاه صوب التعلم، وتفكيك كل قراءاته التي تهتم بعلم صناعة السينما، لم يهدا بالله حتى حين وجد نفسه داخل استوديهات الاذاعة والتلفزيون، يتعلم حرفيات التصوير وتقنيات التعامل مع الاضاءات والامكنة، وكيفيات تحريك المجسد، كلما اكتشف سراً وحلل فكرة، صرخ.. يالها من بئر عميقة تلك التي نزلت الى اعماقها، لم يكتف بالعمل، اخذته خطاه الى البحث الاكاديمي، كانت محاولة انتماء اشتغالية، لكنها اخذته الى الدرس الاكاديمي، لسبب غياب المحترف الانتاجي، السينما في العراق، ماهي الا محاولات تتقدم خطوة، لتتراجع خطوات، تتعثر عند وجود الواقعية التي لم تستطع التخلص منها مهما حاولت، ظلت تحاول الجمع بين التقنيات الابهارية الحديثة وادمان العقل الجمعي العراقي على السردية وثيمها ومديات تأثيرها التطهيري، تلك وقفة ستظل تلاحق السينما العربية بكاملها، العقل الجمعي العربي عقل حكاء، لا تبهره الاضاءات بشدة، وتظل لحظات القهر والبكاء والظلم والاستبداد ولربما الضحك طوال عمره، انتبه الصحن لهذه الميزة ، وتفحص مؤثراتها، فانغمس متابعا السرد العربي في الف ليلة وليلة من خلال الشريط السيمي العالمي، مبحث مهم لم يسبقه اليه احد، متابعات الف ليلة وليلة، تحتاج الى مراقبات كلية، لاتهمل اشارة ولا لحظة، انغمس الباحث بكل تلك التفاصيل، ليكتشف ان العالم السيمي يحب سرديات الليالي لانها تصنع جموحاً لايمكن ايقافه ، وتفرض عوالم افتراضية ظلت محط الدهشة منذ غرفة بيكاشيو للاكاذيب، السينما تقترب من متخيلات الوهم، لهذا وجدت في سرديات الليالي ضالتها، وقد نجح صالح الصحن، في تؤكيد تلك الاشتغاليات الذي لم يك الجميع يعرفها، من عنديات هذه اللحظة الاكتشافية ، انتقل الصحن الى متابع سيمي، يحلم ولكنه يجد عن الآخر مايحتاجه، صار اقرب الى الدارس منها الى الفاعل المبتكر الخالق، ظلت قراءاته تغور في عمق كل التعليميات الفهمية للسينما، املاً ان يضع تلك الايضاحات والاشارات امام متلق يجد في السينما مايحتاجه من تفسير للذائقة وفعالياتها التأثيرية ومداخل الدهشة والادهاش، مشكلة نقاد السينما في العراق، انهم لايتوافرون على هوية وطنية، ولهذا ينتقلون الى الهم الصناعي الابداعي لدى المبتكر الآخر، لهذا لم تجد مكتوباتهم اهتماماً لدى المتلقي العام، ظلت رهينة الراغبين بالاقتراب والتفحص، وضرورات الدرس الاكاديمي، عاشوا غربة حسية ابعدتهم فعلاً عن هموم ايامهم وبحثهم عن ايجاد منفذ مخلص للصناعة السيمية في البلاد، وتلك واحدة من اهم الاشتراطات الواجب توافرها، ولكن صالح الصحن، الذي صار اكاديمياً يسعى الى النجاح بأمتياز، استطاع جذب بعض قوى الفعل العام، تمكن من خلق جيل يراقب ويتابع ويحلم، صارت كتاباته مرشداً مهماً لبعض الغارقين باحلام صنع سينما عراقية تقف بمحاذات الصناعة السينمائية العربية على اقل ماهو مطلوب، هل تحقق حلم صالح الصحن، من خلال السرديات التوثيقية والتعليمية، ام تراه يحن الى ضجيج الانفاس وغضب التصوير وحيرة اللحظات التي تبدأ، بكاميرا داير!!
ذات قلق قيل ليوسف شاهين، ماالذي تريده من السينما؟
قال ، وهو المخبول بالابتكار والجرأة والتجديد.. اريد ان اجد يوسف شاهين؟
فهل يجد صالح الصحن، نفسه، ام تراه اقتنع بمنتجه المعرفي السيمي وهو منتج مهم وكبير، وتعليمي ثر؟
تظل مثل هذه الاسئلة دائما دون اجابات، مادامت قد انغمست بالثوابت وشروطها، ومحال اجتياز تلك الثوابت في وقت عصيب كهذا؟!!