*التجارب تغني الارواح، وتجعلها ارق من ورقة ورد، تلك حكمة علمتنا اياها الايام، فصرنا نتأمل اكثر مما نحكي، وأن كان الحكي، زاد ايامنا الذي قربنا من البياض مذ كنا نرفل وسط طين هو المزيج من الوجع والاحلام، ما كانت ارواحنا لتهدأ ابداً، كنا نحاول امساك زرازير رضانا ، خوف ان نبقى نعيش في دائرة الوحدة والفراغ، نملأ اعمارنا بالتزامات ، نحاول من خلالها العبور من خشبة المسرح، حتى ضفاف المجهول، الحوارات اهم سمات العصر الذي عشناه قسراًْ، كل ما بين الايادي ، كتب خاضعة للتفكيك المعرفي، وشرطة سينمائية تثير ادهاشنا، ومسارح، كل هذا مجد سر اللعبة واضهرها الى الوجود من عدم الخوف، عند الطرف القصي، يقف عبد الرضا الحميد، مصحوباً بقلق سرمدي ، مازال يصاحبه حتى لحظة وقاحة زماننا هذا، كل ما يتوافر عليه، يغضعه لقانون القلق، واستجواب المعنى والقصد، جرب تعاملاته مع البياض، دون ان يكشف عنها، او يسجل بعض حضورها، ظل ينظرها مصحوباً بالحيرة والتردد، حتى جيء بالحرب، جيء بمئات التوابيت، والاكفان، وبياض نواح الامهات، ولوعات الحبيبات، تعبأت ايامنا بكل ماهو حزين، عند هذا قررعبد الرضاالحميد ، مرافقة العريف ، المشمور الى عتمة السواتر عنوة، كانا يتحدثان عن سرديات مغايرة، روحها التجسيد، وفعاليتها لغة الحميد الحادة، الناصعة المختلفة، سورته واقعيات الحرب وجنونهاْ، بكل ما زاد قلقه، وعنون روحه بالاضطراب، محنة الحميد، التي اكشفناها فيما بعد، انه يقوم بمقامين، كلاهما مختلف الدرب، يريد ان يدون، ان يزحزح المؤرخ السلطوي، ليكون نصه السردي تأريخاً خال من فصدية الحاكم، وابعاد المحكوم، حين تقرأ سرديات الحميد القصيرة، تكتشف هذا السر، لكنه مايلبث ان ينحني امام فكرة التجديد، من غير الممكن ان تظل الحرب لصيقة الروح، لابد من حياة، ولان الحياة فعل يومي متغير، فلابد من وجه اكتشافي اخر، فكانت تضاد، التي شكلت تاريخاً سردياً وهج النقدية العراقية والعربية، وكان الحميد ، اكثرنا سرعة، وحماساً، وادقنا في متابعة كل الغايات والمقاصد، ارتبطت تضاد.. كحركة تغيير معرفية، بروابط عربية كثيرة، هو وحده يحتفظ بمراسلاتها ومديات تأثيرها عربياً ومحلياً، كانت سرديات تضاد الاوقح في التحدي والقبول، الادق في استخدام المصطلح النقدي، من عمق تضاد ، عمل الحميد كوشر نواياه، لينطلق بأتجاه السرديات الاطول، كان الواقع قد هيمن على كل جوانحه، فلم يعد يستطيع غير الترتيل لسيدة منتخبة من النساء، صار نباشا سردياً، يمخر عباب اليوم، ليصنع منه ملامح جمالية ، ترافقها لغة اقرب الى الشعر منها الى السرد، هو هكذا يمزج بين الانثين ، بهدوء كاهن عارف، عله يصل الى نتيجة مقنعه، ومرضية، يمنح سردياته الروائية، الكثير من السمات الخاصة به، محاولاً ليْ عنق الدلالات المعتادة، من اجل منحها تواصيف مغايرة، لم يعد النهر نهرا، وماعادت الشوارع والازقة، تنتمي الى واقعها، وحول وجوه الاناث الى قوة فاعلة، بشفرات، تقود متلقيها، الى غير ما يعتقد ويظن، يمنح شخوصه، وهذه واحدة من اهم سماته، الكثير من لواعج نفسه، يسبر اغوار اسراره ليبسها لشخصية مختارة، او ليشظيها بين من يريد لهم تمثيله، هي فكرةقد لاتكون كثيرة الشيوع في السردية العراقية، لكنها ناجحة، ومرضية ايضاً، وحين يشعر الحميد بالحزن، ويراوده القلق ينكفىء مهزوماً من السرد، بأتجاه الصحافة، التي يراها اهم منفذ تعبيري بالنسبة له، تشظيات عبد الرضا الحميد، كثيرة، ومتعبة في احيان كثيرة، يريد ان يمسك سلة برتقال كاملة بأ صبعين، وهذا المستحيل بعينه، لا يخلص لشيء، كل الاخلاص، سوى عشقه الايدلوجي، غير المنتمي، هو هكذا، لاعب اساسي داخل ملعب الوطن ، المتعوب، المراقب للحظة خلاصة، يدون الصراخ، ويود لو انه استطاع ان يعود الى قلق السرد، وحيثياته، لكان الان في وضع اشد وضوحاً، هو يحاول، لكنه يتراجع، ليحاول ثانية، وثمة الكثير في جعبة خياراته، التي يريد تدوينها سردا، الاهتمام الذي لقيه عبد الرضا الحميد منذ ثمانينيات القرن الماضي، من لدن النقدية العراقية والعربية، وضعه بين فكي المحنة والقلق، لهذا راح يتأرجح، ببطء، واستكانة في مرات عدة، ورغبات واضحة في تدوين الصراخ، هو يرغب في سرد الصراخ، فهل تراه ينجح، سؤال لو اطلقه الان، لوجد نفسه يجلس امام البياض ليدون، وهو.. لصالح من اقف عاجزاً.. ولصالح من اهدري قدراتي الابداعية.. وما دمت قد بدأت فلم تكون النهاية حزينة ماساوية على هذا الغرار؟
لحظة الاجابة.. ستكون حاسمة.. وهو ينتظر تلك اللحظة، ويرغب بمجيئها فوراً، حتى وان كانت على حساب الكثير من الاشتغالات الحياتية!!