*يعرف منذ كان يحلم بأن يكون على قدر شهرة الن ديلون، من أن الاعلام ليس خبراً، ينقل من واقعة الفعل الى مساحات المقروء من الصحف والمجلات، ولا تلك المتابعات الاخذة باردية المدح وتوثيق جبروتها، يحلم بأن يتجاوز تلك العثرات التي تؤرق مخيلته، وتشغل ايامه ، متشبها بذاك الفيلسوف الذي حمل مصباحا ، من أجل البحث عن الحقيقة، وحين وجد، ضالته، راح يصرخ حتى غطت صرخته الافاق، وجدتها؟.لا شيء يمكن ان يجده الباحث مهما اوتي من العلم، الا بحدود معارفه، وستظل تلك المعارف ناقصة وغير قادرة على استيعاب ما يحدث، والاكتشاف الاعلامي يقرأ حيثيات الحاضر ولا يمكنه الغور والتنبأ بما يمكن ان يجيء به المستقبل، وجد كاظم المقداي ، الطريق الذي لم يك سهلاً للكتابة عبر مسافات الضيق التي عاشتها البلاد، مطبوعات ورقية قلة، ومرئيات لا تتجاوز الرقم الاول، كانت حيزات روحه تنفر من هذا الضيق، وتعمل على تحطيم ارثيات الفكر الاعلامي، متشبهاً بذاك الاكدي الذي حطم الاصنام ليعلق الفأس عند رفبة اعظمها هيبة، مثال جريء ، اثار التساؤلات والعدوانية من الأخر الذي كان يؤمن بالاستقرار ولاجدوى تغيير الثوابت، تقدم المقدادي خطوة الى امام، اذ بدات ملامح اشتغالاته الصحفية تتضح متجاوزة السائد، ولو ببعض التردد والحذر، تمكن من تقديم قراءات تتوافر على الجدة والحرص على المعلومة حتى وان كانت لا تتفق مع ماهو سائد، ونجحت مهمته، استطاع كسب بعض الود من قبل المتلقين الذين ا
جعلتهم ملامح الصوت الواحد ينفرون كارهين الاقتراب من التكرار، كانت حرب السنوات الثمان ، قد غيرت مسارات الوعي في الثقافة، لكنها تبقت على ماهو اعلامي يومي مكرر ويتكرر، استحوذت اشارات المقدادي على مراقبة حذرة، ولانه حذر، شد رحاله الى حيث يجب ان يتعلم، مهد الثورة الفرنسية، حيث سارتر، وكامي، وجان جاك روسو، وجان جنيه، و بيكاسو، باريس روح العقل الانساني الواعي، والكدرك، والمحلل، سحرت منتديات باريس وافكارها روح المقدادي، فراح يطرد رويداً تلك التخاذلات التي عاشها لسنوات طوال، جعل من الحرف منهجاً معرفياً مطلقاً لا حدود توقفه، هو الذي يجب ان يوقف مساحات القمع، ويلغي كل هدير المدافع، ويوثق العذابات الانسانية ويدينها، ومع الحرف صارت الكلمة التي صيرته مفكراً هي عنوانه الاهم والاكمل، لم تستطع الجامعة الباريسية لم مواجعه، ففاض مثل نهر السين، ليعمل مع المطبوعات العربية التي تصدر من باريس، كانت علومه الاعلامية قد اتجهت صوب المقال التحليلي الخاص، معلناً ان كل ما نعيشه، يحتاج الى تحليل، الى تفكيك واعادة ماهيات ، مع كم من الأسئلة التي تبدو وكأن لا نهاية لها.. لماذ.. وكيف.. واين، تلك المرتكزات التي اعطت كاظم المقدادي قدرات اضافية، نقلته من مجرد صحفي يشبه المئات الى مقتدر فكري، يأخذ ومن الاعلام هيبته، ليمنحه قوة معرفية غيرت فيما بعد بمسارات التحليل السياسي العراقي ، لانه عمل بقسوة على تعليم تلامذته المناهج الحديثة، رسم الافق الروحي للكتابة القرائية اولاً، ثم البحث عن المعلومة النقية وتقديمها عبر لغة، وان كنت اجد فيها بعض من الحدة والقسوة، لكنها ضرورات الفعل التحليلي الذي لايمكن ان يقترب من لغة الادب ولا بناءاته، تمكن المقدادي، من رسم ملامح وجوده، ليس في الاعلام المكتوب فحسب، بل من خلال تلك الجرأة عبر شاشات التلفاز، والتي اوقعته في مشاعل عدة، لكنه متمسك بالحقيقة، وان شعر متلقيه ان هناك ثمة تراجعات او مراجعات يقوم بها المقدادي بين فينة واخرى، الدراسات الاكاديمية التي قدمها المقدادي، عبر منشوراته .، لم تتمكن من اجتياح الشارع العراقي، كما فعلت مكتوبات المصري محمد حسنين هيكل، لكنها تمكنت من اثرة جدلاً وجدانياً وفكرياً لدى الوسط المعرفي والانساني العراقي، وتلك واحدة من مهمات النجاح، التي اوقفت كاظم المقداي في الصف الاول من المشتغلين في علوم التحليلات السياسية، وخاصة في السنوات الاخيرة، حيث سخونة الاحداث وقسوتها، لكنه ظل مصراً على تأسيساته الفكرية، مقدماً معارفه بهدوء ونضج. وبعض من التحرر، وهذه تشارة عاجلة، نبهت متلقية الى ان ليس ثمة حياد ووقوف على التل وتأمل مايحدث، ان الافعال اما خيرة تقيم الانسان وتمنحه عيشة رغيدة، روح محبة، واما شريرة ، تقصي كل معارضيها، ولا تقبل بهم الا حين يكونوا عبيداً، هذه قاعدة امن بها المقدادي وروج لها، لذا تمكن من البقاء وتقديم مفاهيمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.!!