الرئيسية / سائح في عام 2125

سائح في عام 2125

سائح في عام 2125

صلاح السيلاوي


هناكَ سوفَ تتقاذفُ الأيّامُ قلوبَها،

حتّى يفضحَ الزمنُ مضامينَه

يُفصحُ الطينُ عمّا جمعَهُ  من عظامِ الدهور، 

تندلع في ذرّاته أسرار الجبال،

 وما تحدّرَ من دموع القرى.

قبضةٌ من التراب في يدِ عارفٍ،

 تذرُّ ملايينَ الأعوامِ على مرأى العوالم

يا لَلأيّامِ التي تسجّل

جريانَها في ما كنّا نظنُّهُ عدمًا، 

يا لَلنفوسِ التي ترى سريانَها في الأصلابِ،

 يا لَلحياةِ التي تتنقّلُ من بعضِها نحوَ ما تؤولُ إليه

يا لَخيبتِنا، كنَّا نمحو ما نريد،

 وكانت الأشياءُ تتخفّى بثيابِ المحوِ،

 حين المحوُ كذبةٌ لذيذةٌ عشنا في ظلالها، 

بينما الدقائقُ تكتبُ أصواتَنا،

 وترقِّمُ خطواتِنا، 

تصوّرُ ملامحَ وجوهِنا على الشاشاتِ المتراكمةِ في الجوّ، 

ساخرةً من انشغالنا بالغياب

أطفالُنا يتصفّحون أصابعَ أيديهم،

 ليشاهدوا أسلافَهم يولدون،

 أو يتغزّلونَ بأمّهاتهم، 

أو يتراكضون إلى أرزاقهم، 

أو يموتونَ على حدودِ بلدانٍ لم تعدْ هي ذاتها.

هكذا بسهولةٍ يمكنُ لكأسٍ أو ذرةٍ أو زفيرٍ،

أن يكشفَ الأممَ ويعرّي التواريخ.

يلقي الهواءُ بذورَ الرعودِ الخفيّةِ في آذانِ المعارف، 

حتّى أنّ الناس تتصفّح ضمائر مواضيها

 وتبكي أو تضحك.

الهواءُ جوهرُ الأسرارِ وكاشفُها، 

يمسكُ الرجلُ في يديه الأزمانَ من أرجلِها، 

فتتساقطُ الجنودُ من الحروبِ ، والضحايا من جيوبِ القادةِ ، 

والأكاذيبَ من أفواهِ المتاجرين بكلماتِ الله 

الناسُ تطيرُ أفرادًا وجماعاتٍ ، السماءُ مزدحمةٌ ، 

حتّى أنّ الطرق المعبّدة مهجورة طاقةُ الماءِ تسمو، 

وعلى طاقةِ الريحِ تغفو القرى ، 

ومن قوّةِ الكلامِ تجري المياهُ ، وتتراكضُ الأشجارُ، 

وتناغي العقيمةُ أبناءَها. ....... 

العربُ على عرشِ الأرضِ ، 

سيّدُهمْ يجوبُ الأقاصي، 

بلادُ الرافدين بكامل مائها وضفافها، 

وأشجارُها تلتهمُ الصحارى،  تبزغُ من يديها الشموسُ ، 

والصلوات تتنامى على نهرها الثالث 

والفراهيديّون لا يفتتحون البحار بالشعر فقط 

فالسفن عن خليج البصر 

مسافةَ تاءٍ مربوطة ، 

والضفاف هناك تشرق أسماؤها الأولى. ................... 

في أيدي العلماء قطعةٌ من حديدٍ ، 

تفضحُ ما على ظهورِ الأيّام، 

يرى الأحفادُ حياتَنا ويضحكون، 

يتنمّرون من التهامِ الحروبِ لأعمارِنا، 

ولكنَّهم سوف يبكون على أحلامِنا

 التي وطأَها الطواغيتُ 

ولأنّهم يعيشونَ بهدوءٍ، 

سوف يقولون

 وهم ينظرون إلى خلاصاتِنا في الهواء: ما هذا!

 كيف كانوا يسمعون بعضَهم على الرغمِ من كلّ هذه الحروب؟ 

ثمّ يضحكون قائلين: كان أجدادُنا يظنّونَ اللهَ خلقَهم وحدَهم ،

وأنّ الشيطانَ خلقَ بقيّةَ الناسِ.

أمس, 00:35
عودة