لم يشاكس في نصه الايقوني ، ودائماً ما يكون حاداً أو اشارة فيه فقط ، لكنه اتصف بالجمال والشفافية ، هما أكثر طاقة وحضوراً ، لأن الحياة ليست ثقيلة وكأنها طائرة ورقية ، مع كل ذلك لم تستطع النهوض أو الحراك ، حتى ولو تحلحلت خطوة واحدة فقط . ومن بعد ذلك تصعد حتماً قليلاً ، قليلاً وترتفع وهذا حلم الطائرة غير المختلف عن حلم الراوي الذي استعار شفويات الافراد والجماعات . اللغة لا تتغير ، بل حافظة كل ما يريده لها من نجاحات كي تلوذ بما يساعدها على البقاء وأن لا تتكسر كما قال هايدجر ، لأنه ــــ الفيلسوف ــــ يريد منها أن تكون حذرة ، محترسة خلال التاريخ كله . الاحتراس / الاحتراس من الهذيان . وتحافظ على الشفاهية وتتزين بالألوان الأرضية ، والأخرى نائمة على الجدران ، لكن ألوانها الشجرية أجمل ما حفظته الأرض .
الطائرة خفيفة ولم تفز بالحلم الذي تريد ، وتعطلت أهدافها حتى البيضاء الساكنة مع هبات الهواء . كل التأخر ، التوقف فراغات ثقيلة غير قادرة على الافلات من الثبات ، لأن العالي ، الورقي يريد الهروب من الأرض ، الحياة ، التعالي ، ودائماً ما تكون الطائرات الورقية متباهية وسط هبات الهواء القوي ، الراوي صامت وكأنه كلمة شفاهية بين سطرين ، غير قادر على القول ، الراوي صامت ، اكتفى بما هو فيه وعليه ، غير قادر على الكلام وضبط الايقاعات ، وللطائرة ايقاعات ممنوحة لها من هبات متحركة . هذا ما قاله مالارميه ، يا للمفارقة ، نداء الهواء في الكتابة : الكتابة أيضاً تحتاج الى نفس وهي تختنق بلا صوت السماء أين ؟ كيف فشل الكائن وتغير ما هو معروف . الراوي غير عارف . الشاعر يجهل ما هو مطلوب من الحياة لأن الكائن لا يقوى على انكسار المتعارف وغياب الورقة المتزحزحة عن الأرض قليلاً .. إنه الفشل والخذلان .
أنا أكثر حيرة ودهشة ، لأن الراوي خسر كل شيء ، وارتضى أن يكون رقماً ضمن جماعة عشاق بغداد ، هم أكثر جنوناً من عاشق بغداد الأول ، لأنهم كلهم ينتصرون لما هو أبيض مرفرف وسط السماء ، العلاقة الدالة على الحرية ، التي كلما رفرفت صعدت وصارت كالسحابة التي يرسمها الغروب يومياً . الدهشة في شعرية ، مقبولة بين الأنا والأنا . الأنا الأول مجنون الحياة ويا له من مجد وتباه ، والأنا الثاني أنا صديق حميم ومثل هذا الصديق تتفتت فيه الكلمة قليلاً وتعطي للصديق الرضا انتظاراً للغروب ، وانتظار السحابات .
يا للأسف للشفافية وحيرة الثقافة . غير المقتدرة على بلوغ الحلم ، ويا له من حلم معقد ، متعال لا تصله قطع البياض ولا تقوى على الاهتداء ، حيث يصير حلم الرفرفة على الارض طغياناً متصاعداً نحو السماء . أنا مجنونها وعاشقها . وأنا كلمة لا تتكسر لأنها شعرية ، أنا عاقل ، عارف بالحياة ومجنون بها ، عالق بكل ما هو متعال ومكانه السماء ، والحب غير هابط للارض الا سهواً في لحظات الخطأ ، لأنه مجنون كذلك يلاحق الانثى ويهوي وراءها ، يهبط مفاجئاً لها ، تلتف عليه محتوية له .
أنا وأنت . الأول عاشق ومجنون ، تابع لعشاق بغداد عبر تواريخها الطويلة ، يا له من خزان محتفظ بمروياتها وسردياتها . التاريخ ذاكرة تحتفظها الذاكرة وترويها خزانات الوقائع والحوادث .
البياض معلق ، وعالق بقصدية ، كل من فوق الارض يراها يتابعها ويروي لها وعنها ، لأن الحب فاقد عقله ويطارد الانات اللاتي يحفظن حكاياتهن تحت وسائد المساءات وعندما يطلعن على المكتوب فيها ، يحدث دمعاً وبللاً ، وهي لا تدري من أين نزل على الوسائد وظلت تشم عطر الدمع وطاقة الحب المتمردة المحاولة الصعود للسماء ، ولكن يا للفشل لان العاشق مجنون . اما مجنون ومحتشد مع مجانين بغداد وعشاقها . لماذا " يا نص طائرة ورقية دون سماء " انت بدون عاشقة ، الانثى اسعد ما تردده الذاكرة ويشتهي الانا / المجنون ان يراها . انا عاشق / محب / مجنون ، صديق مخلص / صادق لكل غمامة سماوية معلقة ، تطل هكذا ، رافضة النزول لا تريد تهطل ... تحفظ ماء وجهها وتحفظها للسماء . نعم يا حبيبتي اقول ما قاله الشاعر ، لاني الاخر مجنون : انزعي غضبك والقيه مع ملابسك على عتبة الباب . الصباح يتفسح في الشوارع . وانا لم انعس منذ سنين ... جسدي مفتوحاً / فدعي نهديك مرتخيان . مدي ليّ يديك . واتركيني اقتحم شهوتك محصناً بمرارة الفراق . انا العاشق ، المجنون ، لان انس سرديتين المنفى جبار ايتها الانثى ولذا اختبأت به . المنفى متغطرس وقوي ونجح برسم اقماراً مدورة ، لذائذ ورغبات ، فاحت عطورها وثار فيَّ كل ما هو متكتم عليه . انا شجاع ولا استحي . اشتهي كل الذي دونته وكورته ورقة من قماش تحت وسادتي تنقعت بالبلل وذقت ملوحة الشهوات المتساقطة وهي تدنو وسط الحلم تحت جدار المرأة راقصة وانا الذي قال منذ زمن بعيد الاناث رقصهن لذائذ ... الرقص منح المرأة المعلقة على الحيطان في كل غرف المنافي القوة والصمود واحتملت تراكم الشهوات ، انها طاقة الزلزال الذي يخض عظمة الجسد ولا يتهدم ... يظل حيّاً وجباراً وصامداً .... الشهوات جنون دوران الاقمار في المنفى وهو يرسم الهروب والاختباء ، النسيان وانتظار هبوب عطر النوافذ المقتحمة للغرفة وهي تغرد بصوت الانثى ، تهلل منادية حرارة الاحتماء من البرد وتهطل المطر ، يا بحثة عن ختلة عن الوسادة الفواحة بعطر الليالي وهوس الرغبات والذائذ .
انا الذي ما زلت راضياً بالذي قاله الشاعر وردده مرات . انا مجنون . عاشق . لن اصحو .. اجمل شيء في الدنيا هو الجنون / العشق / الفراق . الحلة . قريتي عنانة . لا احد يحبها غيري . انها انانا / العراق . مجنون بها اعرفها عرفت الحب فيها ، وتعلمت كتابة مفردة العشق الذي اعني به عنانة . احبها وغير عارف على التمرد .
كيف اختم الفرح مع المنفى
وكيف طرق بابي الفراغ
والغثيان ، من ادلة على مرآتي ؟
سألملم الوعود التي اغرقتها الالسن الكاذبة
واطمروها في روحي
فقد تعبت من قراءة التاريخ
وانتظار عودة الوطن من شقوق المرايا / ص155ــ156//
الذي يخاف يلوذ حتماً بالجدار
انا الذي يطارده الرعب ، وتلاحقه الفواجع
انا المجنون الذي لا ينسى ما قالته الانثى
حتى انا شعرت بالحياء . انا اشتهي
واخاف ، ومن يلوذ بالسكتة تصفعه الحكمة
الانثى هي الحكمة ، لا اقوى بعيداً عنها .
اشتهي ، استعيد نبض جسدي في اللحظة التي يهتز بها ، يرتعش يختص كله مثل من وقف وسط زوبعة . اشتهي . اريد الاشتهاء لأني بلا وطن الوذ بالمنافي ، اريد الانثى ، اشتهي جسدها وكل ما ينتفض منه وتفز روائحه ، احب وطني المجنون بالأنثى.
انزعي واكشفي المستور . واتركيني اقتحم شهوتك كلها غازياً قوياً ، متمرداً حتى تتبلل الرسائل الخاتلة تحت الوسادة . اريدك ، لأني بلا دار .
اطرق باب المدن ممتلئاً بعزلة البدوي
***************
هل سيخلفك مني هذا النهار الكسيح
مثل خاطري انت يا وطني
روحي ما تزال تطمح ان تلفت انتباهك
الى الحياة
******************
يتراكم الزمن فوق الارصفة
ثم يتلاشى
مثل الظل بالقرب من منفاي،
لكني ما زلت احمل اثقل احلامي بين اسناني
*****************
من المياه الراكدة
ومن عفونة ماء المستنقعات
يمكن النقي ان يصنع اقماراً ومدنا وسماء تعكسها المرايا
الان فقط ،
باستطاعة الشاعر
ان يختار حرفة دفافين الاعمار الضائعة
ويقول ما يشاء من الفواجع
فلم تعد لهم اناشيد الاساطير
او طيور ربما تعود بعد الطوفان
وما قيمة غريب بلا حنين
كون بلا غسقٍ
وبحر بلا قوارب
وما قيمة شعراء بلا ذاكرة
وحبيب لا ينتظر عودة غائب ؟
كل افوار هذه الحياة
ونحن لا نملك سوى بقايا هلال
وعقول تمهد لنفسها طريقاً
الى نواح بعيد ....
وهذا هو عراقنا معلق من حنجرته
اغديت فوق عتبات تاريخه
جراح ... ممتلئة كرقاب الجواميس
*************
فأكاليل الاعراس
لها اشكال خوذ الجنود المهزومين
والطاغية لا يصرح بالأمنيات
واهازيج تقرأ سلاما
لوطن يتقدم اعزل نحو الخراب / ص164 ـــ167//
..............................
لمتابعة نشاطات الاتحاد:
الويب/ الاتحاد:
https://iraqiwritersunion.com/
الفيس بوك/ الاتحاد:
https://www.facebook.com/iraqiwritersunion?mibextid=ZbWKwL
الانستغرام/ الاتحاد:
https://instagram.com/iraqi_writers?igshid=MzNlNGNkZWQ4Mg==
انستغرام متحف الأدباء:
https://instagram.com/writers_museum?igshid=MzNlNGNkZWQ4Mg==
الفيسبوك/ متحف الأدباء:
https://www.facebook.com/profile.php?id=100089542158676&mibextid=ZbWKwL
قناة الأدباء/ يوتيوب:
https://youtube.com/@user-db3ks4fl6m
https://iraqiwritersunion.com/cpadmin.php?mod=addnews&action=addnews