الرئيسية / السرد الشعري في ديوان (شيء يشبه الرقص) للشاعر شفيق العبادي - كمال عبد الرحمن

السرد الشعري في ديوان (شيء يشبه الرقص) للشاعر شفيق العبادي - كمال عبد الرحمن

لقد كرست القصيدة السردية اعرافاً جديدة في قراءةالنصوص الشعرية،تستلزم بالضرورة البحث عن شعرية خاصة بها،تتخذ من السردي في الشعري نمطاً للكتابة،لاتفترض كون السرد نتوءاً زائداً يبدو وكأنه ملصق على جسد النص الشعري،بل بوصفه مكوناًحيوياً من النص،لأن استخدامه في الشعر  ــ على رأي أدونيس ــ مشروط((بأن تتسامى وتعلو به لغاية شعرية خالصة)) (1).

ان هذا الجانب ــ السردي في الشعري ــ ظل مهملا في النقد العربي الحديث،بسبب بعض التصورات والمعتقدات الخاطئة يلخصها حتم الصكر بـ :

1.الاعتقاد بغنائية الشعر العربي وحضور (أنا) الشاعر حضوراُ طاغياً،مما يلغي الجوانب  الحوارية ومظاهر القص.

2. الإعتقاد بقوة الحدود الفاصلة بين الاجناس والانواع الادبية.

3. الاعتقاد بنثرية القص الخالصة،وما يستلزم من جماليات خاصة تقربه من(الوقائع) التي يتاسس عليها القص،فيما تتكون القصيدة (لغوياً) وتختزل الوقائع لصالح وجودها،بوصفها معادلا شعوريا او عاطفيا ُ بهيئات او تشكيلات صورية،ولغوية،وإيقاعية لامجال فيها  لاستيعاب الواقعة وتحديد جوانبها السردية(2)

وما بددتها حركة الحداثة العربية التي طالت ميادين الحياة ـ من ضمنها الشعر  ــ فظهرت اتجاهات تجاري النقود الغربية التي تدعو الى إلغاء  الحدود الفاصلة بين الاجناس الادبية،مما أدى الى ظهور فكرة(النص) أو مايعرف ب(النص المفتوح)،وصار احتفاظ كل جنس((بحدوده المرسومة  موضع شك كبير  فلم يعد الشعر  ــ مثلا ـ جنساً نقياً مطلقاً،يمتنع على الاجناس الاخرى اختراقه او التغلغل ضمن حدوده الخاصة به وبات النص الشعري قادراً على استيعاب الكثير من خصائص النصوص السردية))(3)،حتى صارت الحدود بين الشعر والنثر كما يقول ياكبسون"أقل استقراراً من الحدود الادارية للصين!"(4) كما لم يعد الهدف او الغاية من رسالته مقتصرا على بلاغته النصية وحدها،اي الاحتفاء باللغة وتفجير فضاءاتها المجازية.ومن جهة اخرى فإن النص سردي ــ  وهو الاخرـ لم يعد في معزل عن تلقي المؤثرات التي تهب عليه من النصوص الشعرية المجاورة،كما ان الرواية  ـمثلا ـ ما عدت فنا خالصا(5).

ان كثيرا من جوانب شعر شفيق العبادي  يعمل بوعيه او لا وعيه على السرد،والقصيدة السردية لديه في بعض الاحيان،ليست سُبة او ضعفا كما يتوهم من يحلو له ان يتوهم،بل هي سمة ابداعية تميزه عن كثير من الشعراء العرب الذي لايعرفون قيمة النص الشعري السردي،ففي قصيدته (  خذنا اليك:12) يرسم المشهد الانساني السردي  الذي يصرح بالعودة الى الجذور والاصالة كحل فريد  لمتاعب الزمن ،يقول العبادي:

خُذْنَا إِلَيْكَ

بُحَيْرَةٌ تَاقَتْ لنَوَرَسِهَا الصَدِيقْ

خُذْنا (إليك) وَشُدَّنَا كَالعُودِ بِالزَمَنِ العَرِيقْ

خذنا (لنَا) مِمَّا يُقَايِضُنَا بِه في الَّليْل بَدْرٌ ظَلَّ سُحْنَتَه البَرِيقْ

يَا زِهْرَةَ الوَادِي مَلَلْنا الإِنْتِظارَ هنا

فلا صحْرَاؤُنا حبُلتْ بقَافِلةِ السَرَابِ 

هذا شيء من سيرة ذاتية   لطفولة تتوجها الاغنيات وتكتنفها الذكريات، نداء البراءة حيث تتلطخ الايام بادخنة الغش والخداع، صوت الطفولة للعودة الى الابيض الذي لم يلوث، ترى اين ذهبت ايام النقاء والصفاء؟:

كمْ قُلْتَها حَاِذرْ مِطَالَ الغَيْمِ لا تَرْكُنْ إلى مَطَرٍ صَفِيقْ

وتَوَخَّ أَعْقَابَ الكُؤُوسِ ففِي ثُمَالَتِها إذَا مَا شِئْتَ حَتْفُكَ يَا غَرِيقْ

ان تطور النماذج البنائية للقصيدة الجديدة ارتبط منذ البداية بطبيعة استجابة النوع التشكيلي الشعري لمقتضيات هذه النماذج ومعطياتها بدليل ان القصيدة العربية القديمة لم تخضع طوال عمرها الشعري لتطور بنيوي  متباين في انموذجها  باستثاء محاولات خجولة لايعتد بها  ولايمكن ادراجها في سياق حداثي(6)

فضلا عن ان الواقع الجديد الذي صاحب النقلة الشعرية الكبرى مطلع الخمسينيات فرض اجناسا ادبية وفنية جديدة بتاثير الاتصال الحضاري مع الغرب  فكانت الافادة متزايدة من انجازات الفنون الاخرى ومن المعطيات النقدية االعالمية وصولا الى ادراك نسبي  لضرورة اخضاع البناء للحالة النفسية التي تسود التجربة الشعرية ومقتضيات الموضوع الشعري(7) ومن الفنون التي تركت آثارا واضحة في عملية البناء الشعري هي ((القصة)).

ان الشاعر العبادي يقدم قصة أُمّة من خلال مخاطبة فرد..يتكلم  شفيق ..يحدثنا.. ولايصمت ..وكأن قَدَرَهُ .. الرفض والصراخ بوجه المجهول ، العبادي يحكي لكم قصة شعرية او قصيدة سردية ،قد لاتسمعونها كل يوم:

هَلْ أَحْصيتَ تضَارِيسَ زَمَانِكَ المَوْبُوءِ أَيُّها المُغَنِّي

هَلْ اسْتَشْعَرْتَ أَورَاقَه المَدْلُوقةَ  بِأَعْشَابِ حِذَائِك 

هل سَرَّحْتَ في أَقْبيتِه المَفرُوشةِ بتِيجَانِ الغَفْوةِ قُطعَانَ حُروفِكَ 

تِلكَ هي نَافِذتُك المُطلَّةُ على نَاصِيَة الحُرِّيةِ 

 فَامْسَح بِريشَتِك بعضَ خُصلاتِها  كَي تَنالَ بَركةَ الرَحِيل 

فبدُونهَا لاتَعْدو كَونكَ مُفْرَدةً نَسيَها البَدْوُ الرُحَّلُ فِي أَحْضَانِ ضَجيعَتِهم الصَحْرَاء تُرْضعُك مِن أَثْداءِ رِمَالِها الآسِنَةِ وتُهدْهدُك بينَ ذِراعَيْها الوَافِرتَين وتَصُبُّ في عَينَيكَ أَسرَارَ متَاهتِها كُلَّما أَوغَلتَ في زَوْرقِ الخَيالْ

بدُونِها لَن يُصاهِرَك البَحرُ ولن يُفقِّهَك لُعبةَ الأَشْرعةَ

تتشكل هذه المقاطع من جدلية الأنسنة والشيئنة،بين عالمين يستحضرهما النص،عالم(الآخر) المؤنسن ببراءته من خلال ساحل الأمان،وعالم(الأنا) الذي شيئنتهُ الأسئلة فلا وصل الى بحر جواب ولا امتلك ساحل الأمان،عالم غريب مريب يخرج من عباءة أوجاعه الى معطف الأسى والخراب،وحيث يختلط العجب الدهشة ،فإن الشاعر يكون شاهداً  على مسلة الاوجاع  وعلى تشيؤ انساننا المعاصر:

لستُ أُجِيدُ التَبرُّجَ

لاعِلْم لي بالسِبَاَحة مُرْتَديًا سُتْرةَ الغَيْر (صَاِريةً) في مِيَاه المَجازِ

ولستُ جَرِيئًا لأَرْمِي بِكُلِّ شِبَاكِي ليَصْطَادَني الآخَرُون

لِهذَا تَطِيرُ الحُروفُ التي دَاخِلي (حَجلاً)

ربَّما أَدْركَتهُ طُيورُ المَعَانِي فَحطَّت بِه نَخْلةً

غيرَ مُكْتَرثٍ مَن سَيأْوِي إلى ظِلِّها

أو يُداعِبُ غَيْماتِها

وبما ان الفضاء السردي  يتشكل من جملة عناصر،لذلك يأتي التماسك البنيوي في النص من خلال هذه العلائق النصية  من (زمان) و(مكان) و(شخصية) و(حدث) و(ورؤية)، وقد اصبح المكان(( مفتاحا من مفاتيح استراتيجية النص بغرض تفكيكه واستنطاقه، والقبض على جماليات النص المختلفة))(8)

وقد صرح افلاطون بأول استعمال اصطلاحي للمكان، اذ عده حاويا وقابلا للشيء،فأخذ اهميته في البحث الفلسفي بعد هذه الاشارة،وقسم ارسطو المكان على قسمين: عام،وفيه الاجسام كلها،وخاص لايحتوي اكثر من جسم في آن واحد (9)،ولدينا عدد كبير من تقسيمات المكان:

1.قسم مول  ورمير المكان اربعة انواع حسب السلطة(10)

2. وقسم بروب المكان على ثلاثة أنواع هي:

وتجاوزنا عددا من تقسيمات المكان التي ذكرها(غالب هلسا وياسين النصير وشجاع العاني وغيرهم)أما بسبب تشابهها مع الاقسام السابقة أو تكرارها أو لاتخدم دراستنا هذه ،والشعرنة هي تطوير لمفهوم الجمالية كما نادى بها جاكبسون، اي سحر الوصف وجمالية اللفظ، ودقة التعبير.

واذا جئنا الى تقسيم بروب،فان الشاعر شفيق العبادي في أغلب قصائده ،نجده يشتغل قبل كل شيء على شعرنة( المكان الأصل)، حيث الأنتماء المصيري(اللذيذ ـ المؤلم) للجذور الاولى،و(( حيث الأحساس بالمواطنة وأحساس آخر بالزمن..فكان..وكان: رمزا،وتأريخا قديما وآخر معاصرا،شرائح وقطاعات،مدنا وقرى، وأخرى اشبه بالخيال كيانا تتلمسه وتراه))(11) ، يقول العبادي:

 

كسُبُّورةٍ نَاصعَةِ الخَيالِ لمْ تتَلوَّثْ بِظِلالِ المَارَّةِ بَعْد

لمْ تَكُنْ ثَمَّةَ خرْبشَاتٌ على جدْرَان سنَواتِها الخَدَاج

حينما شكَّلَتْني مُفْردةً تُوشِكُ أن يتْركُها البحرُ ملْهاةٍ لشوَاطِئه المُتَكرِّشةِ بفَوائِضِ المَارَّة.

لمْ تُكدِّر بياضَ سرِيرَتِي مَلاءاتُ النُسْوةِ اللاتِي امتَزجَ حُسْنَهُنَّ بحُزْنِهنَّ ظمأً لشُرفَةِ عيْنكِ المُشْرعَةِ برائِحةِ الجِهَات .

لمْ أكنْ لمحتُكَ في قسَماتِ عمَّتِي (مرْيَم) وأنا أتَمسَّحُ بها كهرَّةٍ كلما شحَذَتْ جنَاحيْها للطَيَرانِ بعدَ أنْ تَدُسَّ في جَيْبِي شيْئاً منك .

ان المكان في السرد الشعري(للأنا أو للآخر) أحد الأركان الرئيسة التي تقوم عليها العملية السردية حدثا،وشخصية،وزمنا،فهو الشاشة المشهدية العاكسة والمجسدة لحركته وفاعليته(12) ولكن هذه المركزية التي يتمتع بها المكان لاتعني تفوقا أو رجحانا على بقية المكونات السردية الأخرى وانما هي ناجمة في الأساس عن الوظيفة التأطيرية والديكورية التي يؤديها المكان(13) وتميل قصائد الشاعر  شفيق العبادي الى تمثيل حالات انسانية واخرى وجدانية خاصة،تستمد فضاءاتها من الواقع السعودي المعايش اخلاقيا وانسانيا ووجدانيا من الشاعر وتنمو فنيا باتجاه بنية الأيجاز والتركيز، وعلى الرغم من ثراء قاموسه اللغوي وخصبه وتنوعه الا انه يبدو شديد الاقتصاد في اللغة،وحريصا على انتقاءمفرداته وتركيزها وشحنها بالدلالات الكبيرة والاستعارات الجميلة:

الطَرِيقُ إِلَى بَيْتنَا فِي الدُروبِ العَتِيقَة مَا عَادَ حَقْلاً

يُضِيءُ بِعطْر الحَنِينْ

الطَرِيقُ الذِي كَانَ يَصْطَادُ فِيَّ الغَزَالات مُنْتحِلا مشْيةَ الذِئْب

ليس كَمَا كَان قَبْلا يَفِيضُ بمَاء الطُفولَةِ 

حين حَملْتُ له أَمْس بَاقَة شَوقٍ فعَانَقنِي كَالمُودِّع 

مُسْتَودِعاً مَا تنَاسَل من غَيمِ أَسْرارِه كُلَّ تلك السِنينْ

الطَريقُ الذِي كنتُ يوماً له دونَ كلِّ الرِفَاقِ الذِينَ أَدارُوا له ظِلَّهُم  

حيثُ لمْ يبقَ مِنهُم سِوَايَ الأَمِينْ

وَاقِفاً عِندَ بَوَّابةِ الإِنْتظِارِ 

ويبقى الشاعرالعبادي ملتصقا بحاسة المكان،سواء كان المكان(عندي) أو (المكان الأصل)،و أماكن( الآخرين) التي نمر بها ونعيش فيها قليلا أو كثيرا  ،هي في الواقع  أماكن مؤقتة وليست أماكن(أصلية)،فهي فضاء عرضي لايلبي حاجاتنا الانسانية البريئة في الانتساب الى  الجذور الاولى والوطن الاول، والآخر هو الفضاء المكاني الحقيقي القادر على تشكيل ملامحنا الثقافية وأصالتنا التأريخية، ومع هذا فإن الشاعرشفيق العبادي يغوص انسانيا في فضاءات الاماكن التي يمر بها سواء أكانت أصلية أم أماكن (الاخرين ) فنجده يتفاعل مع اماكن عديدة تتفاعل جيئة وذهابا في المسافة المائزة بين الماضي والحاضر:

مَرْثِيَّةُ الزَمَنِ الأَخِيرْ

مَرْجٌ ، وَدَالِيَةٌ ، وَدُورِيٌّ يَطِيرْ

هُوَ ذَاَكَ مَشْهَدُكَ الأَثِيرْ

فِي لَوْحَةِ العُمْرِ التِي أَوْشَكْتَ أَنْ تُرْخِي حِكَايَتَها

بَرِيْئًا مِنْ سِيَاقِ الَّلوْنِ ، مُنْحَازًا لِرِيشَتِكَ التِّي اخْتَصرَتْ

مَخَاضَ الأَرْضِ يَامَرْثِيَّةَ الزَمَنِ الأَخِيرْ

كُنَّا حُروفكَ حِينَ كُنْتَ تُعِيدُ تَأْنِيثَ الحِكَايةِ مِن جَدِيدٍ

وقد تنوعت دراستنا لمجموعة قصص   شفيق العبادي  الشعريةعلى مسارات تشتغل بين الرؤية الفنية،والتقانية المتعلقة بالأدوات،والاليات المتعلقة بحرفية وفنية كتابة القصة،والمواقف والقضايا والثيمات التي اشتغلت عليها التجربة،ومن ثم الجماليات التي حظيت بها على صعيدي التشكيل السردي والتعبير.

ان الفاتحة النصيةهي اهم العتبات النصية ولاسيما فيما يتعلق بالقصة  الشعريةلذلك تُعد((واحدة من اهم عتبات الكتابة القصصية لما لها من دور بارزفي حسم توجه القصة وتشكيل رؤيتها  وبيان نموذجها))(14)،وها هي قصيدة( أبي:74)تتعالق نصياً مع متنها، بما توافق مع تشكيل ما يسمى بالــ (العنوان التقليدي) حيث يتماهى النص بالمناص(15):

يقُولُونَ ذَاتَ مَنامٍ رحَلتْ

وأنَّكَ أوْرثْتَنِي يا أبي شَهوةَ المَاءِ 

حين يُراوِدُه المُنحَدرْ

لِمَن تَرسُمُ الشَمسُ لوحَاتِها 

تَكتسِي الأرضُ أغْلَى مفاتِنِها 

حين تَطْرقُ شُبَّاكَها صبَواتُ المَطرْ

لمن يَلْبسُ البَحرُ زُرْقتَه كُلَّ صُبحٍ 

ويَنظُمُ أحْلَى نوارِسِه 

وعلى هذا الاساس تعمل الفاتحة النصية على الكشف عن  مقولات القصة الشعرية والتمهيد لأحداثها  فهي بذلك تكشف عن شعرية خاصة تشتغل على فاعلية التركيز العلامي وتبئيرها في منطقة حيوية مركزة،وعلى اختزال الفاعلية الادبية للرموز في ظلال هذه المنطقة وضخها بطاقة اشعاع كثيفة تشتغل في منطقتها وتمتد الى الاعلى حيث عتبة العنوان( أبي) والى الاسفل حيث طبقات المتن النصي،لذلك تعد عتبة الفاتحة النصية أخطرعتبة بنائية من عتبات الكتابة،كونها تقرر مصير النص،اذ انها المحرض الرئيس لسحب القارىء الى  منطقة النص (16)و تحرضنا العتبة النصية في قصة( أبي) الشعرية في هذه القصيدة  للانسحاب الى منطقة النص واستكشاف مفاصله ومفاتنه وخباياه ( 17)،الفاتحة النصية لهذه القصة ليست اكثر من (قصيدة كتلة )سحبتنا باتجاه الشعر ،في الوقت الذي كنا نتمنى فيه ان تسحبنا باتجاه القصة:

ويَنظُمُ أحْلَى نوارِسِه 

 تَتهيَّأُ هذِي الشوَاطِئُ مفرُوشةً بِالمَراكِبِ 

من يا أبِي يُسْكِرُ الليلَ منتَشِياً بالقَمرْ ؟

إن حاسة التشيئن في  قصص  شفيق العبادي الشعرية من خلال امثلته الانسانية مرورا بالكثير من شخصيات القصيدة المثالية في التصوير والواقع  تشتغل على  شخصيات محلية،بعضها يمثل مشاهد انسانية مختلفة ، والاخر يمثل مشاهد يومية في حياة الشاعر، وغيرها يحكي قصص حب حقيقية عاشها الشاعر سواء حكاها في السر او في العلن:

أَغْواكَ طَرِيقٌ لَمْ تَخْتَرْه فَلُمْتَ خُطَاكَ وَلكِنْ لَمْ يَصِلِ الدَربُ إِلَيكْ

أَغْراكَ فَمٌ سَوفَ يُعِيدُكَ لِلْمِهدِ قَلِيلاً 

كَيْ تَتَمثَّلَ مَا كَانُوا يَحْثُونَ مِنَ القَولِ عَلَيكْ

أَغْوتْكَ امْرأَةٌ لازَالَتْ 

رَغْمَ نَزِيفِ العُمْرِ وجُرحِكَ تَسْكُنُ ذِكرَاهَا شَفَتيكْ

وختاما فان  شعر شفيق العبادي   يحتاج الى قراءات نقدية متعددة فهذه فسحة صغيرة انطلقنا من خلالها لدراسة القصيدة السردية في ديوانه ( شيء يشبه الرقص)،هذه القصائد التي تمثل جانبا مهما من جوانب دراسة شعر شاعر مارس الصدق الشعري في أقواله الشعرية عندما صدق بوصف(الاماكن الاصلية) ــ أي الوطن ، بالاشراق والجمال والسحر في محاولة لتأطير الواقع بالأسئلة، بل بكثير من الأسئلة  المسردنة ،لقد روى لنا الشاعر قصصاً شعرية فيها الكثير من الادهاش!

 

الهوامش والأحالات

 

1.القصيدة السير ذاتية واستراتيجية القراءة، خليل شكري:15

2.مرايا نرسيس، حاتم الصكر:6

3.لقصيدة السير ذاتية:15

4.قضايا الشعرية،جاكبسون:10

5.الدلالة المرئية،علي جعفر العلاق:17

6.عضوية البناء في الرواية الجديدة،د.محمد صابر عبيد،مجلة عمان،ع(142):16

7. دراسات في النقد الادبي،احمد كمال زكي،دار الاندلس،بيروت،ط2 ـ1980،:133

8.شعرية المكان في الرواية الجديدة،خالد حسين:6

9. الشخصية الاشكالية في خطاب احلام مستغانمي الروائي،حميد عبد الوهاب، ماجستير،:35

10.مشكلة المكان الفني ،يوري لوتمان،ت:سيزاالقاسم،مجلة(الف)ع6،القاهرة، ،1986،:34

11.الرواية والمكان، ياسين النصير، ،:ج1،:51

12. مقاربة الواقع في القصة المغربية القصيرة، نجيب عوفي، ،ط1 ،:145

13.م.ن:153

14. الشخصية الاشكالية في خطاب أحلام مستغانمي ،حميد عبد الوهاب:10

15.العنونة وتمظهراتها في النص الأدبي العربي، كمال عبد الرحمن :84

16. العتبات النصية في قصص كمال عبد الرحمن،زهراء الشرابي،:21

17.فضاء النص الروائي،  ـ محمد عزام،:86

 

30-10-2020, 23:20
عودة