ما وراء القصيــدة
ما وراء غمام الشعـــر
تقديم وترجمة الأستاذ الدكتــور سمير الشيــخ
استاذ السيميائيات الثقافية والأسلوبـية الأدبيــــة
العراق 2025
(ما وراء الشعر) metapoetryضرب من الكتابة الشعرية فيها تدرك القصيدة ذاتها كونها البنيان الشعري الذي يتحدث عن الشعر ويستلهم تقناته ومفرداته، فهي بنية شعرية ذاتية الإنعكاس تخترق عملية كتابة الشعر من منظور ذاتي. هذا الضرب الحداثي من الشعر يعلن عن كونه يتناول القضايا المتعلقة بفن التأليف. إن (ما وراء القصيدة) شكل يعي ذاته وعيا عاليا ؛ فالقصيدة، هنا، صنعة انعكاسية ذاتية دونما وجل. على مستوى االلغة، يتألف المفهوم (ما وراء الشعر ) من الجذر اللفظي (شعر)poetry والبادئة (ما وراء )meta . وتعد هذه البادئة، كما تقترح دراسة صدرت عن جامعة (أنديانا )، كلمة السر للحساسية النقدية المعاصرة، بل العلامة المائزة لمقترب الوعي الذاتي إلى النصوص الأدبية. الرصد القرائي لهذه النماذج الشعرية الحداثية يُظهر بعضاً من سماتهاالأسلوبية، فالقصيدة تحيل الى الشعر الذي يتحدث عن نفسه بقصد كسر الإيهام وبأن ما ينخرط القاريء بقراءته ما هو إلا فن تخييلي مبتدع. وبالرغم من أن هذه القصائد تصطبغ بصبغة الإنعكاس الذاتي وتتناول قضايا فن التأليف و ذلك الإنهماك الثيمي، فإن بعض الدراسات الأكاديمية تذهب بهذا الجنس الجديد الى أبعد من ذلك ، فترى أن (ماوراء الشعر) ليس مجرد الكتابة عن الكتابة حسب ، فالشاعر بتوضيحه أن ما يكتبه من شعر إنما هو صنعة artifact ، وهو يوضح أيضاً أن ماوراء القصيدة رهن بالإحتمالات والضرورات التي تشي بوجودها الكلي ويمكن إستخدامها للإستدلال في تقصي غايات الكاتب. لقد وطأ الشعر عبر تطوراته اللسانية والجمالية والفكرية طرقات غير موطأة من قبل ، وكان (ما وراء الشعر) آخر الطرقات. في (ما وراء الشعر) ينسحب الشاعر مسافة ما ، فيما يلفت الانتباه إلى الإيهام ، إلى إبهام اللغة ، إلى الصنعة ، إلى التقليد ، بل وإلى ممكنات أخرى. (ما وراء القصيدة)،إذن، مغامرة لسانية جمالية لا تحد من كشوفاتها الثوابت والمكرسات ، فهي ليست رهن اشارة النقد ، بل على النقد بمنظوراته الفكرية وتقناته اللسانية أن يَجِد في أستبصار ماورائية القصيدة لا كمعنى بل كوجود .
قصائد (ما وراء الشعر)*
سونـــــــــــت
بلي كولنــــــــــــز
كل ما نحتاجه أربعة عشر بيتاً ، حسناً ثلاثة عشر اليوم ،
وبعد هذه ، فالغنائية التالية إثنتا عشر حسب ،
لتسيير سفينة صغيرة فوق بحار الحب العاصفة المتقاذة ،
بعد ذلك عشرة أخرى فقط متروكة مثل صفوف الفاصولياء .
فلكم باليُسر تجري ما لم تأت أنت بالإليزابيثي
ليُصر على أن طبول الأيامبي يجب أن تُقرع
وأن القوافي ينبغي أن توضع عند نهايات الأبيات ،
فقافية عند كل محطة للعبور .
ولكن تمسك هنا بينما نقوم بالاستدارة نحن
في [ الأبيات ] الستة الأخيرة حيث سيبلغ تمامه الكل ،
حيث المعاناة ووجع القلب سوف يجدان ختاما ،
حيث ستُبلِغُ لورا بترارك أن يضع قلمه جانباً ،
أن يخلع تلك المشدّات القروسطية البلهاء ،
أن يطفئ الأنوار ، ويأوي في النهاية إلى السرير .
فن الشعـر
أرشيبالد مكليش
القصيدة ينبغي أن تكون محسوسة وساكتة
كأنها فاكهة كروية ،
خرساء
كأنها حلى عتيقة للإبهام ،
صامتة كأنها حجر بال الكم
لطنف الشبابيك حيث ينمو الطحلب - -
القصيدة ينبغي أن تكون بلا كلمات
مثل طيران الطيور .
*
القصيدة ينبغي أن تكون بلا حراك في الوقت المناسب
كما يصعد القمر ،
تغادر ، كما يعتق القمر ،
غصنا فغصنا الشجر المشتجر الليلــي ،
ذكرى فذكرى العقل - -
القصيدة ينبغي أن تكون بلا حراك في الوقت المناسب
كما يصعد القمر .
*
القصيدة ينبغي أن تكون مكافئة :
لا أن تكون حقيقية
لأن كل تاريخ الألم
مدخل فارغ وورقة قيقب .
لأن الحب
أعشاب مائلة وضوءان فوق البحر
القصيدة لا ينبغي أن تعني
بل أن تكــــــون .
ملاحظات عن فن الشعــــر
ديـــلان توماس
لم يكن بوسعي ان أحلم كم كانت هناك من مجريات الأحداث
في العالم بين أغلفة الكتب،
مثل تلك العواصف الرملية والعواصف الثلجية من الكلمات. . .
مثل ذلك السلام المتأرجح،
مثل ذلك الضحك الكثير، ومثل تلك الأضواء البراقة العمياء . . .
تذرذر على كل الصفحات
في مليون من الأجزاء والقِطَعْ
وهي أجمعها كانت كلمات، كلمات، كلمات
وكل واحدة منها كانت مفعمة بالحياة على الدوام
في مسرتها ومجدها وغرابتها ونورها.
- قصائد (ما وراء الشعر)
ينظر:
Effinger, Sandra (2025), Metapoetry ] online [