يا أبناء الشعب الأبيّ، أيّها الصابرون والمظلومون والمعانون من الفقر والحرمان والفساد وسوء الإدارة، والتهميش..
يا أرباب الكلمة الحرّة والأصيلة، أديبات الوطن وأدباءه..
تمرّ علينا هذه الأيام ذكرى تشرين الخالدة، التي انطلقت جذوتها في الأول من تشرين الأول عام ٢٠١٩، وتتوّجت بهتافاتكم ومواقفكم ودمائكم الطاهرة منذ ٢٥ تشرين الأول ٢٠١٩، والأيام التي تلتها، في سيرورة دائمة نحو الخلاص من براثن الظلم والظالمين.
لقد كان لمواقفكم وكتاباتكم ونضالكم الدور الكبير للإطاحة بعروش المتنعّمين على حساب الوطن، وما زال التعويل قائماً عليكم، لرفض النهج الساعي لجرّ البلد إلى مزيد من الدمار.
لقد خرجت فئات الوطن مدافعة عن حقها في العيش الكريم، رافعةً شعارها الواضح (نريد وطن) في دلالة واضحة على ضياع الوطن وتراكم الخيبات المتسلّطة عليه، فجوبهت بالقتل والقمع والترويع، كما جوبهت بالإصرار على تشويه انتفاضتهم من أهدافها السامية إلى نتائج لم تكن هي هدفهم المطلوب، فقد ابتلي الوطن بحقبة فشلت في إنقاذه إثر حقبة أمعنت في مشروع الفشل، والسبب هو عدم الامتثال الجاد لاحتياجات الشعب وتهميشه.
أيها الصابرون الصامدون..
يمرُّ الوطن اليوم في أحلك ظروفه السياسية، بعد انسداد لا يبشّر بمقبل أفضل، وإذ يراقبُ الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق ما يجري، فإنّه يجد من الضروري قول كلمة الحقّ بوجه كل المحاولات الرامية إلى التضليل وحسم موضوع خطير كموضوع إدارة الوطن ليكون حكرا على سياسيين متنفّذين لم يحوزوا مقبولية الشعب، إذ ظلت الأغلبيةُ مكممةَ الأفواه بسبب تغييب الشرائح المهمّة في المجتمع، إلى درجة ابتلاع المجتمع برمّته وسحق خياراته.
ووسط كل هذه الظروف، فإنّ الاتحاد يقولها بجرأة وصوت عالٍ ومدوّيةً لا تقبل المهادنة..
يقولها بوضوح:
لا.. لنهج المحاصصة في حكم الوطن
لا.. لإعادة تدوير الاختيارات المفجعة للطبقة السياسية المتنفذّة
لا.. لتغييب المواطنين وإغفال دور الفئات المهمّة من حملة العقل والفكر والمعرفة
لا.. لتجاهل مطالب المتظاهرين
لا.. لغلق ملف الشهداء والمعتقلين والجرحى والمغيّبين
وإنّ هذا الرأي يعني عدم القبول بما جرى ويجري من صفقات وضعت الناس أمام الأمر الواقع، ويعني عدم الرضا بآليات المحاصصة التي تجيء كل مرة بمسمىً جديد، ظنّاً من المتنفذين بأنهم سيستطيعون تمرير الأمر على المثقفين، وهيهات هيهات.
لذلك فإن أدباء الوطن يوصلون رسالتهم بليغةً إلى كل المسؤولين، بأنّهم في وضع لا يحسدون عليه من انفضاض الناس عنهم، وابتعاد قراراتهم عن الشعب، وأن لا خيار أمامهم إلا العودة للجماهير الواعية ليحفظوا لأنفسهم ولو قليلاً من الفرص للمضيّ بتصحيح المسار، وقد أعلنها اتحادنا سابقاً، وهو ثابت على رأيه ورؤاه، بأن نظام التحاصص سببٌ رئيس للفساد، وما الإصرار عليه إلا توجّه لإبقاء البلاد في خانة الخسارات.
أيها المواطنون..
أرجعوا بأصواتكم الحرّة نصاب العدل وإن كان (الطريق موحشاً)، ولا تعطوا الزمام لمن يعتقد أن وجوده في منطقة القرار عاصم له من أن يُجابه بالرفض.
أيها الأدباء والفنانون والصحفيون..
أيها المثقفون بكل تخصصاتكم العظيمة..
أيها الشعب كله..
عبّروا عن عدم رضاكم وإدانتكم وسخطكم عمّا يجري من تلاعب بمصائركم، واثبتوا من أجل دماء شهدائكم، حين خرجوا في هذا الشهر المبارك، وهذه الأيام المشهودة، وحنَّوا بعبير أرواحهم المدن، مقاتلين ضدّ الطغيان والطغاة، لقد وقف اتحادكم في سوح التظاهرات منذ انطلاقها، وتوّجها بوقفته التشرينيّة الخالدة، ولم يخصص أدباء الوطن مطالبهم للأدباء فحسب، إنّما عمّموها لإنقاذ الوطن كلّه، ولأنّ الأدباء ضمير الأمة ونبضها، وجب أن ننبّه المسؤولين بأن الأزمة ستتفاقم في المقبل من الزمن، فمعطيات السياسيين لا تبشّر بخطوات جادّة لانتشال العراق من أزمته.
أيّها الأحبّة..
سيظل اتحادكم مع كل القوى المدنية ثابتاً من أجل الحقّ والعدالة، فلا تتنازلوا عن حقّكم في صناعة التاريخ، ولا تتنازلوا عن موقفكم العتيد في بلد حضارته آلاف من السنوات، وسيعلو صوت اتحادكم ولن يجانب الصمت في القضايا المصيرية، فالمثقّف لسانٌ لن يتنازل عن المبادئ الأكيدة، والوطن هو القضية الكبرى والمبدأ الأهم.
أيّها الأعزّة الكرام..
ناضلو من أجل تحقيق مبادئ العدالة الاجتماعية، ورفع الوصاية عن الجماهير وإطلاق الحريات..
كونوا مدافعين عن حقوق شعبكم مثلما تدافعون عن حقوق الأدباء والفنانين والإعلاميين والأكاديميين
فقضية الوطن والشعب واحدة ولا تقبل القسمة، ولا المساومة.
الرحمة والمجد لأرواح شهداء الوطن
عاش الشعب
عاش الوطن
الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق
٢٤ تشرين الأول ٢٠٢٢
#الأدباء_نبض_الوطن