* كيف يمكن نقل الوعي التراكمي، الى بياض السرد، ومن خلال لغة قد لاتكون الارثية الاهم والاكثر فاعلية، اذ ان السرد يرتبط بمواثيق لايمكن التخلص منها، بين الارثية الماعشة والحوارات التي تنطلق من دواخلها، تلك معظلة عاشها كاتب ياسين ، حين فكر بأن يكتب روايته ، نجمة ، باللغة الفرنسية، كان الاختبار صعباً، اذ كيف يمكن ترجمة الروح الكامنة داخل السرد؟
كيف يمكن جعل هاتيك الشخوص تتحدث بغير لسانها، وانا لا اشير الى الترجمة والنقل، لاننا نعرف ان الترجمة خيانة جمالية، ترضي المتلقي ولكنها تفقد السرديات الكثير من حيثيات تأثيرها، وتهشم اللغة الام، اشير الى سرديات تحسين كريمياني، الذي ينتمي تاريخياً الى مطمورات مدن قد لاتكون اللغة العربية اساس وجودها، لكنه منذ ان فكر بتدوين الارث والحكي والفعل الاجتماعي والسياسي والفكري، ان يكتب بالعربية، لاسباب اجدها مهمة وموضوعية، فهو يدون ما يشعره مهماً، ويحتاج هذا التدوين الى متلق لا يعرفه ويجهل مروياته جهلاً تاماً، وبدل ان يمر كيرمياني بدورة اللغة الام ثم الترجمة، اختصر الدرب، وقدم مسروداته من خلال العربية، والتي اتقن فنونها وتوصيفاتها وخبر جيداً شفراتها واشتغالاتها، لانه متلق نهم للادب العربي مثله مثل الاداب الانسانية المترجمة الاخرى، يعمل تحسين كيرمياني على تدوينات الفعل التوثيقي اليومي، واضعاً شخوصه داخل بوتقة تحدد مساراتها، وتعطيها حرية الاختيار ايضاً، المأزوم في سرديات كيرمياني هو المحرك المكون للاحداث، والباني المجدد للثيم السردية الصغيرة، والتي يعمل على تنميتها ومنحها قدرات ادهاشية تثويرية، ثمة الكثير من الأسئلة التي تجدها مزروعة بين ثنايا السرد، ولكن تلك المزروعات تعيد للسارد فكرة الثيم الاجابةوبتلاحقية تجعل المتلقي يقف عند الاجابات التي قد لا تتفق وقناعاته ورضاه، وهذا ما يجعله يحول الاجابة الى سؤال، والسؤال مايلبث ان يتناسل من اجل الكشف والايصال، قلت مرة، ان العقل الذي لايدمن الاسئلة ، عقل اتكالي كسول، يبحث عن الجواهز، ويمقت البحث ومراراته الصادمة، ضمن هذه القاعدة يحرك كيرمياني شخوصه داخل مسرح الوجود، قد يفلت بعض شخوصه الى خارج المتن الحكائي، لكنه ودونما ابطاء يعيدها لتكون ناقلة لافعال ومساعدة في تكوينها او اعادة حكيها بطرق مختلفة، مع قدرة وصفية قد لا تتوافر لدى الكثير من السراد ، الوصف يأخذ مديات المكان المرصود بدقة، والزمان المحرك المعنوي، لااهمال لهذين الامرين بالبتة، مع تجاذبات حوارية تقترب كثيراً من المشهدية المسرحية، لا شيء يأتي من فراغ، والذي يأتي من ذاك الفراغ سيذهب الى فراغ اخر دون ان يترك اثراً لدى المتلقي ، ولا يسهم في تطوير الافعال وديمومتها، تاريخانية المدن والبيوت والاثار المروية هي اهم محركات السرد لدية، لان ثمة الكثير من المدافن السردية التي تحتاج الى كشف، وازالة غبار، ومن ثم التوثيق، وهذه ميزة مهمة يشتغل من اجلها تحسين كريمياني، ويحرص على وجودها، المؤسف ان كيرمياني، لم ينل حظاً كافياً من النقدية العراقية، رغم انه درس اكاديمياً وتناولته انشطة نقدية من داخل الارث الجمالي الكردي، تحسين كيرمياني مجد، وباحث متابع لكل ماهو مفيد، مع انتخاذ منهج كتابي واضح الاسس دون دخول في منبوشات التناصات والمؤثرات القرائية المنقولة عن الاخر، .