الأديبات العزيزات..
الأدباء الأعزاء..
طاب مساؤكم بالورد والمحبة والسلام، ولأننا نلتقي في مناسبة يوم بغداد، فإنّ ذلك يعني السلام كله، فبغداد التي رسمتها الأقاصيصُ مواسمَ من الربيع، مازالت القِبلةَ والقُبلة، ومازالت الورد حين يفوح، واليمامَ حين يكحّل الأفق بالبياض والمطر.
لذلك، وبمناسبة هذا اليوم الأجلّ، فإنّه لمن دواعي السرور أن يحتفل الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق بهذه العاصمة الشامخة للمدنيّة، والمدينةِ الدائمةِ الخضرة رغم أعاصير اليباس وهي تحاول أن تهجمَ، فتردّها مندحرةً مواكبُ الشبيبة المؤمنين بالحبّ طريقاً والحياةِ منهجاً وسلوكاً.
وإننا إذ نجتمعُ اليومَ في حفل تتويج بغداد بالغار، لا يفوتُنا أن نبعث رسائل المحبة لكل أدباء الوطن، داخله وخارجه، مركزه وأطرافه، إذ كل أدبائنا وفي كل مكان، يحملون وطنهم ومدنهم وعاصمتهم درباً مورقاً لمرور الأفكار النيّرة.
كما نؤكد على موقف الاتحاد الهادف لنشر الثقافة والقيم المدنيّة عن طريق نشاطاته ومؤتمراته ومنشوراته وندواته، وأروقته الزاهرة، في الضدّ من القبح والنشاز، والتزلّف والزحف نحو الخراب.
ونؤكد تقصير المسؤولين في جعل بغداد في مرتبة عالية بين المدن، فبغداد مدينة لا يمكن لها أن تكون إلا بحجم تاريخها، وحضارتها الممتدة في الضمير والوجدان..
بغداد هي بغداد الحلم والواقع، والتقدم والشموخ، لا بغداد التراجع والخوف والتهديد..
بغداد هي بغداد الجموح والزهو، والحاضرة المفكرة المتطورة، لا بغداد الفوضى والتراجع وعدم الاهتمام..
ومن كل ذاك، فإن أدباء الوطن يضعون بغداد بل العراق كله في رقبة المسؤولين المتنفذين، فأقل واجباتهم صناعة المدن اللائقة بأهلها الأخيار.
أيها الأحبة..
إذا كانت بغداد قد اختارت لنفسها موقعاً وسطاً في بياض الوطن، فإن الأدباء قد اختاروها ليتوسّطوها وجوداً وجمالاً، إلا أن مواقفهم اتّخذت سمةً أخرى غير التوسّط، فالوسط في المواقف زور ومهادنة، وما الأدباء إلا مشروعات للمغايرة والعناد المثمر.
فالأدباء يتطرّفون من أجل الثوابت الإنسانية،
يتطرّفون من أجل المعارف،
يتطرّفون من أجل المبادئ الوطنية التي لا يُساوَم فيها، ويتطرّفون من أجل ردّ الظلام والظلاميين، والطغيان والطغاة،
ويتطرّفون من أجل اتحادهم الذي هو بيتهم البغدادي العراقي الكبير.
تمرّ الحمائم كل يوم باتحادكم، تزور تمثال الجواهري، وتقبّل الخطوات التي سار، عليها الكبارُ هنا، وضمّتها لميعة عباس عمارة، وطرّزها صلاح خالص بالبهاء، ومنحها مهدي المخزومي من عبير أنفاسه، وسكب عليها عبد الله كوران من نفائس مواقفه.
كما يمر الطلبة والعمال والباعة والعجلات، يمرّ كل شيء، إلا أن أجمل ما يمرّ باتحادكم هو أنتم، إذ تثابرون على الصومعة فيه أجراساً من النقاء.
فيا أرباب الكلمة الحرة والأصيلة..
مبارك لعراقكم يوم عاصمته المجيد، ومبارك لكم سطوع نجومكم في بغداد التي ستظل هاجس الأدباء من ألف لياليها حتى القصائد العصماء المبدعة، مبارك لكم وأنتم تتشمّسون بقرص النور على جدارية جواد سليم في ساحة التحرير وتهتفون للبلاد، مبارك وأنتم تخيطون الأزقة والحارات برفارف نبضكم، مبارك لكم كل هذه الرياض الغنّاء.
دمتم مثالاً للتفوّق والتفاني،
وبوركت أصواتكم التي لا تهادن ولا تستكين من أجل رفعة الوطن، وأنتم الوطن، يا سعاة المجد ويا أعراس الثقافة والابتكار.
بغداد ١٦ تشرين الثاني ٢٠٢٢
#الأدباء_نبض_الوطن