مدخل :
بكى صاحبي لما رأى الدربَ دونه
وأيقنَ انـّا لاحقان بقيصرا
فقلتُ له لا تبكِ عينًـك انما
نحاولُ ملكا أو نموتُ فنعذرا
ـ الملك الظليل ـ
-1-
يسافرُ صوتُكَ عبرَ الفصولِ
وينهضُ وجهكَ بين البراري البعيده
ترتدي وحشةَ الروحِ
أو تسفحُ القلبَ
فوقَ رمادِ القصيده
وتنأى بكَ الريحُ
تنأى بكَ الخمرُ
والجمرُ
والرغباتُ العنيده
وتعدو بكَ الأرضُ
تتوحّدُ عبرَ التواصلِ
بين ارتدادِ الصدى
وابتعاد المدى
والخطوات الوئيده
تضربُ في الوهمِ
تلتفّ أيدي الرمادِ عليكْ
تُرى
أيّ همٍّ عراكَ
ليسقطَ كاسُ اللظى
من يديكْ
ألأنّكَ قافلةٌ للأسى
أمْ هو الموتُ
أقربُ منكَ
إليكْ...؟ّ!
-2-
هو ذا دربُكَ الآنَ
فاسرجْ بهاجِسكَ الصعبِ
جمرَ التوجّسِ
نارٌ خطاكَ وبرقٌ دربُكَ الوعرُ
فكلّـمِ الصخرَ كي تبدو لك الصوّرُ
وعاودِ الأمرَ إنْ عادتْ يداكَ سدىً
وعانق الوهمَ إنْ أزرى بكَ القهرُ
وتلمّسْ طريقَكَ في اللحظةِ المعتمةْ
لتمشي على نبض قلبك خيلُ الغبار
وتخرجَ من هيكلِ النارِ أيقونةٌ
كنتَ أجَّجتَ فيها الرؤى
أيّها المتوحّدُ في الظلّ
هل أطرّتكَ السنينُ بصومعةِ الجمر
أهزوجةً
أمْ تراك
ضربتَ المدى خبطَ عشواء
منبهراً بالتماعِ النجوم
أمْ تراك
تأمّلتَ أفقاً ورصّعتَهُ بالدررْ
ليكنْ ذاكَ
لكنّ ظلَّك ما زال موتاً
وما زلتَ ظلّكَ
ما زلتَ أنتَ !
فكلّمْ جوادكَ ثانيةً
واسترقْ لحظةً للصفاءْ
إنّ أجملَ ما في الصحاري
أنّها فرصةٌ للبكاءْ !
ولتكنْ ما تكون
غيرَ أنّكَ لا تمتطي فسحةَ الأرضِ
دون احتراقِ
ولا تسبقُ الوقتَ ما لمْ تعانقْ يداكَ
الحقيقةَ
تحاولُ إدراجَ نفسكَ في الضوءِ
تنسلُّ من موقدِ الذاكرة
... لقد كان لي:
لغةً وغناءْ
قمرٌ وسماءْ
إربٌ في النساءْ...
وتفرُّ الدقائقُ من عجزها
توغلُ في ليلكَ المرمريّ
ويمتدّ صمتُكَ في أفقٍ قاحلٍ
ليأخذ شكلَ القصيدة
من ينادي فمَه ؟
من يعادي دمه؟
يا غربةَ الروحِ هل بعدَ الردى حذرُ
وهل يغنّي المغنّي وهو يحتضرُ
دارتْ بي الأرضُ مصلوباً على حجرٍ
الماءُ لي وطنٌ والنارُ لي وطرُ
٣-
وعلى حافّةِ النارِ
تلمحُ برقاً
وترنو إلى الرعد
يتمٌ هو العمرُ
إنْ لمْ نعمّدْ بماء الحقيقةِ أوجاعَنا
ثمّ نسمو على نغمِ الذاتِ
أو نطلقُ الصرخةَ النازفة
وما بين هذا وذاك
ندخلُ قسراً إلى جسد العاصفة
هكذا...
يتضخّمُ رحمُ النساءِ
فيولدُ بينَ المسافةِ والضوءِ دربٌ
إلى الشجرةِ الوارفة
نرتمي في المتاهةِ
أو نحتمي باكتناز الولادةِ سرَّ الهوى
واصطياد الرؤى الشاردة
ولجْنا فصولَ البلوغ- التسابقِ
طفْنا مع الذاتِ
قلنا: هي الجذوةُ الواقدة
ثمَّ أرّقنا هاجسٌ كان ينمو مع الجمرِ
من أيّ بارقةٍ نصطفي نجمَنا
في سماءِ الوجومْ ؟
كيف نصطادُ هذي النجومْ ؟
غيرَ أنّا اهتدينا إلى شرفةِ الشمسِ
إذْ باركتْ أمُّنا الأرضُ خطوتَنا المستحيلةَ
قلنا:
سينبجسُ الماءُ في جلمدِ العمرِ
تورقُ أحلامُنا في حجر
ما الذي أورثتنا الحياةُ ؟
تُرى هل سيغتالنُا شبحُ الوقتِ
في اللحظةِ القادمة ؟
أمْ هوَ الوعيُ سوفَ يسوقُ خطانا
إلى النقطةِ الحاسمه
إنها القاصمة !
وجهانِ وجهكَ لا.. لا تلتفتْ أبداً
بعضُ التلفّتِ هذا الهمُّ والضجرُ
اركنْ إلى الجمرِ أنّى صوّحتْ طرقٌ
واستنطقِ الوهمَ أنّى أورقَ الحجرُ
-4-
وحدكَ الآنَ تعرفُ دربَ الرياحْ
ومن أينَ يأتي الهوى
والتماعُ الأسنَّةِ في كأسِكَ المشتهى
وذبولُ الرماحْ
وحدكَ الآنَ تدركُ أنَّ الرمادَ اشتعالُ الليالي
ودربٌ إلى الجمرِ لا يعرفُ المنتهى
وابتداءٌ من الموتِ
حتى الصباحْ!
لا تمتْ يا صديقي انتظاراً
ولا تتخشّبْ يداك
فإنّ لنا موعداً -سلّماً لعيونِ المها
والحديثِ المباحْ
فلتدرْ هذهِ الأرضُ دورتها
واحتكمْ للرؤى واعتصمْ بالرمالْ
وارقب النجمَ ثانيةً
خوفَ ذلّ السؤالْ
ها أنتَ تمشي ويمشي خلفَكَ الشجرُ
ويلتقي الماءُ في عينيكَ والشرَّرُ
مرَّتْ عليكَ رياحُ القحطِ أجمعُها
وأنتَ تنظرُ مسلوباً وتنتظرُ
وحدكَ الآنَ تُدركُ
أنَّ المسافاتِ ليلٌ وعينا غرابْ
فابتدعْ لغةً للرحيلِ المفاجئ
واخترْ طريقاً إلى الجمرِ
إن الهوى محنةٌ والليالي اغتصابْ
وكنْ مثلما كنتَ
يا أيها المتكوّرُ في غابة الماءِ والنارِ
عانقْ يديكَ يسافرْ فيهما السفرُ
واشفقْ عليكَ فإنَّ الملتقى وعرُ
أنتَ الترابُ وأنتَ الجوعُ والبطرُ
أنت الطريقُ وأنتَ الموعدُ الخطرُ
لنْ تخرقَ الأرضَ
مفضٍ إلى الوهمِ قلبُكَ
ليلُكَ داجْ
ونجمتُكَ المرتجاةُ... احتجاجْ
فكيف تخبّئُ أوجاعَ عمرٍ تقاضتْكَ فيهِ النساءُ ؟
تداعتْ أمامَ خطاكُ الجزيرةُ
قلتَ: المدى صبوةٌ
واقترابٌ من الألقِ المرّ
قلتَ: الردى صاحبٌ
والرياحُ صديقه
ولكنَّ نجمكَ لم يلتمسْ
في الأعالي طريقه..
وأغضيتَ طرفاً
وأصغيتَ ما بين خمرٍ وأمرٍ
إلى لغةٍ أنتَ سيدّها
الى مقلةٍ أنتَ أجَّجْتَ فيها الرؤى والبكاءْ
وأورثكَ الرملُ همّاً
وشقَّ لكَ الجمرُ درباً
فآخيتَ لفحَ الهجير
تُرى مَن يجير؟
تُرى من يعيرُ جناحاً
وقد طارَ سربُ القطا
وانتهتْ غيمةٌ في حجر
واستفاقَ الحمامُ،
وهاجرَ
حتى الشجرْ!
-5-
أطلقِ القلبَ ثانيةً في المدى
واعدْ نغمةً
فالزمانُ صدى
واستفقْ لحظةً
فالرياحُ رهانٌ
وعودٌ
إلى صخرةِ المبتدا
-6-
لا تسلبِ الحجرَ السكرانَ نشوتَهُ
غداً سيفصحُ عمّا يكتمُ الحجرُ
متْ قبلَ موتِكَ لا تتركْ لهمْ عبراً
أنتَ الأخيرُ فماذا تنفعُ العبرُ
وإذْ يتبّدى لكَ الماءُ سقفاً من الجمرِ
من خللِ